من غير رادع ومن دون تعليق من أحد -إلّا من أصحاب الشأن- أخذت (إسرائيل) توسِّع من عدوانها وهي تتنقَّل بين عواصم عربية من بغداد إلى دمشق فبيروت، موجِّهةً عدّة ضربات جوية لمواقع فيها قالت إنّها لإيران. العواصم الثلاث أعلنت احتفاظها بحقِّ الرد كما في مرّات سابقة، و(إسرائيل) لم تُلقِ بالاً لذلك، فهي وإن أخذت تهديدات "حزب الله" على محمَل الجد أكثر من غيرها، إلّا أنَّها ظلَّت تهدِّد بمزيد من الضربات.
لكنَّ المفاجئ في الأمر أنّه وبعد ساعات معدودة من تهديدات "حزب الله" كانت غزّة تُطلق رشقات من الصواريخ على عدد من المستوطنات القريبة من القطاع، و(إسرائيل) تقصف مواقع للمقاومة في غزّة، فيما أعلن مصدر في المقاومة الفلسطينية أنَّ الأخيرة ستدخل على خطِّ المواجهة في حال نشبت مواجهة بين (إسرائيل) وأيٍّ من إيران أو "حزب الله".
في الغالب فإنّ هذا التصريح وما سبقه من إطلاق الصواريخ كان من الجهاد الإسلامي التي لديها تفاهمات سابقة مع طهران لكونها محورًا للأخيرة في الإقليم، رغم أنَّ (إسرائيل) وجَّهت أصابع الاتهام إلى "حماس" باعتبار أنَّ ما جرى هو نتاج لقاءات نائب رئيس المكتب السياسي لها صالح العاروري في طهران.
وبغض النظر عن ذلك والذي بالتأكيد حصل بمعرفة الحركة الحاكمة لغزّة، فإنَّ المؤكَّد أنَّ طهران التي لا ترغب في فتح جبهة مباشرة مع تل أبيب تدفع بوكلائها في الإقليم كي يردوا على هجمات (إسرائيل)، مثلما هو الحال أيضًا بالنسبة لنتنياهو الذي لا يريد من هذه الهجمات سوى تحقيق مكاسب انتخابية دون الدخول في حرب واسعة مع إيران أو مواجهة طويلة مع "حزب الله" أو "حماس" على الأقل خلال هذه الفترة.
الفلسطينيون وعلى مدار ثوراتهم المتعاقِبة بدءًا من عشرينيات القرن الماضي وصولاً إلى الثورة المعاصرة لم يكونوا ورقةً بيد أحد، وإنَّما كانت ثوراتهم ومواجهاتهم مع الاحتلال نابعةً من أنفسهم على قاعدة القرار الفلسطيني المستقِل، لكنَّ "حماس" كسرت هذه القاعدة وهي تتنقَّل في أحضان العديد من دول الإقليم بحثًا عن نفسها وعن تثبيت كيانها دون النظر إلى المصلحة الشمولية الأوسع للفلسطينيين الذين عليهم أن لا يُجازفوا بقضيتهم في رهان التجاذبات الإقليمية.
إنَّ الزجَّ بقطاع غزّة في أيِّ مواجهة قادمة لحساب جهات إقليمية ما هو سوى انتحار، فغزّة التي دفعت الثمن وحدها في ثلاث حروب سابقة ما زالت تعيش مآسي هذه الحروب والحصار الذي يبقيها في عزلة وفقر.
زجُّ غزّة في حربٍ بالوكالة انتحار
30-08-2019
مشاهدة: 238
ماجد سعيد
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها