مرّت القضية الفلسطينية بتحديات وصعوبات عاشها أبناء الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 بشكل مكثف وما زال أبناء شعبنا يمروا بصعوبات .

طبعاً بقيت أعوام 1948 و1967 هي أصعب المراحل التي مر بها الفلسطيني وباتت هذه السنوات مرتبطة بمسميات تعبر عنها حيث أُطلق على عام 1948 (النكبة) وعام 1967 (النكسة)، وبات هناك ما يسمى بجيل النكبة وجيل النكسة .

وطبعًا من عام 1948 وحتى الآن هناك أحداث عامــــة على المستوى العربي والعالمي أثرت في الفلسطيني وفي القضية الفلسطينية وحضورها وتأثيرها وأهميتها ولأكون صادقًا مع نفسي ومع القارئ الكريم يجب أن نٌقر معًا بأن حضور وتأثير وأهمية القضية الفلسطينية تراجعت عما كانت عليه بفعل عوامل إقليمية ودولية وكنتيجة للإنقسام الفلسطيني وللضعف العربي .

عشنا وما زلنا نعيش صعوبات كبيرة جعلت التأثير السياسي للحدث العربي والإقليمي والدولي يشمل الكل الفلسطيني وفي كل مكان، ولن أدخل تفصيلاً في هذا الأمر ولكن ضعف أي دولة عربية وتقسيمها يضر بنا تماماً ولهذا نحن مع إستقرار الدول العربية بغض النظر عن الإختلاف في المواقف وهذا وارد ونحن مع الوفاق العربي العربي ونحن نرفض إستغلال أي قضية ضد الدول العربية بهدف إبتزازهـــا وإضعافهــــا .

طبعاً مررنا بالكثير ودفع أبناء شعبنا البطل ومعه العديد من أبناء أمتنا العربية في كل مكان ثمن التحول من قضية لاجئين إلى ثورة، ثورة نعتزبها ويعتز بها كل أحرار العالم ويقف معها كل شريف، فقد جعلت هذه الثورة العظيمة فلسطين وشعبها على الخارطة السياسية وتحقق هذا بفعل التضحيات وبفعل الوعي الدقيق للواقع السياسي الوطني والإقليمي والدولي وبالعمل السياسي والدبلوماسي الحكيم وبالفكر والممارسة .

ويشرفنا جميعاً كأبناء شعب فلسطين بأن موقع القيادة لدينا مرتبط دوماً بالتضحية والشهادة والصمود .

وعندما نتحدث عن الشهادة والصمود والهوية فنحن حتماً نتحدث عن حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وقيادتها التاريخية وفيها عدد الشهداء يفوق من بقي من الأحياء الحافظين للعهد والمدافعين عن الحقوق والرافعين للراية الآن في وجه الاحتلال والقوى الداعمة له حتى ولو كانت هذه القوى هي أكبر وأهم دول في العالم .

ينطبق هذا الأمر على الجميع مع تفاوت فيما قدمه كل فصيل من فصائل شعبنا من أجل القضية، ينطبق الأمر على حماس والشعبية والديمقراطية وجبهة التحرير الفلسطينية وحزب الشعب والجهاد وغيرها من منظمات ولكن وبلا تردد لم يٌقدم أي فصيل سياسي شهداء وأسرى وجرحى في سبيل القضية العربية الفلسطينية كما فعلت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح).

ومع كل التحديات التي عاشها شعبنا ومع وجود الكثير من التباين السياسي والفكري بين المنظمات الفلسطينية وبالتالي بين أبناء شعبنا، ومع تشتت أبناء شعبنا في العديد من الدول التي أثرت في الفلسطيني وموقفه وشخصيته ولكن بقي هناك ثوابت وطنية واجتماعية .

بقي هناك ثوابت وطنية واجتماعية جامعة للكل الفلسطيني .

ثوابت وطنية واجتماعية لا نفرط بها ولا نتنازل عنها وأهمها هويتنا ووحدة شعبنا وقد جعلت هذه الثوابت الفلسطيني يقف إلى جانب الفلسطيني بغض النظر عن أي إختلاف أو تباين .

فعندما نتحدث عن الشهداء والثوابت الوطنية والقيم المجتمعية والدين الوسطي وقبول التنوع وإحترام العادات والتقاليد والإهتمام بالتعليم فلقد أثبت شعبنا في كل مكان بأنه لا يتغير في ثوابته بغض النظر عن الظرف والمكان والزمان ولكن وللأسف بات في زمننا هذا هناك مستوى غير مقبول من الجلد للذات والإعتقاد بالتفوق على الأخر ورفض التنوع والتسرع في إصدار الحكم بالخيانة والكفر على المخالف بالإضافة إلى وجود حالة غير معقولة من التشويه والشتم والإستهزاء بالفلسطيني من قبل الفلسطيني على خلفية الإختلاف أو التباين .

وللأسف هناك حالة غير مفهومة من التشويه لكل إنجاز وهناك ظاهرة التعميم فلو أخطأ شرطي يكون الهجوم على جهاز الشرطة ولو تم إكتشاف عميل في هذا التنظيم يكون التنظيم عميل !!!!

هذا الإنقسام الحدي الفلسطيني وهذه السخرية الداخلية وهذا التشكيك والتخوين والتكفير وهذا الخلاف الطولي والعرضي في الحالة الفلسطينية وهذه العزلة عن الهوية العربية مع تصاعد ظاهرة ثوريي الفيس بوك وأبطال التواصل الإجتماعي وكل ما في ذلك من سلبيات هو نذير شؤم ومقدمة لهزائم أكبر يكون فيها الخاسر هو شعبنا .

بالمختصر ...

الحالة تعبانة يا فلسطين .

ولتجاوز حالتنا التعبانة هناك ضرورة لتعزيز وحدة المجتمع بكل أماكن تواجده وبكل ما فيه من تنوع ديني وطبقي وسياسي وإجتماعي وإقتصادي ومعرفي وجغرافي وبغض النظر عن الأصول وهناك ضرورة لإعادة التأكيد على الثوابت الوطنية والإجتماعية وهناك ضرورة لتوسيع المشاركة السياسية في القرار ويجب على الكل الفلسطيني العمل الجاد على تعزيز الهوية الوطنية الفلسطينية .