قبل أيام كنت في مهمة عمل بمحافظة الخليل، بطريقي كنتُ أشاهد كروم العنب التي يمتلكها المستوطنين المجاورة لمستعمراتهم، على طريق تلك الكروم كان هناك لوحات إعلانية متنوّعة ترويجية للعنب والنبيذ بأنواعهما المختلفة، أغلب الطريق وهذا المشهد يلاحقني ممّا جعلني أفكر في المثل الشعبي القائل "بدك العنب ولا تقاتل الناطور".
ذلك المثل الشعبي أخذني أيضًا لواقعنا الحالي لأفكر به طول الطريق.. تتسارع الأحداث حولنا على الأصعدة كافّةً ونحن كما نحن، وربما نُكابر ونُكذّب على أنفسنا لأنّنا نعلمُ بأنّنا بتراجع ولسنا كما نحن، لا سلم أو حرب أو مفاوضات مع المُحتل، لا مصالحة أو انقسام مع "حماس"، لا انتخابات رئاسية ولا تشريعية وبقاء الحال كما هو، سياسة انعدام السياسية، وخطتنا عدم وجود خطة!!
أصبحنا جميعًا غير مكترثين بالواقع، ولا نتعامل معه كما يجب أن نتعامل كشعب وقيادة تحت الاحتلال، ووصلنا لمرحلة بأن كل فرد فينا يبحث عن مربعه الصغير دون أي اكتراث في الإطار العام وكيفية إعادة بنائه وتقويته من أجل الاستمرار في مسيرة النضال والكفاح حتى تقرير المصير.
من يُتابع الأخبار الدولية والمحلية يجد ببساطة أن واقعنا الفلسطيني في حالة يُرثى لها للأسف، وعلينا أن نكون صادقين مع أنفسنا لمعرفة أين نقف؟ اذا ما كنّا حتى هذه اللحظة واقفين!! ما أريد قوله بأن الكُل الفلسطيني اكتفى بالحالة التي وصل لها، ورضي أن يلعب دور المشاهد فقط دون أي فعل وفي أفضل الحالات خطابات وشعارات ومزايدة على بعضنا البعض.
أستيقظ من هذا التفكير وأنا أشاهد بين دوالي الكروم المستوطنين يقطفون ثمار العنب ويمرحون، مشهد جعلني أسأل ذاتي ماذا فعلنا كي نستعيد هذه الكروم لأصحابها، نعم نحن نريد العنب ونريد أن نقاتل الناطور لأنه هو الحرامي ومن اغتصب أرضنا بالأساس.
لكن كما قلت بالسابق نحن سياسة اللا سياسية وخطتنا أن لا نمتلك خطة، ممَّا جعلنا نفقد العنب وبكل حزن أقول أنَّنا لم نقم بواجبنا من أجل مواجهة الناطور ولو بالمحافل الدولية، مع الأخذ بعين الاعتبار بأنّ مواجهة الناطور هو أكثر فعل نستطيع النجاح به إذا ما وضعنا خطط مختلفة لتعرية الناطور أهمها مقاطعة بضائع ومنتجات المستوطنات.. آن الأوان أن نسترد عنبنا المنهوب والمستوطن ليس هو الناطور.
لم نحصل على العنب.. ولم نُقاتل الناطور
29-08-2019
مشاهدة: 505
رامي مهداوي
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها