لا تعتبر ورشة البحرين الاقتصادية الأولى التي يتم الحديث عنها، حيث كثر الحديث في السنوات الأخيرة عن المبادرات الاقتصادية الخاصة بالاقتصاد الفلسطيني، فتارة تسمى مبادرة وتارة يطلق عليها السلام الاقتصادي وكلها تأتي في سياق إنعاش الاقتصاد الفلسطيني وتطويره وتنميته لكن للأسف الشديد لم يتحقق أي نتائج مرجوة من تلك المبادرات، وبالرغم من تلقي السلطة الوطنية الفلسطينية منذ نشأتها مساعدات تتجاوز 36 مليار دولار، إلا أنّ الاقتصاد الفلسطيني ما زال يعاني من ضعف في كافة الأنشطة الاقتصادية وارتفاع في غير مسبوق في معدلات البطالة والفقر وانخفاض في الناتج المحلى الإجمالي وانخفاض في مستوى الدخل وارتفاع في مستوى المعيشة.
ومن أبرز المبادرات التي تم طرحها خلال السنوات السابقة وبالتحديد خلال عام 2013 خطة كيري الاقتصادية والتي تشتمل على مساعدات بقيمة 4 مليار دولار تقدم خلال ثلاث سنوات، لكنها فشلت فشلا ذريعا لأنها كانت بعيدة كل البعد عن الواقع الفلسطيني، كما تجاهلت جوهرة القضية الفلسطينية وهو الحل السياسي، وبقيت حبرا على ورق، وأي مبادرات أو خطط اقتصادية تطرح في الوقت والوضع الراهن سوف تبقى حبر على ورق أيضا، وذلك دون الوصول إلى حل سياسي جذري للقضية الفلسطينية يمهد لاستقرار سياسي واقتصادي في المنطقة لعدة سنوات قادمة، ويهيئ الفرصة لاجتذاب الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية من خلال مشاريع اقتصادية ذات تنمية حقيقية ومستدامة تساهم في رفع حقيقي لمعدلات نمو الاقتصاد الفلسطيني وخفض معدلات البطالة والفقر المرتفعة وتحسين الأوضاع المعيشية في فلسطين.
إن دعوة أمريكا لعقد ورشة اقتصادية خاصة بدعم الفلسطينيين بالبحرين والمنوي انعقادها خلال يومي 25-26 من شهر حزيران/ يونيو الجاري، تتناقض مع السياسة الأمريكية اتجاه السلطة الوطنية الفلسطينية والمتمثلة في قطع المساعدات عن الحكومة والشعب الفلسطيني وإغلاق العديد من المؤسسات الأمريكية العاملة في فلسطين.
إن هذه الورشة كتب لها الفشل الذريع قبل انطلاقها وولدت ميتة، حيث أنه تمّ الإعلان والدعوة لها دون التنسيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، كما لاقت ورشة المنامة الاقتصادية رفضا رسميا من القيادة الفلسطينية، والفصائل الوطنية والإسلامية والقطاع الخاص الفلسطيني المحرك الرئيسي لعجلة الاقتصاد، بالإضافة إلى رفض شعبي جامع، حيث أن ورشة البحرين الاقتصادية تمهد الطريق لتطبيق صفقة القرن والتي تقوم على إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات كبرى لإسرائيل، والقفز عن الحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة دوليا وتصفية القضية الفلسطينية.
وهنا يبقى التساؤل الأهم من سوف ينفذ المشاريع التي سوف يتم إقراراها في ورشة البحرين الاقتصادية، إن تم إقرار تلك المشاريع ؟ في ظل رفض الكل الفلسطيني لتلك الورشة !!!
ومن وجهة نظري بأنه قد حان الوقت لإنهاء الانقسام الفلسطيني وتشكيل حكومة وحدة وطنية تكون قادرة على مواجهة تحديات المرحلة الحالية السياسية والاقتصادية، ومواجه كافة الخطط والمؤامرات الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية، ويجب الإعلان عن سلسلة من الفعاليات خلال الأيام القادمة يشارك بها كافة أطياف المجتمع الفلسطيني رفضًا لورشة البحرين الاقتصادية ولكل السياسات الأمريكية المنحازة لإسرائيل والتي تستهدف حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.