يهل الميلاد المجيد للسيد المسيح عليه السلام هذا العام، والشعب الفلسطيني يواجه تحديات أكثر شراسة من قبل سلطات الاستعمار الإسرائيلية وشريكتها الإستراتيجية في الحرب الولايات المتحدة الأميركية. فضلا عن التحدي الداخلي الأخطر، اي الانقلاب الحمساوي الأسود، الذي مضى عليه 13 عاما. ومع ذلك ابناء الشعب عموما، وأتباع الديانة المسيحية من مختلف الطوائف الغربية والشرقية تستبشر خيراً بميلاد السيد المسيح. لأنه كان، ومازال حاملا للبشارة، وللفرح وللعيد والسلام. كيف لا يكون كذلك، وهو التلحمي الفلسطيني، ابن هذه الأرض، التي احتضنته، وشهدت دعوته ومعجزاته، وعظمة تعاليمه.

ومن تابع التطورات التي تتلاحق على الأرض الفلسطينية، لاحظ انها عشية الميلاد المجيد تعمدت ببشارة خير، تمثلت بموافقة مبدئية من المدعية العامة لمحكمة الجنائية الدولية، فوتا بنسودا بالقبول بالدعاوى القضائية الفلسطينية، بعد ان تأكدت من وجود قرائن على جرائم الحرب الإسرائيلية. كما ان مناسبة عيد السيد المسيح، عليه السلام تحمل بشارة أخرى، تشير إلى اقتراب الإعلان عن الشركات المتورطة في العمل داخل المستعمرات الإسرائيلية. وكلا الخبرين ذات دلالة قانونية واقتصادية في دعم كفاح الشعب الفلسطيني، وتعزيز وترسيخ مكانته في مواجهة التحديات المفروضة عليه. وكأن روح السيد المسيح تقف إلى جانب شعبه الفلسطيني، الذي لم يستسلم، ولم يذعن لإرادة وإملاءات الأعداء وعملائهم من مختلف المسميات والعناوين، ومازال يقاوم على كل الجبهات السياسية والدبلوماسية والشعبية والقانونية والاقتصادية والثقافية حتى تحقيق النصر المبين في بلوغ كامل اهدافه الوطنية في الحرية والاستقلال وتقرير المصير والعودة.

ومع ذلك هناك جهات داخلية ووفق أجندات إقليمية ودولية تعمل على تعميق عملية التشظي والانقسام داخل صفوف الشعب، وتحاول جاهدة اختطاف الوطن إلى متاهات جديدة لتوسيع دائرة الانقلاب الإخواني في محافظات الجنوب، ونقله عبر مسميات مختلفة إلى الضفة الفلسطينية من خلال افتعال معارك وهمية عنوانها "التصدي لاتفاقية سيداو"، التي أنصفت المرأة، ومنحتها حقوقها، واختيارها هذا الوقت بالذات لم يكن من باب الصدفة، لاسيما وان السلطة الوطنية وقعت على الاتفاقية المذكورة منذ عشرة اعوام خلت. وبالتالي إثارة الموضوع الآن مقصودة، وجاءت عن سابق تصميم وإصرار، مع ان القيادة الفلسسطينية أرفقت توقيعها على الاتفاقية بربطها بما ينسجم مع النظام الأساسي الفلسطيني (الدستور)، والذي لم يحد عن وثقية الاستقلال، التي تبناها المجلس الوطني عام 1988، وكلاهما يحترم معتقدات الشعب، وفي ذات الوقت يرفض غبن المرأة، والاستهتار بحقوقها السياسية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية.

على الشعب وهو يحتفل بمناسبة عيد الميلاد المجيد والعظيم تتطلب المسؤولية الدينية والأخلاقية والسياسية من أتباع الديانات السماوية المسيحية والإسلامية التركيز في منابرهم وخطبهم على التمسك بالوحدة الوطنية، ورفض الفتنة، والانتقاص من مكانة ودور السلطة الوطنية ومرجعيتها منظمة التحرير، والكف عن التخوين والتكفير، لأن الحملة المشبوهة والمغرضة تحت عنوان التصدي لسيداو لا تخدم سوى إدارة ترامب واتئلاف بنيامين نتنياهو اليميني المتطرف والمعادي للشعب. وبالمقابل لا يجوز السماح للأصوات الناعقة والتكفيرية وباسم "الإسلام" الارتفاع، بل يجب طمسها، وإخراسها. لأن مناداتها بحرمان ابناء الشعب من الاحتفالات الدينية بميلاد السيد المسيح، مرفوضة جملة وتفصيلا، وهي دعوة خرقاء ومأجورة، وهادفة ايضا لخدمة اهداف الأعداء المتربصين بوحدة الشعب. وتقع المسؤولية الأساسية على كاهل ابناء الشعب ونخبه الوطنية والثقافية والأكاديمية والإعلامية للتصدي لتلك الجماعات المارقة في قطاع غزة، لأنهم خطر على وحدة الشعب ومستقبله الوطني.

في عيد الميلاد المجيد للسيد المسيح، عيد الخير والسلام والتسامح والمحبة، وعيد الأمل والبركة، لا تفوت فرصة توجيه التحية والمباركة بالعيد لكل ابناء الشعب من اتباع الديانة المسيحية من كل الطوائف ، والتمني لهم ولعموم شعبنا بالانتصار والسلام والعيش الآمن والكريم على أرض دولته الوطنية المستقلة والسيدة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، وضمان العودة للاجئين لديارهم على اساس القرار الدولي 194. والتمني على اهلنا في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل تعزيز عوامل الوحدة، والاستعداد الجيد لانتخابات الكنيست الـ23 للارتقاء بمكانتهم في الكنيست القادم، ولرفع مستوى حضورهم في المشهد والدولة الإسرائيلية لحماية مصالحهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية . وكل عام والشعب الفلسطيني في الوطن والشتات والمهاجر بخير، وشعوب الأرض بخير وسلام.