بقلم: حسن بكير
هي القدس، مسرى سيدنا محمد ( صلى الله عليه وسلم)، ومهد سيدنا المسيح ( عليه السلام)، هي أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، هي أرض الرسل والأنبياء، إبراهيم وموسى ويوسف، وتحتضن في جنباتها أهم دور العبادة الإسلامية والمسيحية، والعديد من قبور الأنبياء. هي عاصمة فلسطين، وعاصمة الأديان السماوية، هي مع توأمها لبنان أخر قلاع المقاومة، في وقت عزّت فيه المقاومة في ظل الخنوع والتخاذل العربي المريب إلاّ من رحم ربي.
إذا كان بلفور منذ مئة عام، أعطى ما لا يملك إلى من لا يستحق، فإن ترامب أعطى عاصمة إلى دولة مَن لا يستحق. ومن غرائب الأمور أن أمريكا عمرها لا يتجاوز 240 عاماً، ولا يحق لها أن تعترف بعاصمة تاريخية عمرها 6000 سنة، لكيان غاصب محتل عمره 69 سنة.
منذ إعلان ترامب مدينة القدس عاصمة لإسرائيل، وعزمه نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، أعلن لبنان الرسمي والحكومي والحزبي والشعبي والإعلامي النفير العام، كما القيادة والمخيمات الفلسطينية بكل انتماءاتها ومشاربها ومعتقداتها السياسية والوطنية. فكانت مسيرات الغضب والاعتصامات والمواقف المؤيدة للقدس وفلسطين والقمة الروحية في بكركي.
تحت شعار"أقصانا لا هيكلهم"، وتنديداً بالقرار الأمريكي، وبدعوة من حركة التحرير الوطني الفلسطيني" فتح"، وبالتنسيق مع رابطة أبناء بيروت، وجمعية شباب عائشة بكّار، وبالتعاون مع الجمعيات والروابط الأهلية اللبنانية في بيروت، انطلقت مسيرة لبنانية فلسطينية من أمام جامع القصّار في عائشة بكار، مروراً بمنطقة فردان- المزرعة- شارع عائشة بكار مساء الجمعة 2017/12/15، هذا وقبل انطلاق المسيرة ألقيت كلمات عند جامع القصار، وانتهت بإلقاء كلمات أمام دار الفتوى.
شارك في المسيرة عضو المجلس الثوري لحركة "فتح" آمنة جبريل، وعضو إقليم حركة "فتح" الدكتور سرحان سرحان، وقيادة حركة فتح في بيروت، وممثلو الفصائل والقوى الإسلامية الفلسطينية، وممثلو اللِّجان الشعبية، وقوى الأمن الوطني الفلسطيني، وممثلو الأحزاب والقوى السياسية اللبنانية، ومسؤولو وقادة رابطة أبناء بيروت، وجمعية شباب عائشة بكار، والجمعيات، والروابط الأهلية اللبنانية في بيروت، وفوج الإطفاء والدفاع المدني التابع لرابطة أبناء بيروت، وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ممثلاً بفريق طبي، ولفيف من رجال الدين والعلماء، والفرق الكشفية: مجموعة الكرامة الكشفية، ومجموعة بيسان الإرشادية، ومجموعة يعبد الكشفية والإرشادية، ومجموعة شعب الكشفية والإرشادية؛ ومشاركة فتحاوية وشعبية واسعة من مخيمات بيروت.
تقدم المسيرة الفرق الكشفية والموسيقية، وعزفت الأناشيد الثورية والوطنية، ورفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية واللبنانية ولافتات وطنية، وأخرى منددة بالقرار الأمريكي الذي أعلن فيه "ترامب" مدينة القدس عاصمة لما يسمى بدولة إسرائيل.
قبل البدء بالمسيرة ألقى ممثل المرابطون غسان الطبش كلمة جاء فيها: "القدس عربية ومهما حاول أعداء أمتنا العربية حرف الصراع فلن يستطيع أحد أن يجزء قضيتنا المركزية، فلسطين لنا، كل فلسطين من بحرها إلى نهرها، وعاصمتها القدس، فلا إقليمية ولا قطرية ولا طائفية تستطيع أن تحرف هذا الصراع مع العدو التلمودي، فمعركتنا معه معركة وجود وليست معركة حدود.
وتابع الطبش قائلاً: "نحن نريد أن نؤكد المؤكد أن بيروت كانت وستبقى سيدة العواصم العربية وليس مستغرباً أن نشهد في كل شارع وكل حارة مسيرات مؤيدة لفلسطين، فهذه بيروت على مر التاريخ حافظة لقضايا أمتنا، ورائدة في التصدي لمشاريع التهميش والتطبيع، ومع فلسطين وقضايا أمتنا، ولبنان الرسمي من فخامة رئيس الجمهورية إلى دولة رئيس الحكومة ومجلس النواب ووزير الخارجية، جميعهم مواقفهم مشرفة ومطمئنة أن لبنان كان وسيبقى رأس حربة في هذا الصراع مع العدو التلمودي وداعميه".
كلمة تيار المستقبل ألقاها الأستاذ عماد السبع إذ قال: "إن القرار الأمروصهيوني بنقل مقر السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة هو قرار غير مسؤول، وغير قانوني، فهو ينتهك قرارات الأمم المتحدة ويتنافى مع هوية مدينة القدس الممتدة لقرون، ونناشد العالم بأسره التحرك نصرة لقدسنا أولى قبلة المسلمين وثالث الحرمين. كما نناشد العالم للوقوف ضد الخطوات غير القانونية بحقها، إنَّ القدس كانت وستبقى العاصمة الأزلية والأبدية لدولة فلسطين حتى قيام الساعة، وهذا الأمر نحن مؤمنون به ولن نرضى عنه بديلاً".
كلمة اللِّجان والروابط الأهلية ألقاها عضو الحملة الأهلية لنصرة فلسطين وقضايا الأمة مأمون مكحل، حيث قال:"هذا التحرك الكبير من قلب بيروت إلى القدس إلى أهل فلسطين، ونقول لكم باسم أهلنا جميعاً إن بيروت وكل لبنان ضد هذا القرار، نحن مع الشعب الفلسطيني، وسنستمر وسنبقى حتى آخر لحظة".
واستطرد مكحل قائلاً: "إن هذه التظاهرة من قلب بيروت، عاصمة العرب والمسلمين، وباسم الجمعيات الأهلية والروابط الشعبية في لبنان، نؤكد للشعب الفلسطيني أننا كلنا معه وسنبقى المسلمين والعرب وأحرار العالم".
ومن خلف المدخل الرئيس لدار الفتوى ألقيت عدة كلمات. فكانت كلمة لأمين سر حركة "فتح" في بيروت العميد سمير أبو عفش، حيا فيها موقف دار الفتوى، والمفتي دريان لوقوفه إلى جانب القدس والقضية الفلسطينية، واصفاً المفتي دريان بمفتي لبنان وفلسطين. معتبراً أن أهالي القدس وفلسطين ردوا التحية إلى الشعب اللبناني من خلال رفعهم العلم اللبناني. مؤكداً أن الرئيس أبو مازن كان له موقف واضح في المؤتمر الإسلامي من الموقف الأميركي، معتبراً أن القيادة الفلسطينية أصبحت في حل من كل الاتفاقات مع الولايات المتحدة الأميركية.
وكانت كلمة مقتضبة لجمعية أبناء بيروت ألقاها رئيس الجمعية طارق كلش، أكد فيها على تضامن الشعب اللبناني وأهالي بيروت إلى جانب القدس والقضية الفلسطينية، معتبراً أن القدس موجودة في قلب كل شريف في هذه الأمة.
وخلال الاعتصام قلد الشيخ خالد عثمان كوفية فلسطين للمفتي عبد اللطيف دريان.
وفي نهاية الاعتصام كانت كلمة لمفتي الجمهورية سماحة الشيخ الدكتور عبد اللطيف دريان، أكد فيها أن مواقف دار الفتوى تعبر عن ضمير الأمة، موجهاً تحية إلى أرض فلسطين، واصفاً إياها بالأرض الطاهرة.
واعتبر دريان أنَّ القدس أمانة في رقاب جميع العرب والمسلمين والمسيحيين، رافضاً التفريط فيها مهما كلف ذلك. مؤكداً أن القدس هي التي تجمع الجميع وتوحدهم، واصفاً ما يحصل اليوم في فلسطين بالانتفاضة المباركة التي تنصر القدس والأقصى وكنيسة القيامة.
ورأى دريان أن لا كرامة للعرب وفلسطين طالما أن أرض فلسطين وقدسها محتلين، واصفاً قضية القدس بأقدس القضايا.
ورأى المفتي دريان أن القمة الروحية التي عقدت في الأمس أكدت على عدم الاعتراف بدولة الكيان الصهيوني، معتبراً أن ما يحصل هو احتلال لدولة فلسطين. مؤكداً رفضه تهويد القدس، وعلى وقوف الشعب اللبناني إلى جانب القضية الفلسطينية، شاجباً الموقف الأميركي الذي اعترف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني. معلناً أن القرار الأميركي لن يمر طالما أن هناك شرفاء في الأمة العربية والإسلامية.
وأعلن المفتي دريان تمسكه ودار الفتوى بقضية القدس وفلسطين، موجهاً التحية إلى الرئيس محمود عباس الذي يقود القيادة الفلسطينية، داعياً عباس إلى إعلان انتفاضة جديدة لمواجهة العدو الصهيوني، رافضاً تقديم أي تنازلات للعدو الصهيوني.
وفي نهاية كلمته تساءل المفتي دريان متى سيتحرك العرب والمسلمين والمسيحيين لتحرير مقدساتهم من العدو الصهيوني.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها