بعد أقل من ثلاثة أيّام أقفل القيادي الحمساوي، فتحي حمّاد، مصنع الأحزمة الناسفة، التي هدَّد وتوعَّد بها اليهود في كل مكان (!!!) في خطاب شعبوي ناري، ارتعدت له فرائصه قبل أية فرائص!! وأقفل حمّاد مصنعه هذا بتصريح صحفي، تراجع فيه عن هذا التهديد، وهذا الوعيد، مؤكّدًا التزامه بسياسة حركته المعتمدة في وثيقتها السياسية (!!) ولا ندري ماذا سيكون حال عمّال مصنع الأحزمة، وقد علّق أحد الظرفاء بأنّه سيحوله إلى مصنع كراسي!! والواقع أنَّ هذا هو المصنع الوحيد الذي يناسب حمّاد وحركته طالما ظلوا متشبّثين بكراسي الحكم الانقلابي في قطاع غزة المطعون بهذه الكراسي وسطوتها. وبعيدًا عن الهزل الذي يفرضه هذا الخطاب الشعبوي الناري، فإنَّ حمّاد لم يرتجل ما ارتجل اعتباطًا، وإنّما بقصدية بالغة، استهدفت تعجيل العمل بتفاهمات التهدئة، كما تريدها "حماس" لتهدئة أزماتها المتفاقمة لا تحت وطأة التلويح بالتطرف، وإنّما بالإشارة إلى قدرة "حماس" في المحصلة على لجم هذا التطرف، وهذا ما بات واضحا تمامًا في التصريح الصحفي لحماد، الذي أقفل فيه مصنع "الأحزمة الناسفة" وعلى نحو حاسم ونهائي، بل وأقفل على تهديداته الساخنة، لأن وثيقة "حماس" السياسية (!!!) لا تنطوي على أي من هذه التهديدات.
بهذا التصريح أكّدت "حماس" أنَّ شعبويات حمّاد، كانت مقصودة تمامًا، وبالقدر ذاته قالت لإسرائيل بقدرتها على لجم التطرف، وبأسرع ممّا يتوقّع أحد!!!
وإذا لم يكن كل هذا الأمر على هذا النحو فإنَّ فتحي حمّاد الموصوف في تصريحه الصحفي بالأستاذ (!!) مطلوب اليوم للمساءلة الوطنية، لأنَّه قدَّم لإسرائيل وفق تقرير لموقع "رويتر" العبري هدايا ثمينة لم تكن تتصوّرها إسرائيل في أجمل أحلامها وأكثرها وردية، وهي عبارة عن "ذخيرة عالية الجودة للعلاقات العامة الإسرائيلية وتعزيز روايتها في مجال الدبلوماسية العامة"!!
وماذا لو أخذت (إسرائيل) اليمين العنصري المتطرّف تهديدات حمّاد على محمل الجد!! أي سيناريو متوقّع لعدوان إسرائيلي على قطاع غزة ردًّا على هذه التهديدات؟؟
وعلى أية حال إن كان الأمر أمر رسائل حمساوية أم أمر هذيانات شعبوية لحماد فإنَّ المساءلة الوطنية تظلُّ واجبة، والأهم من كلِّ ذلك مرة أخرى تتأكَّد ضرورة إنهاء الانقسام البغيض وأن تكون في قطاع غزّة سلطة واحدة، وسلاح واحد تحت سلطة القانون الواحد، من أجل ألا تبقى هذه المغامرات الحمساوية ومقامراتها السلطوية ممكنة، لأنّ من يدفع الثمن جراء ذلك دائمًا هم أهلنا في القطاع المكلوم، الباحثون عن لقمة عيش كريمة، وأمن وطني يعزز صمودهم نحو الخلاص، لا من الحصار الإسرائيلي البغيض، وإنّما من الاحتلال برمته، يوم انتصار المشروع الوطني التحرري مشروع الدولة السيدة بعاصمتها القدس الشرقية، ولأجل المساءلة الوطنية نرفع ذلك كبلاغ للنائب العام.