٢٦ أكتوبر اليوم الوطني للمرأة الفلسطينية.. لأنَّك يا سيدتي فردوس وجنة، ولأنّك نافست الكمال على الكمال، لأنّك حُب ومهد المحبة والسلام والحرية، لأنّك العهد والوفاء، ومدرسة الحق فأنتِ في الوطن الكبير.

 

لن نرضى بعد اليوم وصفك بـ( نصف المجتمع) سنردُّ خرافات المشعوذين والمستأسدين والمتسلطين الذين فقأوا بصيرتهم وباتوا يبصرونك فقط بغريزتهم.

 

لن نرضى نصف وطن ونصف حب ونصف حرية ونصف حق، فأنتِ إما كاملة أو كاملة، فلا خيار ولا اختيار، ولا يملك إنسان مثلك أن يهبك درجة، أو ينقصك درجة، أو يضعك في كفة ميزان وفي الكفة الأخرى معايير، ينقص منها ما تشاء ذكوريته وفحولته المستكبرة الطاغية.

 

لن نرضى تصنيفك وحشرك وتطويقك في خانة أم أو أخت أو زوج شهيد أو أسير، فالذي يفعل هو أب أو أخ شهيد أو أسير، أو أب أو أخ أو زوج شهيدة أو أسيرة أيضًا.

 

لن نقبل أن يُمَنّ عليك يا سيدتي بأوصاف الجمال والعلم والأخلاق والأدب والحياء، يلقونها عليك كقيود وأقفال يضعون مفاتيحها في جيوب جلابيبهم يقرؤون عليها طلامس تقاليدهم، فالذي يصفونك به ياسيدتي كله (أنتِ) روحك، جسدك، عقلك، عواطفك، مشاعرك، أحاسيسك، فكل أشعارهم، وكتبهم، وخطاباتهم المنبرية ذات النبرة الذكورية، أو على المنابر السياسية ذات اللكنة السلطوية لا تزيدك ولا تنقصك، فأنتِ يا سيدتي خُلِقتِ كالماسة المصقولة، أي مس باطل سيخدشها أو يكسرها، وليس للناظر أو الباحث أو العارف أو العالم بآيات الخالق إلا التسبيح من بريقها وإشعاعها وصلابتها وشفافيتها.

 

سنطوي كتب أدباء ودواوين شعراء، وأوراق باحثين، ونقاد، وحتى متطفلين على سلم السياسة، فالذي لم يرك إلّا أنثى مكسورة، ضعيفة، (أعور دجال) سنجعل كتبهم وأوراقهم بديل أعشاب شوك جافة نوقظ بها جمر التنور، وسنلفظ من ذاكرتنا كل ما اتعبوا به اسماعنا، فمن ينتزع الانسان منك، ويتخذك جسدًا شهيًّا، وامرأة منزل ومطبخ، ومَفرَخة وحضانة لخلفته فقد هوى في عبودية الذات والأنا وسطوتها وسلطانها، وغدر إنسانيته التي فطره عليها خالقه، لكنه أبقى فجوره واستكباره.

 

سنغير التقويم، وأيام المناسبات، والأعياد، لتصير لك كل المواسم، ربيعها وصيفها وشتاءها وخريفها، وأيام السنة وشهورها وأسابيعها.. ونعلن الغاء المناسبات الحزينة، فانتِ يا سيدتي لا يليق بك إلا الفرح.

أنا وأنتِ يا سيدتي نعلم أن الإنسان يستقبل كل يوم في العام كيوم عظيم فيه شأن عظيم وربما حدث أعظم، فيعقل على إرادته بالأمل ويمضي، ونعلم أنّ المجتمعات اختارت أيامًا تستذكر فيها أيامها الأعظم، لأنَّ النسيان من طبع الإنسان، أما وقد كان أعظم يوم في تاريخ البشرية هو يوم خلقك وتكوينك، وفوزك مع آدم بتاج مملكة الإنسانية صاحبة السيادة على الكون، ولأن وطننا الكبير ركن من هذا الكون العظيم ولأننا لا نعرف اسم ذلك اليوم، فقد قررنا أن تكون كل أيام السنة لك، للإنسان الأنثى، للوطن الإنساني الذي لولاه ما كان لنا في الكون وطن مقدس.