فكرة الوطنية.. فكرة الفداء ورثها الطيب عن والده الشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود، ولأنه كذلك وجد الطيب ضالته في "فتح" أم الوطنية الفلسطينية، وأم الفداء والتضحيات من أجل فلسطين. الطيب لم يحد عن البوصلة، بل هو أحد أركان ورموز البوصلة الوطنية، بوصلة فلسطين الوطن التاريخي للشعب الفلسطيني.
ولأنه كذلك كان من بين القلائل الذين شكلوا النواة الوطنية الصلبة المحيطة بالقائد الرمز ياسر عرفات، ومن ثم حول الرئيس أبو مازن. هذه النواة التي لم ترهن نفسها وولاءها إلا لفلسطين والقيادة الوطنية الشرعية للشعب الفلسطيني. كان ابن فلسطين وابن "فتح" الذي لم يهتف لغيرها ولغير فلسطين، لذلك اختار الإعلام، اختار الإذاعة، التي كانت أمضى سلاح تعبوي، اختار صوت العاصفة صوت فلسطين ليكرس ويعزز الهوية الوطنية، ويزرع الوعي المبكر بأهمية هذه الوطنية، أساس وحدة الشعب وحشد طاقاته لمعركة التحرير للفداء والتضحية من أجل فلسطين وفي مواجهة المشروع الصهيوني وروايته الزائفة.
الطيب كما عرفته كان كالصقر يراقب، وعندما يرى ثغرة في الجدار كان يهب للتصدي والدفاع عن الشرعية الوطنية، عن معنى ومغزى فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية وقرارها الوطني المستقل، كان الطيب من بين القلائل الذين فهموا هذا المغزى بعمق ودافع عنه بشراسة وعمل على تكريسه في الوعي الوطني في الذاكرة الجماعية للشعب الفلسطيني، لأنه دون فهم هذا المغزى يسهل تسلل أصحاب الأجندات والمشاريع الخارجية إلى الحسم الفلسطيني.
أنا شخصيًا أفخر أنني تلميذ الطيب، وماجد أبو شرار، وأحمد عبد الرحمن، الذين أعطوني جوهري ومضموني الوطني الحقيقي والنقي. إنهم خير من فهم فتح باعتبارها حركة الشعب الفلسطيني الوطنية، لا ولاء لها إلا لفلسطين في الجغرافيا والتاريخ، هي نبض الشعب الفلسطيني والمعبر عن إرادته الوطنية المستقلة. الرحمة لروح الطيب ولكل قادة الشعب الفلسطيني الوطنيين، ستبقى ذكراك، وذكراهم الطاهرة محفورة في ذاكرة الأجيال، الشمعة التي تنير طريقنا نحو الحرية والاستقلال.