يحملُ اسمهُ ما يعّرف بطبيعته، حيثُ الطيبة دلالته، وسيرة سلوكه، وعلامة حضوره، ولطالما كان قلبه على طرف لسانه، ويحمل نسبه، ما يؤكّد سلالته الوطنية، والنضالية الشجاعة، فهو ابنُ شهيدين، والده عبد الرحيم محمود، وياسر عرفات، مثلما كان يقول هو، ويحمل في روحه، كما عرفناه، فلسطين، حبًا طالما كان يغنيه بين الجرح والجرح، وبين الأمل والتطلع، ولم يكن إعلاميًّا كما قد يقال عنه، وإن كان قد تصدّى لمهمّات إعلامية، في الإذاعات الفلسطينية، من "صوت العاصفة" إلى "صوت فلسطين" وفي هذه المهمّات كان الطيب عبد الرحيم صوت الثورة، ببلاغته الوطنية، في خطابه الفتحاوي، صوتًا واضحًا وقويًا، بقدر قوّة الثورة ووضوحها، ورخيمًا بقدر ما تحمل الثورة، من عذوبة المعنى، ومقترحاته الإنسانية، وجمالياته الموسيقية.
بصوته كان للبيان الوطني صيغة النشيد، وصيغة التلاوة، حين الدعوة إلى مواصلة الصعود في طريق الثورة، نحو فجر انتصارها الأكيد، وفي ومخلص بصوته وسلوكه، وانتمائه، ومحبّته، وحضوره، وبوجه لا يعرف غير الابتسامة، وله رحابة الصدر، ورحابة الكلمة، منحه الرئيس الشهيد ياسر عرفات، محبّة الرعاية الأبوية، وقلده الرئيس أبو مازن، وسام "نجمة الشرف الفلسطينية" من الدرجة العليا تقديرًا واعتزازًا ومحبّة وتكريمًا.
ولم يكن الراحل العزيز الطيب عبد الرحيم حينما كان سفيرًا، لم يكن دبلوماسيًا بالمعنى التقليدي، والمهمات البروتوكولية للدبلوماسي، بل كان المناضل الفلسطيني الإنسان، الصادق الصدوق، الذي استطاع أن ينسج أعمق العلاقات لفلسطين، وأصدقها وأطيبها، في الدول التي كان فيها سفيرًا لفلسطين، بدءًا من الصين الشعبية، ثُمّ يوغسلافيا، ثُمّ جمهورية مصر العربية، ثُمّ المملكة الأردنية الهاشمية، قلّده عاهل الأردن، المغفور له، الملك الحسين بن طلال، وسام الاستقلال من الدرجة الأولى، وقلّده الرئيس الصيني "شي جين بينغ" وسام جائزة المساهمات البارزة، للصداقة الفلسطينية الصينية، ومنحته يوغسلافيا الاتحادية الاشتراكية، وسام العلم اليوغسلافي، وقلده الوزير سيرجي ستيباشن رئيس هيئة الرقابة والمحاسبة ورئيس الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية، وسام الشرف الروسي.
ما ثمّة نص سيكون قادرًا على الإلمام، بقيمة الراحل الكبير الطيب عبد الرحيم، أمين عام الرئاسة وابن "فتح" في هيئاتها القيادية، ما ثمّة نص ولا رثاء فبأيّ الكلمات يمكن أن ترثى الأيقونة والدلالة والقيّمة، وكيف يرثى مَن يظلّ حاضرًا في القلب والتاريخ، لكنّه الحزن على رحيله في هذا الوقت العصيب، وعلى فراقه إنّا لمحزونون، ندعو الله العلي القدير، أن يتقبّله بواسع رحمته، وفسيح جناته، وانا لله وإنّا إليه راجعون.
الطيّب.. "الطيّب عبد الرحيم"
19-03-2020
مشاهدة: 507
محمود ابو الهيجاء
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها