فلسطيننا

استمعت الى كلمة الرئيس ابو مازن مساء الجمعة 16-9-2011 التي أكد فيها أن لا رجوع عن خيار القيادة الفلسطينية بالتقدم من مجلس الأمن لكسب العضوية الكاملة لدولة فلسطين، فكلمة الرئيس جامعة مانعة، فلا رجوع الفلسطينية، هي غيرها التي اطلقها القذافي ثم اندثر. فالقذافي كان يلهث وعيناه تزوغان في البعيد وهو يرفل بالدمقس المذهب من رأسه حتى قدميه، وعلامات هزائم الأباطرة وأساطين الأزمنة الغابرة بادية عليه، وهزيمته كانت في أعماقه. لا رجوع – الفلسطينية – لها نكهة ومذاق آخر، وستحتم المواجهة مع "الفيتو" الأميركي. فهذه المواجهة هي شرّ لا مفرّ منه، سياسياً اميركا مستنفرة وتريد ان تهيمن على القرار الأوروبي من اجل التصويت ضد الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود 1967، وتهدد الفلسطينيين من مغبّة خيار الذهاب الى مجلس الامن، او الجمعية العامة للامم المتحدة، وأبلغت السلطة الفلسطينية رسمياً بأنها ستستخدم حق النقض (الفيتو)، وستقوم بقطع المساعدات، وصرحت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية فكتوريا نولاند "ان خيار نيويورك برمته ليس مفيداً"، وحاول مساعد المبعوث الاميركي الخاص للشرق الاوسط دافيد هيل، والمستشار الخاص للرئيس اوباما لشؤون الشرق الاوسط دنيس روس تغيير موقف الرئيس عباس ولكنهما فشلا. فالرئيس محمود عباس فاجأ الجميع بنية الذهاب الى مجلس الأمن وليس الى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهذا المكان يحرج الولايات المتحدة الأميركية. يريد الاميركان من الفلسطينيين العودة الى خيار المفوضات المباشرة، ونسي هؤلاء انهم على مدار عقدين من الزمن. لم يفلحوا في تحقيق اي تقدم، ناهيك بالشعارات التي ترفعها اسرائيل باستمرار لا لحق العودة – لا للقدس عاصمة لدولة فلسطين، لا لقضايا الحل النهائي لا لحدود 1967. فاسرائيل لم تترك بارقة امل الا وأفسدتها في كنف المفاوضات المباشرة! فكيف تكون الولايات المتحدة الاميركية راعية للسلام في الشرق الاوسط ونزيهة، وعادلة، وحيادية، وهي الحامي الاول لاسرائيل وراعيتها من الحذاء الى القبة الحديدية؟ فأميركا مدججة بكامل سكاكينها للمنازلة. فما علينا سوى حسم الخيار، ووضع المجتمع الدولي امام مسؤولياته. " إذا غامرت في شرف مروم / فلا تقنع بما دون النجوم"، وهذا ما اختاره الرئيس ابو مازن بأنه يريد الأصل وليس الفرع اي بالذهاب الى مجلس الأمن دون تحديد الخطوات الأخرى التي ينوي اتخاذها مما سيربك السياسة الأميركية في مطلع الأيام القادمة.  مؤخراً نطق الامين العام للامم المتحدة بان كي مون في تصريحات صحفية خلال زيارته الى استراليا في 9-9-2011 "أنا أدعم تطلعات الفلسطينيين لقيام دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة التي كان يجب ان تقوم منذ فترة طويلة"، مع العلم بأن مون يخضع لهيمنة السياسة الاميركية، فبرغم ذلك نطق بالحق. فلسطينياً نريد ان يكون لنا كيان معترف به دولياً لنتمكن من اقامة دولتنا المستقلة بعاصمتها القدس الشريف، وسيكون لنا الحق بمقاضاة اسرائيل على احتلالها للارض الفلسطينية، وعلى اي عمل وانتهاك يمكن ان تقوم به بحق الفلسطينيين وحقوقهم المشروعة.  نريد المقعد الرقم 194 أن يحط كمقعد كامل العضوية في الأمم المتحدة مهما تكاثرت الضغوطات، فاسرائيل ستفتح معارك سياسية وقانونية عديدة تشكك فيها بشرعية قيام الدولة وقانونية وجودها في حال حازت هذه الدولة على اعتراف المجتمع الدولي. ومن هذه الشكوك ما بدأ يلوح في الأفق من عدم الاعتراف بوجود لاجئين فلسطينيين في حال حصلت دولة فلسطين على وضعها القانوني، وذلك تمهيداً لاسقاط حق العودة عنهم. فالشعب الفلسطيني يريد ان يكون الرقم 194 رقم عضوية دولته في الجمعية العامة، ومن ناحية اخرى كرقم أممي لحق عودة ابنائه الى ارضهم التي هجروا منها، ولا رجوع عن هذين المطلبين.