شارك وفد فلسطيني برئاسة رئيس هيئة مكافحة الفساد رفيق النتشة، في أعمال مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، في دورته السابعة والمنعقد في فيينا ويستمر حتى العاشر من الشهر الجاري.
ويبحث المؤتمر آليات تعزيز سبل مكافحة الفساد والإجراءات الوقائية والتعاون الدولي لاسترداد الأصول والمجرمين والمتحولات الجرمية، ويلقي الضوء على أفضل وأهم الممارسات العملية في مكافحة الفساد، وتشارك فيه أكثر من 180 دولة.
وقال النتشة في كلمة فلسطين بالمؤتمر، إن دولة فلسطين، ومنذ انضمامها إلى هيئة الأمم المتحدة كدولة مراقب، سعت وما زالت للانضمام الى كافة المعاهدات والاتفاقيات الدولية، إيمانا منها بالتزامها الثابت بالمشاركة الفاعلة في الجهود الدولية والإقليمية على كافة الصعد والمستويات، والتي كان من ضمنها انضمام فلسطين الى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في العام 2014، علما بأن فلسطين التزمت طوعا بأحكام الاتفاقية حتى قبل الانضمام لها منذ العام 2005، وكذلك انضمامها مؤخرا الى منظمة الشرطة الدولية (الانتربول)، الأمر الذي يعزز من جهود دولة فلسطين في مكافحة الجرائم بشكل عام وجرائم الفساد بشكل خاص، ويسمح لها بملاحقة المتهمين والفارين من وجه العدالة على المستوى الدولي بما ينسجم مع الإرادة الدولية لمكافحة هذه الجرائم وملاحقة مرتكبيها وكشف أموال ومتحصلات الفساد في أي مكان من هذا العالم، وفقا لمبادئ ومفاهيم هذه الاتفاقية، والتي سعت الى رفض أن يكون هناك مكان آمن في هذا العالم للمجرمين، أو لمتحصلات الفساد وأموال الجريمة.
وتقدم النتشة بالشكر لجميع الدول التي صوتت لصالح القرار بانضمام فلسطين إلى اتفاقية منظمة الشرطة الدولية (الانتربول)، وأبدى استغرابي واستهجانه من موقف دولة الاحتلال الإسرائيلي في محاولة عرقلة هذا الانضمام.
وقال إن فلسطين كدولة ما زالت تحت الاحتلال بما يشكله أي احتلال عسكري من ظلم وقهر وسلب للحريات العامة والخاصة وكبح لجماح التطور والتقدم في المجتمع الفلسطيني، تعتبر أن الفساد والاحتلال وجهان لعملة واحدة، تسعى للعمل على التخلص منهما والانطلاق في عالم يسوده الأمن والعدل والازدهار ويمارس دوره في الحضارة الإنسانية.
وأضاف أن الجميع يتفق اليوم على أن الوقاية والتجريم وإنفاذ القانون واسترداد الموجودات والتعاون الدولي، جوانب حيوية لجهود مكافحة الفساد على مختلف المستويات.
وأكد أن دولة فلسطين تدعم الجهود المبذولة على مختلف المستويات الدولية والإقليمية لتنفيذ أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030، بما في ذلك أهدافها المتعلقة بالتنمية المستدامة، وتعمل مع الدول الأعضاء على تعزيز هذه الجهود للوصول إلى نهج شامل للحد بشكل كبير من الفساد بجميع أشكاله، بما في ذلك وضع التدابير اللازمة لمعالجة أسبابه الجذرية.
وقال النتشة إن فلسطين ترجمت إرادتها السياسية في مكافحة الفساد بانضمامها لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، مجددة التزامها الراسخ بالمعايير الدولية للنزاهة والشفافية ومكافحة الفساد، وكذلك من خلال اعتماد آليات ونظم وتشريعات تساهم بالحد من الفساد ومنعه، وملاحقة مرتكبيه وضمان تقديمهم للعدالة، كان من أهمها إقرار قانون مكافحة الفساد المعدل الذي صدر في العام 2010، والذي كان متوائماً ومتفقاً بأحكامه مع المبادئ والمفاهيم الواردة في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وإنشاء هيئة متخصصة بمكافحة الفساد تتمتع بالاستقلال المالي والإداري وتخضع لها كافة الفئات المعرضة لمخاطر الفساد، سواء كانت هذه الفئات على المستوى السياسي أو الوظيفي، بدءاً من رأس الهرم السياسي الفلسطيني، مروراً بالوزراء ومستشاريهم والسلطة القضائية ورجال إنفاذ القانون وكافة الوظائف ذات العلاقة بالمال العام، كما أوجبت القوانين الفلسطينية على هذه الفئات تقديم إقرارات بذمتهم المالية، وتم تشكيل محكمة خاصة بمكافحة الفساد، ونيابة متخصصة لمكافحة الفساد، وقد باشرت الهيئة عملها منذ العام 2010، وقد تم التحقيق بالعديد من قضايا الفساد الهامة، كما تم إحالة من ثبت تورطه للمحاكمة أمام محكمة جرائم الفساد المتخصصة، وكان من بين المتهمين وزراء ومستشارون وموظفون كبار، إذ لا أحد فوق القانون، ومن يثبت بحقه شبهات تتم إحالته للنيابة العامة والمحكمة وفق إجراءات قانونية تتسم بالعدالة والشفافية في محاكمة علنية يستطيع الجمهور وممثلو وسائل الإعلام متابعتها والاطلاع على تفاصيلها.
وفي مجال منع الفساد والوقاية منه، قال النتشة إن دولة فلسطين بقيادة هيئة مكافحة الفساد وبالشراكة مع مختلف فئات المجتمع، المدنية والرسمية، أنجزت الاستراتيجية الوطنية الأولى لمكافحة الفساد 2012-2014، التي امتازت بمشاركة شملت كافة مراحلها، بدءاً من الإعداد، مروراً بالتنفيذ، ووصولاً إلى التقييم، وبنفس النهج تم إعداد الاستراتيجية الوطنية الثانية للأعوام 2015-2018.
وأضاف أن الهيئة وبالشراكة مع 32 جهة شريكة من القطاع الحكومي والمجتمع المدني والجامعات والمؤسسات الإعلامية، وممثلي الشباب والمؤسسات النسوية، نفذت خلال العام المنصرم مجموعة من التدخلات والأنشطة، تنوعت لتشمل ورش عمل لرفع الوعي، ودورات تدريبية متخصصة، وحملات إعلامية، وإعداد استراتيجيات وتوجهات قطاعية لمكافحة الفساد، ومسابقات فنية وثقافية وبحثية هدفت جميعها لتعزيز المشاركة المجتمعية في جهود مكافحة الفساد و الوقاية منه.
وأشار إلى أن دولة فلسطين أبدت رغبتها الصادقة بالمشاركة الفاعلة في الآليات المتعلقة باستعراض تنفيذ الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد، فخضعت للاستعراض للفصول المستعرضة بالدورة الأولى، وأنهت عملية الاستعراض بنجاح، وقامت بنشر التقرير كاملاً، بالإضافة للخلاصة الوافية على الموقع الخاص بالأمم المتحدة، وكذلك على الموقع الالكتروني لهيئة مكافحة الفساد وقامت بنشره، وهي تخضع الآن لعملية الاستعراض للدورة الثانية، كما أنها شاركت باستعراض نظرائها، سواء بالدورة الأولى أو الثانية التي مازالت مستمرة.
يشار إلى أن وفد فلسطين بالمؤتمر يضم إضافة إلى النتشة، كلا من: النائب العام المساعد في هيئة مكافحة الفساد أكرم الخطيب، وعضو محكمة جرائم الفساد القاضي بلال أبو هنطش، ومدير عام ديوان رئيس هيئة مكافحة الفساد سعيد شحادة، ومدير وحدة المتابعة المالية وائل لافي.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها