هدَّد قادة من الجهاد الإسلامي بالدخول على خط المواجهة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي ومعاقبته حال العدوان على ما وصفوه بمحور المقاومة ونشوب معركة بينه وبين حزب الله.
وقبل أسابيع قال نائب رئيس المكتب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين فرع فلسطين المسمّى "حماس"، إنَّ جماعته "في خط الدفاع الأول عن إيران"!!!
إذًا فلسطين بالنسبة للجهاد و"حماس" خارج أهداف أي حرب قادمة، فهما ومن معهم سيخوضون حربًا بالوكالة، أي نيابة عن إيران.. ولكن بما أنَّ لكلِّ حربٍ ضحايا فإنَّ مليوني فلسطيني في قطاع غزة سيكونون عربون (الوكالة) التي تقاسمتها الجماعتان، فيما المشغّل الرئيس في طهران لا ينوبه من جحيم الحرب إلّا شهادات وبيانات الانتصار الرباني والإلهي الذي ما كان ليتمَّ لولا دعم الأسياد هؤلاء اللا محدود!!
يستطيع مشايخ "حماس" كما يستطيع مشايخ الجهاد الإسلامي تبرير تحالفاتهم (اللا مقبولة فلسطينيًّا) ويستطيعون وصل الليل بالنهار وهُم يتحدّثون عن محور المقاومة والممانعة على ضوء القنابل الضوئية للجيش الإسرائيلي في سماء قطاع غزّة، وتحت زنّ طائرات الاستطلاع وغارات الـ(F16) الوهمية والفعلية وحتى رغم أصوات انفجارات قذائف وصواريخ جيش نتنياهو الاحتلالي، كما بإمكان هؤلاء إقحام قطاع غزة في الجحيم متى قرّرت طهران ذلك، حتى لو بلغت تفاهماتهم مع أركان جيش نظام تل أبيب العنصري مرحلة (العشق والغرام). فالأهم وقبل أي اعتبار أو حساب لقيمة الإنسان الفلسطيني وقدسية روحه، هو تنفيذ مطالب المموّل بدون تردُّد، حتى لو كان ثمن ذلك نسف المصالح العليا للشعب الفلسطيني، ورفع درجة حرارة الموت العبثي والمجاني على مقياس هذا القطاع المخطوف من الجغرافيا الفلسطينية، المحبوس في سجن المشاريع الإقليمية ولو كان ثمن ذلك أيضًا تقليص مساحة الأمل بالحياة في قطاع غزة، وانزال درجة حرارتها في شرايين أدمغة المواطنين في غزة إلى درجة التجمُّد.. لكنَّ السؤال الأهم: ما موقف المشرَّدين من بيوتهم المدمّرة في حروب "حماس" جميعها منذ العام 2007؟ ما موقف الذين فقدوا أبناءهم، والشباب الذين فقدوا أطرافهم، والذين يعانون الأمرَّين للحصول على رغيف خبز لا يضطّرون لتغميسه بالمر والحنظل؟!
ما موقف الأمهات والآباء؟ ما موقف الفقراء والأغنياء على حدٍّ سواء؟ ما موقف الذين يحتشدون في المناسبات ويرفعون رايات أحزابهم وقواهم وجبهاتهم وحركاتهم؟ ما موقف ممثّلي القوى الوطنية التي تمثِّل أو من المفترض أنّها الصوت الجهوري القوي للذين كُتِمَت أصواتهم؟!
هل سيقبل هؤلاء تحويل قطاع غزة إلى مسلَخ كبير تُجَزُّ فيه رؤوس الغزيين وتُسلَخ جلودهم ليُباعوا لحومًا طرية في (بازار طهران) وبازارات المشاريع الإقليمية؟! وكذلك في بازار الذين بقوا بمواقع المتفرّجين عندما تفرّغ جيش الاحتلال الإسرائيلي لتجريب فعالية أسلحته الفتّاكة المدمّرة في أجساد وبيوت الفلسطينيين في غزة في حروبه الرئيسة الثلاث منذ العام 2008 بعد انقلاب "حماس" في العام 2007، حتى أنّهم لم يُطلقوا ولو رصاصة بندقية من باب رفع العتب!!
يستطيع (وكلاء الحروب) إدخال قطاع غزّة بسكانه الفلسطينيين المليونين في حرب لم يقرّرها الشعب الفلسطيني ولم تقرّرها قيادته الشرعية، لكنَّ جماهير الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وبتضامن جماهير الشعب الفلسطيني في الضفة والقدس وفي مخيّمات اللاجئين وكل الفلسطينيين في العالم بإمكانهم، ليس إن شاءوا وحسب بل يجب علينا وعليهم كبح جماح هؤلاء ومنعهم عن ارتكاب جريمة خيانة بكل ما لهذه الكلمة من معنى، فالحروب بالوكالة خيانة. أمّا إذا أصرَّ هؤلاء على ارتكابها فإنَّهم بذلك يكونون كمن حكم على نفسه بجزائها وعقابها.
وأخيرًا فقد توقّفت عند دعوة الإخواني في "حماس" مروان أبو راس لاجتثاث ما وصفه بالفكر التكفيري من غزة لخطورته وإجرامه، وقوله: "إنَّ كلَّ مَن يشهر سلاحه في وجه مسلم مجرم"، وهنا نقول: "الإجرام والتكفير ليس من الفكر، وإنَّما رجس من عمل الشيطان، ومَن يزرع الشوك عليه ألا يأمل بجني الورد منه، وإن كان حكمه بتجريم كلِّ مَن يرفع سلاحه على وجه ورأس وصدر مسلم بغرض القتل، فإنّه بذلك قد حكم وقضى بفعل الجريمة على كل مشايخ "حماس" من أولهم الذي على رأس المكتب السياسي إلى كل مسلّح طاع أوامرهم بقتل مواطنين فلسطينيين مسلمين، فأسماء الضحايا (الشهداء) مع تاريخ وقوع الجريمة محفوظة ومؤرشفة.. فكّروا يا فلسطينيين يا وطنيين.. وخذوا من فتوى أبو راس دليلاً على إدانة جماعته بالجريمة.