4  أغسطس 1929 تاريخ أشرقت فيه شمس قائد فلسطين ورمزها الشهيد القائد ياسر عرفات، نكتب اليوم لأنَّنا نشتاقُ لحضوره في المشهد الفلسطيني والعربي والدولي، ولقد تميَّز دائمًا بنظرته الثاقبة والبعيدة، لفلسطين القضية والهوية والتحديات الإستراتيجية، متسلِّحًا بالقيم الراسخة التي شكَّلت ورسمت وأبرزت تكوينه وشخصيته وثوريته وحنكته وحكمته ورمزيته، لتعلو القضية الفلسطينية مترجمةً مدلولات العدالة والنّضال والتحرّر والعودة، وبقيًت كوفيّته رمزاً للحرية والإنسانية والصمود، يتوشَّح بها أحرار العالم ومناصرو قضيتنا وقضايا السلم والعدالة العالميين، لتغدو إشارةً للحياة وإزالة الظلم والطغيان والاحتلال.

أبو عمار مسيرةُ إنسانُ ثائرٍ وسياسي محنَّك، قادَ شعبه في معارك القتال والسلام، فكانت حياته خصبة بالكفاح، ولأنَّه يزهر في الأزمات، استطاع أن يحرج ويكشف سوءات وتآمر وتقاعس كلّ المتخاذلين إبان اجتياح العدو الإسرائيلي لبيروت 1982، وصمد وخرج حاملاً القضية لتبقى قوية واستطاع أن ينتزع الهُوية الفلسطينية من الضياع والغياب الدولي والعربي، وطيلة 88 يوماً من الموت المحقق والمطاردة والثبات وقف ورجال الثورة من القادة والمقاتلين الفلسطينيين وقفة ثبات وعز في أروع ملحمة سطرت آيات الصمود والتصدي، وحين خرج أبو عمار ورفاقه من بيروت في عام 1982، وهو يصعد سلم الباخرة مع القوات إلى تونس أجاب على سؤال أحد الصحفيين إلى أين أبو عمار: فرد بابتسامته المعهودة إلى فلسطين.

واستمراراً لمعركة بيروت، وحفاظاً على الثورة الفلسطينية، ورفضاً للتبعية والاضطهاد، تصدّى لمن انشقوا عن "فتح" والثورة، فكان لا بدَّ من قيادة معركة القرار الوطني المستقل في عام 1983 عندما نزل مع رفيق دربه أبو جهاد الوزير من تونس إلى طرابلس شمال لبنان، وَقاد المعركة ضدَّ القوات المنشقة والقوات السورية والإسرائيلية معاً، وسجَّل انتصاراً سياسياً وثورياً وحافظ على "فتح" وعلى القضية من أتون الضياع.

ولم تَمضِ سنوات حتى كان الوطن في فلسطين يشتعل بالانتفاضة لتقضي على مخططات مصادرة القرار الفلسطيني، وفي 4/5/1994 دخلت أول طلائع قوات الأمن الوطني الفلسطيني إلى أرض الوطن، لتبدأ عمل أول سلطة وطنية فلسطينية على الأرض الفلسطينية بقيادة الأخ ياسر عرفات أبو عمار الذي كانت عودته إلى أرض الوطن فكانت في 2/تموز/1994م.

وعلى نهج الأحرار والثوار والوفاء لمن وقفوا مع قضيتنا وثورتنا الفلسطينية، فقد وثَّق الشهيد الرمز علاقاته بكل حركات التحرر في العالم، وبالتحديد جنوب إفريقيا عند تبنيه أسرة الزعيم مانديلا (ماليا) أثناء مكوثه في السجن.

أبو عمار وفي الذكرى 13 الخالدة لاستشهاده، وعبر مسيرة طويلة وخطرة ومعقدة كان ينادي دائماً بالوحدة العربية والفلسطينية ويعمل ليل نهار على إبقاء الجبهة الداخلية قوية ومنيعة ضد المخططات الصهيونية والتدخلات الخارجية.

واستشهد اﻻب والرمز والأخ والقائد والرئيس ياسر عرفات "الختيار" في 11/11/2004م وقد رفع اسم فلسطين وحقها عالياً في كافة المحافل والمنظمات الدولية وقد اعترفت دول العالم والمنظمة الأممية بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثِّل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.

وبقيادة الأخ الرئيس محمود عبّاس أبو مازن، وعلى نفس الدّرب، واصلَ المسيرة بالنّهج العرفاتي، ليستمرَّ النضال ليتحقَّق حلم ياسر عرفات، وتطلُّعات شعبنا في زوال الاحتلال والعودة وقيام دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف