مع اقتراب موعد الانتخابات الإسرائيلية للكنيست الـ22 المقرّرة في 17 أيلول/ سبتمبر المقبل تُلِح الضرورة على التوجّه لأبناء شعبنا الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة لتحفيزهم للاستعداد للانخراط في الحملة الانتخابية، والاستعداد الجدي للتوجه لصناديق الاقتراع في دوائرهم، بغض النظر عن عتبهم، أو استيائهم ونفورهم، وحتى كفر بعضهم بسياسات القوى المشكلة للقائمة العربية المشتركة بسبب ممارساتهم السابقة، وعدم اهتمامهم الجدي بالانتخابات، وركونهم على نبل وحرص الجماهير الفلسطينية على الدفاع عن ذاتها من خلال التصويت للقائمة. ولافتراض بعضهم أنّه ناجح في الانتخابات القادمة، لأنه احتل موقعا متقدما فيها، وبالتالي لا يشعر بضرورة التحرّك للقاء الجماهير الفلسطينية العربية، ويعمل على توفير المبالغ التي حصل عليها للحملة الانتخابية لجيبه الخاص، وكأن الحملة الانتخابية لا تقتصر على الفوز بالمقعد، بل وأيضًا بتكنيز أموال الحملة الانتخابية في أرقام الحساب. بالمقابل ممثلو الكتل والأحزاب الصهيونية يتحركون في الوسط الفلسطيني بحيوية وبقوة ونشاط، وفتحوا مراكز انتخابية لهم في المدن والبلدات الفلسطينية، ويخاطبون الجماهير برؤاهم، وببعض همومهم التفصيلية والنفعية الصغيرة بعيدا عن المسألة السياسية.
مع أنَّ الأجدر بالتحرك في أوساط الجماهير الفلسطينية العربية، هم مرشحو القائمة المشتركة، الذين يفترض فيهم، أنّهم الأكثر تعبيرًا عن مصالح الجماهير الفلسطينية العربية على المستويات المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والديمغرافية والبيئية.
ومع ذلك فإن المصلحة الخاصة والعامة لكلِّ فرد من أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل تحتم عليه التوجه لصناديق الاقتراع، وتجاوز الهنات والسقطات لممثلي القائمة المشتركة، لأنّ التصويت يمثّل انتصارًا للمواطن الفلسطيني على هزيمته الداخلية، وانتزاعا لدوره ومكانته الإيجابية والمقررة في المجتمع، الذي يعيش بين ظهرانيه.
أولاً؛ وانتصارا لحقوقه في الحياة الكريمة، وفي تعزيز مكانة التعليم الأفضل، والخدمات الصحية المناسبة، والتأمين لحقوقه القانونية والمالية.
ثانيًا؛ وتشكل عملية التصويت تعزيزا لمكانة ممثليهم في الكنيست القادمة، وتكريسًا لدورهم المقرر في السياسة الإسرائيلية، والإسهام المباشر في مستقبل أيّة حكومة إسرائيلية، أو كما يُقال، يشكّلون بيضة القبّان هم، وليس ليبرمان أو غيره من القوى الصهيونية المتطرفة.
ثالثًا؛ ومن خلال زيادة عدد ممثّلي فلسطيني الداخل في البرلمان يمكن الحد من صعود القوى الفاشية الصهيونية، وحرمانها من تشكيل الحكومة القادمة، وبذات الوقت، الإسهام في تعزيز دور القوى السياسية القابلة للقسمة على صناعة السلام بالمعايير النسبية، أو على الأقل تمهيد الطريق لإعادة الاعتبار لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967، وبالتالي تكريس الوجود الفلسطيني كرقم صعب، وكأقلية قومية أصيلة برؤى برنامجية واضحة المعالم شاء اليمين المتطرف أم أبى، وإسقاط قانون "القومية الأساس للدولة اليهودية"، ودفع مبدأ المساواة قدمًا للأمام.
 رابعًا؛ ومن خلال زيادة عدد النواب في الكنيست يمكن الإسهام بإسقاط صفقة القرن الأميركية، وتطويق كلّ المؤامرات على حقوق ومصالح الشعب الفلسطيني في مختلف التجمعات الأساسية في الوطن والشتات بالإضافة لمناطق الـ48.
 خامسًا، ولكنّ في حال استنكف الفلسطيني العربي عن التصويت تحت ضغط أسباب وحجج مختلفة، رغم أنَّ بعضها ومن الآن يمكن الجزم، إنَّها صحيحة، فإنَّ النتائج السلبية ستكون مضاعفة على الكل الفلسطيني دون استثناء، ومنها:
أوّلاً، ازدياد شراسة العنصرية والكراهية، وتعزيز مكانة القوى الفاشية الصهيونية في تشكيل الحكومة القادمة، وتنفيذ قانون "القومية الأساس"، وتنفيذ عمليات تطهير عرقية ضد أبناء الشعب في فلسطين التاريخية، خاصة في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة من خلال مضاعفة هدم البيوت، ورفض إعادة النظر بالخرائط الهيكلية ومسطحات البناء للمدن والبلدات والقرى الفلسطينية، وامتهان الحقوق والمصالح الفلسطينية السياسية والاقتصادية والقانونية والديمغرافية  الاجتماعية، وملاحقة اللغة والثقافة الوطنية والقومية العربية.
ثانيًا، غياب الصوت الفلسطيني العربي يعني غياب البرنامج السياسي والمطلبي، وتهميش الكينونة الوطنية والقومية الفلسطينية العربية، وزيادة الانقسام والتشظي داخل الوسط الفلسطيني، وزيادة عمليات الاغتيال والقتل، وانتشار سلاح المافيات والعصابات المأجورة والعميلة لأجهزة الأمن الإسرائيلية، وفتح شهية القوى الصهيونية المتطرفة لارتكاب أبشع وأقذر الانتهاكات الإرهابية ضد كل أبناء الشعب في داخل الداخل وفي أراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967، وإطلاق يد عصابات وقطعان المستعمرين ليعيثوا فسادا وفجورا في الأرض الفلسطينية، ويهددوا بوحشية زائدة فرضية إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والسيدة، وتصفية قضية عودة اللاجئين، وبالمقابل السماح لتمرير صفقة القرن المشؤومة.
صوتكم هو هُويتكم، وشخصيتكم الوطنية، ومستقبلكم، وهو الحامل لانتزاع حقوقكم المذكورة كلها أعلاه. لا تتهاونوا، ولا تتخاذلوا في انتزاع حقكم، والدفاع عن مكانتكم. وكونوا أنتم الدافع والمحفز لكل ممثليكم، لأنّ يكونوا على مستوى الحدث والمسؤولية السياسية التاريخية، وأخرجوهم من حساباتهم الضيقة والشخصانية، وحرّروهم من أهوائهم ومنزلقاتهم الصغيرة، وانفضوا الغبار عن الوهن السائد في المشهد الفلسطيني العربي، ووحّدوا كل فلسطيني عربي من بدو النقب إلى بني معروف إلى كل فلسطيني عربي بغض النظر عن ديانته أو جنسه أو فكره أو لونه للدفاع عن حقوقكم ومصالحكم، ومصالح شعبكم كلها. صوتكم رهانكم للمستقبل.