أدان مجلس الوزراء المجزرة التي نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين العزل أثناء مشاركتهم في المسيرات السلمية في قطاع غزة تخليدا ليوم الأرض، والتي أسفرت عن استشهاد 18 مواطنا، وإصابة ما يزيد عن 1450 آخرين.
واعتبر المجلس خلال جلسته الأسبوعية التي عقدها اليوم الثلاثاء في مدينة رام الله برئاسة رامي الحمد الله ، أن المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال قد تمت مع سبق الإصرار، وفقا لمخطط وأوامر عليا تم الترتيب لها مسبقا، وهو ما ظهر في سلسلة التهديدات الإسرائيلية التي أطلقها رئيس حكومة الاحتلال، وأركان حكومته، بإرسال القناصة ونشر المدفعية وآلاف الجنود وإطلاق النار على المواطنين العزل، رغم علمهم المسبق بمسيرات شعبية سلمية.
وأكد أن هذا التصعيد الخطير يستدعي فتح تحقيق دولي، ومحاسبة إسرائيل على جريمتها التي تسببت في إراقة دماء وإزهاق أرواح المواطنين الأبرياء، ويستدعي من المجتمع الدولي الاستجابة لطلب سيادة الرئيس محمود عباس بتوفير الحماية الدولية لأبناء شعبنا بشكل فوري وعاجل، والتدخل الفوري لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل، وإلزام إسرائيل بالامتثال لقواعد القانون الدولي والإنساني وقرارات الشرعية الدولية.
واستهجن حالة الصمت الدولي من قبل المظلة الدولية والهيئات واللجان ذات الصلة تجاه الانتهاك الصارخ للقانون الدولي والإنساني وتجاه الجرائم والممارسات العنصرية التي تقترفها سلطات الاحتلال بحق أبناء شعبنا الأعزل.
وأكد أن غرور سلطات الاحتلال وتعنتها نابع من صمت ومحاباة المجتمع الدولي تجاه إرهاب الدولة المنظم الذي تمارسه إسرائيل، متسائلاً عن مهمة ومسؤولية مختلف الهيئات الحقوقية والإنسانية والطبية الدولية التي تقف عاجزة عن كبح ممارسات إسرائيل وجرائمها وإجراءاتها وقوانينها العنصرية، وتقف مشلولة أمام محاسبتها عن جرائمها البشعة وانتهاكاتها الصارخة.
وندد المجلس بحملة التحريض التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية ضمن عملية ممنهجة تشنها على شعبنا الفلسطيني ورئيسه وقيادته الوطنية.
وحذر من أن الحكومة الإسرائيلية تهدف من خلال هذه الحملة إلى تبرير جرائمها بل وتصعيدها خلال الفترة القادمة، مطالبا المجتمع الدولي بضرورة التحرك للجم إسرائيل ومنعها من ارتكاب المزيد من الجرائم بحق شعبنا الأعزل.
وأكد أن خروج عشرات الآلاف من أبناء شعبنا في يوم الأرض الخالد، وإحياءهم الذكرى الـثانية والأربعين في فلسطين المحتلة وأراضي الـ48 وفي المنافي ومخيمات اللجوء، إنما يؤكد رفض الإملاءات الأميركية والإسرائيلية، والإصرار على مواجهة مشاريع التصفية لقضيته العادلة، بما فيها محاولة إسقاط القدس وقضية اللاجئين.
وحيّا المجلس جماهير شعبنا الصامد الذين جسدوا إرادة شعبنا على البقاء والصمود، وأكد أنه وبعد 70 عاماً على النكبة الكبرى، فإن شعبنا باق وصامد على هذه الأرض، ويؤكد أن قضيته ستبقى حية حتى استعادة حقوقه التاريخية غير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير والاستقلال والعودة، وأن حق شعبنا بعاصمته السيادية وحق اللاجئين بالعودة لا يسقطه قرار، وأن الحصار وسياسات التطهير العرقي التي تنفذها قوة الاحتلال لن تلغي الوجود الفلسطيني من أرضه، وحقه فيها.
وفي سياقٍ منفصل، رحب المجلس بقرارات الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي بشأن القدس، مشيراً إلى أنها تعد انتصاراً من قبل شعوب العالم التي تمثلها تلك البرلمانات لقيم الحق والعدالة والإنسانية، وأعرب المجلس عن تقديره لقرارات الجمعية العامة التي تضم 178 برلماناً، مؤكداً على أهمية دعوة الاتحاد البرلماني الدولي جميع البرلمانات إلى حث حكوماتهم على الاعتراف بدولة فلسطين وفق قرارات الشرعية الدولية.
وشدد على أن جميع الإجراءات التشريعية والإدارية التي اتخذتها إسرائيل لفرض قوانينها وتدابيرها في القدس غير قانونية، وليست لها أي شرعية.
وتقدم المجلس بالتهنئة إلى شعبنا الفلسطيني على الإنجاز المتمثل بصدور قرار محكمة العدل العليا الأمريكية في نيويورك بالاجماع، برفض التماس المدعين على السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية الملزم بدفع مبلغ 655 مليون دولار، إضافة إلى مطالبات بفوائد قانونية بمبلغ 450 مليون دولار في القضية المعروفة باسم (سوكولوف)، في دعاوى رفعتها مجموعة من العائلات التي تحمل الجنسيتين الأمريكية والإسرائيلية.
وأعرب عن تقديره لقرار سيادته ورئيس مجلس الوزراء الشجاع، بخوض هذه المعركة القانونية وسلسلة الاستئنافات في المحاكم الأمريكية على مدار السنوات الثلاث الماضية، وتوجيهاتهما ومتابعتهما لجهود وزارة المالية والتخطيط وفريق المحامين المتميز، رغم المخاطر والتحديات، والتحذيرات من خسارة القضية، ومحاولات الإقناع بالتوصل إلى تسوية، والتي كانت ستؤدي إلى انهيار السلطة الوطنية مالياً.
ورحب المجلس بالإعلان عن نتائج التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت 2017، مؤكدا أن هذا التعداد الذي يعتبر أضخم عمل إحصائي شهدته دولة فلسطين، قد جسد شكلاً من أشكال السيادة الوطنية وممارسة حقنا على أرضنا، وأن البيانات التي وفرها التعداد ستمكن الحكومة الفلسطينية وكافة الجهات الرسمية من وضع الخطط والبرامج المستقبلية وترجمتها إلى خطط وبرامج وتدخلات تسهم في تحقيق رؤية الحكومة الفلسطينية التي حملت شعار "المواطن أولاً"، وكذلك من أجل مواصلة عملية التنمية والتطوير والبناء، وتقديم أفضل الخدمات لأبناء شعبنا الفلسطيني وقطاعاته المختلفة.
وتقدم بالشكر للأسرة الإحصائية الفلسطينية رئيساً وعاملين وكوادر على متابعتهم الفنية والإدارية على مدار السنوات الثلاث الماضية لتنفيذ هذا المشروع الوطني وإخراجه إلى حيز النور، كما تقدم المجلس بالشكر والتقدير لأبناء شعبنا الفلسطيني بكافة فئاته وأطيافه على تعاونهم ومساعدتهم في تنفيذ التعداد من خلال استقبال الفريق الوطني للتعداد والإدلاء بالبيانات المطلوبة.
وناقش المجلس موضوع مكب زهرة الفنجان جنوب غرب محافظة جنين، والذي كان قد أنشئ لخدمة محافظتي طوباس وجنين، وما يسببه من معاناة للمواطنين في القرى والبلدات المجاورة نتيجة انتشار الروائح الكريهة والحشرات، نظراً لما طرأ على المكب من ناحية زيادة مساحته وقدرته لاستيعاب النفايات الواردة من مختلف محافظات شمال الضفة، إضافة إلى محافظة رام الله والبيرة ومخيماتها، الأمر الذي فاقم من معاناة المواطنين.
وقرر المجلس تشكيل لجنة لدراسة الوضع في المكب ورفع التوصيات إلى مجلس الوزراء لاتخاذ القرارات المناسبة بهذا الشأن بما يضمن الحفاظ على صحة المواطنين وسلامتهم ويوفر الحماية للمحاصيل والأراضي الزراعية.
وفي إطار اهتمام الحكومة بالجهود التي تقوم بها الجمعيات الخيرية والأهلية، أكد المجلس على أهمية الدور الذي تقوم به هذه الجمعيات، مشددا على ضرورة تكامل دورها مع الجهود التي تقوم بها الوزارات والدوائر الحكومية وأهمية متابعة هذه الجهود وربطها في إطار الخطط القطاعية لكل وزارة والخطة الوطنية الشاملة مما يساهم في الاستخدام الأمثل للمال العام، وتحديد الأولويات وتعميم الفائدة.
قرارات مجلس الوزراء
وعلى صعيدٍ آخر، صادق على توصيات اللجنة الاجتماعية الوزارية الدائمة، وذلك بتقديم مساعدات مالية لأكثر من عشرين جمعية في مختلف المناطق لإعانتها على استمرار تقديم خدماتها لأبناء شعبنا وخاصة لذوي الاحتياجات الخاصة والأطفال والنساء والشباب والفئات الفقيرة.
وصادق على تسديد عضوية فلسطين في مشروع "السنكروترون" والتي كانت إحدى الدول الست المؤسسة للمشروع، الذي يهدف إلى تعظيم استفادة الجامعات ومراكز الأبحاث والمؤسسات الفلسطينية من الفرص البحثية والتدريبية التي يتيحها المشروع، والذي من المتوقع الانتهاء من بنائه في الأردن الشقيق هذا العام ليتم افتتاحه منتصف العام القادم.
كما صادق على مذكرة التفاهم لإنشاء لجنة مشتركة بين وزارتي الخارجية الفلسطينية والعراقية وذلك لتطوير التعاون في المجالات الاقتصادية والثقافية والعلمية والإعلامية بما يساهم في تعزيز العلاقات بين الشعبين الشقيقين.
وقرر المجلس تخصيص قطعة أرض في مدينة الخليل ضمن مشروع مجمع المحاكم في المدينة الذي يشمل مبنى محكمة بداية وصلح الخليل، بتمويل من الحكومة الكندية بمبلغ (33) مليون دولار وعلى مساحة إجمالية تبلغ (14) دونماً وذلك في إطار جهود الحكومة للنهوض بقطاع العدالة.
واطلع المجلس على تقرير بشأن منظومة الأرشفة في الدوائر الحكومية، وأكد المجلس على أهمية الحفاظ على الوثائق والمستندات من خلال اتخاذ الإجراءات المناسبة لاعتماد تشريع ينظم عملية الأرشفة في الدوائر المؤسسات الحكومية وفقاً للممارسات الفضلى، وقيامها باعتماد آلية منظمة وأدلة إجراءات موحدة وخطط عملية لضمان حفظ وثائقها وتصنيفها وترميزها ورقياً وإلكترونياً وفقاً للأصول والمعايير العالمية، واتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان تفعيل دوائر الأرشفة في الدوائر الحكومية، وتأهيل الكادر الوظيفي المكلف بإدارة الملفات والمستندات، وقيامها باتخاذ التدابير اللازمة لتوفير ملفات خاصة وتوفير المكان المناسب والظروف الملائمة لحفظ الوثائق من التلف، واتخاذ الإجراءات المناسبة لاتلاف الوثائق والمستندات بعد أرشفتها إلكترونياً وانتهاء فترة استخدامها وفقاً للأصول والمعايير العالمية والممارسات الفضلى، وبما يتوافق والتشريعات السارية، وضمان حماية تلك البيانات والوثائق، وضبط عملية استخدامها والوصول إليها. وأكد المجلس على مؤسسة عمل الأرشيف الوطني الفلسطيني كمؤسسة وطنية، تعمل وفق السياسة الفلسطينية، وكجزء أساسي من منظومة العمل الرسمي الفلسطيني، تتولى مسؤولية حفظ وحماية وتسهيل تداول المادة الأرشيفية الإدارية والتاريخية، وتوفيرها للباحثين والدارسين بوصفه ذاكرتها ومرجعها الأساسي.
وصادق المجلس على توصية مجلس تنظيم قطاع الكهرباء باعتماد التعرفة الكهربائية الجديدة وفق سعر شراء الكهرباء من المصدر، على أن يتم إعادة احتساب التعرفة قبل نهاية العام بعد صدور التقارير المالية لشركات توزيع الكهرباء المرخصة وفق القانون.
كما صادق المجلس على تعديل ذيل قانون الحرف والصناعات رقم (16) لسنة 1953 وتعديلاته وذلك بتعديل جداول الحرف المصنفة بالقانون وتحديثها لتتماشى مع عصرنا الحالي في إطار توجهات الحكومة لتنمية القطاع الخاص وتشجيع الاستثمار في فلسطين، نظراً لما يشكله التطبيق الحالي للقانون من إرباك لسلطات الترخيص المختصة ولطالبي الترخيص سواء الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين، بسبب قدم القانون وخلوه من عدد هائل من الحرف الحديثة المتعلقة بالتكنولوجيا وغيرها، نتيجة التطورات الطبية والعلمية الهائلة خلال 64 عاماً ماضية، والتي نتج عنها إنشاء العديد من الحرف الحديثة لتتماشى مع التطورات العالمية، إضافة إلى أن هذا التعديل سيساهم في تحسين تقييم فلسطين في تقرير ممارسة أنشطة الأعمال والذي يصدر عن البنك الدولي.
وبناءً على توجيهات الرئيس ورئيس الوزراء، قرر المجلس التنسيب إلى سيادة الرئيس بتعديل نصوص بعض القوانين، وذلك لتشديد العقوبات بحق مهربي البضائع ومروجي البضائع الفاسدة، لما لهذه الجرائم من خطر جسيم على أبناء شعبنا واقتصادنا الوطني، إضافة إلى تشديد العقوبات على تجارة المخدرات، وذلك لمكافحة هذه الآفة الخطيرة والقضاء عليها وحماية أبناء شعبنا.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها