فايز عباس

رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، 'استخف حتى الفترة الأخيرة بالقرارات الأوروبية بمقاطعة المستوطنات والمؤسسات والشركات والبنوك التي تتعامل مع المستوطنات، ولم يكترث لها حتى أنه صرح بأن مقاطعة إسرائيل هي بمثابة حافز لها لكي تطور قدراتها الاقتصادية، كما كان في سنوات خلت عندما قاطعت شركات أجنبية إسرائيل بسبب المقاطعة العربية آنذاك لهذه الشركات التي تتعامل مع إسرائيل.

 

نتنياهو، وبعد أن تبين أن المقاطعة آخذة في الازدياد، وانتقلت من أوروبا إلى الولايات المتحدة، ودول أخرى، وبعد شكوى المستوطنين في الأغوار من خسائرهم الفادحة بسبب المقاطعة، قرر أن يعقد جلسة طارئة لبحث سبل وقف تسونامي المقاطعة أو على الأقل تخفيفها وإيجاد حلول لنتائجها.

 

في الواقع تبين أن حكومة نتنياهو تستطيع تسويق كل ما يحلو لها لسكان إسرائيل، الذين حتى لا يطرحون الأسئلة حول ما تسوقه الحكومة. عندما قال نتنياهو ومن بعده بعض الصحفيين، إن المقاطعة لإسرائيل من شأنها تحفيزهم للعمل أكثر، كما كان في السابق، لم يطرح السؤال المهم وهو أن الشركات قاطعت إسرائيل بعدم تسويق بضائعها في إسرائيل، والوضع الآن يختلف كليا لأن العالم يقاطع البضائع الإسرائيلية ومراكز الأبحاث، وإسرائيل هي الخاسرة اقتصاديا وسياسيا.

 

حكومة إسرائيل وصلت اليوم إلى قناعة أن المقاطعة (التي استهترت بها) إذا ما استمرت فإن آثارها الاقتصادية ستكون قاضية، والأهم من النتائج الاقتصادية، النتائج السياسية لهذه المقاطعة، وتخوفها من فرض عقوبات عليها كما حدث مع جنوب إفريقيا خلال فترة حكم البيض وسياسة الأبرتهايد هناك. بدأت المقاطعة على مستوى الجامعات (جامعات كثيرة في أوروبا والولايات المتحدة تقاطع إسرائيل) وانتقلت بعد ذلك إلى الشركات الاقتصادية، ومن ثم الحكومات، حتى لم تبق سوى دولة واحدة لم تقاطع نظام الفصل العنصري، وهي إسرائيل، حتى تم إنهاء سلطة البيض في جنوب إفريقيا.

 

الصحف الإسرائيلية، سارعت إلى نشر خبر الاجتماع الطارئ على صدر صفحاتها الأولى لأن الوضع أصبح يؤثر سلبا على الحياة في إسرائيل وكتبت صحيفة 'معريف'، إن رئيس الحكومة سيعقد اجتماعا طارئا لبحث السب لوقف تفشي مقاطعة المستوطنات في أوروبا، مع الإشارة إلى أن رئيس حكومة هولندا السابق، اندراس فان اخت، يقف وراء سحب استثمارات الشركات الهولندية من إسرائيل.

 

أما صحيفة 'هآرتس' فقد نشرت في عنوانها الرئيسي أن نتنياهو سيعقد للمرة اجتماعا لبحث المقاطعة الأوروبية لإسرائيل، بسبب الاحتلال، وتم دعوة وزراء الخارجية، لاقتصاد، المالية، الزراعة، القضاء، العلوم، المعارف، والأمن، والمستشار القضائي للحكومة وقادة الأجهزة الأمنية.

 

نتنياهو طلب من الوزراء طرح تصورهم إلى ما يحدث، خاصة وأن المقاطعة لم تقتصر على المستوطنات وإنما إلى داخل إسرائيل مثل مقاطعة البنوك الإسرائيلية من قبل هولندا لأنها تعمل في المستوطنات وبالطبع مقاطعة المؤسسات الأكاديمية المقامة في القدس المحتلة.

 

الحكومة الإسرائيلية تقف الآن أمام منعطف تاريخي، إما التوصل إلى اتفاق سلام مع الشعب الفلسطيني أو مقاطعتها من قبل العالم، وبالطبع العنجهية الإسرائيلية، خاصة من قبل اليمين الإسرائيلي (الأغلبية في البرلمان الإسرائيلي) ستضرب مرحليا بعرض الحائط التهديدات الأوروبية، ولا أستغرب أن تعود إسرائيل إلى اتهام الأوروبيين بمعاداة اليهود وان القرارات نابعة من كراهية اليهود، لكن هذا الادعاء لن يجد آذانا صاغية في العالم كما كان الوضع في الماضي القريب، لأن العالم وصل إلى القناعة إن إسرائيل هي دولة عنصرية تريد مواصلة احتلالها للشعب الفلسطيني، وغير معنية بعملية السلام.

 

إسرائيل ستدفع ثمن سياسة حكومتها بعد أن كشف نتنياهو عن قناعه الرافض للسلام.