مجلة القدس العدد 340 اب 2017
اعداد: خالد غنام أبو عدنان
النقد امتداد للنبوة، ولولا النقاد لهلك الناس ولطغى الباطل على الحق ولامتطى الأرذال ظهور الأفاضل، وبقدر ما يخفت صوت الناقد يرتفع صوت الدجال. (بيرم التونسي)
تعد مرة مرحلة تقييم المرحلة السابقة لفريق العمل الأساس العلمي لفهم مدى فعالية نشاطات وكفاءة فريق العمل واستشفاف السبل لتطوير العمل بالمرحلة القادمة. ومن هنا يكون لزاما علينا التعمق في تقييم عملنا، دونما تجميل أو تجريح بل نقد هدفه تصويب المسار وتعديل آليات العمل، فنحن لا نقيّم شيئاً مجهولا أو فريقاً لا نعرفه بل أننا نقيم أنفسنا وبهدف تطوير عملنا. وعملنا هذا متشعب بعنكبوتية يصعب ضبطها وبعشوائية يستحيل معرفة كل خباياها، فهذه الدراسة لا تعتبر ذات صلاحية عقابية، كما أنها لا توزع أوسمة العرفان على النجاح المبهر، فهي دراسة متواضعة لعينة صغيرة في بحر واسع يصل لحدود أكثر من عشرة آلاف صفحة في الفيس بوك تابعة لحركة فتح أو أعضائها أو أنصارها، وأحياناً منشقوها وأعدائها. ولابد من ذكر كل من الأخ محمد حمادنة والأخت سوسن حمادنة على مساعدتهم لي لعمل الإحصائية.
أما الأسس العلمية للدراسة فهي تشمل تحديداً صفات الصفحات التي شملتها الدراسة، وهي عشر صفحات فتحاوية، عدد أعضائها أو متابعيها يتجاوز الخمسة آلاف عضو أو عضوة: (حركة التحرير الوطني الفلسطيني الصفحة الرسمية، نحن العاصفة، إضراب الكرامة، الكادر الميداني لحركة فتح، الكادر الفتحاوي في العالم، منتدى أبناء حركة فتح، الصفحة المركزية للشهيد صلاح خلف، محمود عباس يمثلني، التجمع الفتحاوي، غضبة القدس)، وأن العينة المأخوذة هي آخر مائة إضافة (بوست post) في شهر حزيران/ يونيو 2017 وإن الدراسة تعالج مواضيع إضافات التي تم تصنيفها إلى: ( الانقسام السياسي، مقاومة الاحتلال، الأسرى، الشهداء، العملية السلمية، العلاقات الاجتماعية، أخبار الرئاسة، قضايا الحكم المحلي، تعاميم وإعلانات، ثقافة، دراسات ثورية، شؤون عربية، شؤون دولية، أخبار اللجنة المركزية)، كما تم دراسة اسم واضع الإضافة: (أسماء الإعلاميين وأسماء أعضاء المجموعات واللجان المشرفة على المجموعة)، كما تم دراسة موضوع الإضافة: (مقال، خواطر، تعليق، إعلان، كاركاتير، فيديو، تقرير إخباري)، وتم دراسة نوع الإضافة: ( صورة وتعليق، 15 كلمة، 50 كلمة، 100 كلمة، 150 كلمة، 400 كلمة، رابط فيديو، إعادة نشر من صفحته بالفيس بوك، إضافة رابط من الإنترنت)، وتم حذف معاملين آخرين بالدراسة الأول اللغة فهي بالغالب اللغة العربية، وكذلك معامل إعادة النشر (شيرshare). فقد اقتصر التقييم على عدد الإعجاب بالإضافة ( لايك like ) وعدد التعليقات عليها (كومنت comment).
كتب جان جينيه: يتوجب عليك أن تكون لصاً نموذجيا، إذا كان عليّ أن أكون قاضياً مثالياً. أما إذا كنت لصاً مزيفاً، فإنني أصبح قاضياً مزيفاً. واضح؟ فهل تعتبر مجموعات حركة فتح في الفيس بوك الواجهة الإلكترونية لحركة فتح بالوقت الحالي؟ وهل فعلا تم استغلال الإنترنت هذه الشابكة الإعلامية الإلكترونية لربط شتات حركة فتح بين الوطن والمخيمات والمغتربات والمهاجر؟ وهل هناك رسالة عالمية لحركة فتح قادرة للوصول لأبناء الشعب الفلسطيني، وأنصار الثورة الفلسطينية مع تقديم التنظير السياسي المقنع لمقابلة إعلام الفصائل الفلسطينية والمنظمات غير الحكومية، والإعلام العربي المتمترس خلف الأقطاب الإقليمية وامتداداتها الدولية؟ هل الإعلام الفتحاوي يتمركز حول نشر أخبار المقاومة الفلسطينية، وكشف الانتهاكات الإسرائيلية أم أنه تحول إلى إعلام الحزب الحاكم الذي يمجد الرئيس ويجرّم خصومه السياسيين؟ وهناك الكثير من التساؤلات التي تتخاطر في الذهن عند الكتابة عن الإعلام ودور الإعلام بالثورة والدولة، وقدرة القيادة الفلسطينية على ضبط حرية الإعلام دون استبداد سياسي أو إقصاء فصائلي؟
كتب كانت: إن القوة الخارجية التي تحرم الانسان من حرية توصيل أفكاره بشكل علني، تحرمه في الوقت نفسه من حرية التفكير. ولعلنا لاحظنا كيف تطور مفهوم حرية التعبير عن رأي منذ أواسط التسعينات من القرن الماضي، عندما أصبح الإنترنت بتكلفة معقولة، أصبح الإنترنت الوسيلة الإعلامية الأكثر شهرة عند الفلسطينيين، ففي وقت مبكر بدأت مقاهي الإنترنت تقدم خدمات الاتصالات الهاتفية بين مخيمات لبنان والمهاجر في أوروبا والأمريكتين، ويسجل التاريخ الريادية لمخيم نهر البارد كأول من أنشأ مقهى إنترنت بالمخيمات وذلك عام 1995 بعدما تخطى مفهوم خدمة الاتصال الهاتفي لمفهوم تصفح مواقع الإنترنت، وكانت بالغالب مواقع باللغة الإنجليزية لها جمهور خاص، إلا أن هذا لم يمنع من وصول عدد مقاهي الإنترنت في مخيمات لبنان إلى 30 مقهى ومخيمات الأردن 45 مقهى في نهاية عام 1996. وكان أهم حدث في عام 1996 هو ابتكار غرف التواصل الاجتماعي، وخلال شهر واحد من ابتكارها تم تأسيس البال توك أي فلسطين تتكلم، في حزيران من 1996 بمجهودات الإعلامي وليد ضاهر من الدنمارك والدكتور زياد أبو العنين من باكستان وهو أول غرفة للتواصل الاجتماعي معنونة باسم فلسطين. وفي نهاية عام 1996 وصل عدد الغرف الخاصة بفلسطين أكثر من 1290 غرفة تشمل كل أماكن تواجد الشعب الفلسطيني وتتناول كافة المواضيع السياسية والاجتماعية والثقافية، وكانت تستخدم لغة خاصة إسمها لغة الإنترنت وهي كتابة الكلمات العربية بحروف إنجليزية بمساعدة الأرقام وأدوات الترقيم. وقد بدأت لغة الإنترنت في مدينة شيراز الإيرانية ثم انتقلت سريعا إلى المنطقة العربية، وتعتبر أول رسالة عربية بلغة الإنترنت من ابتكار شخص من عين الحلوة يوم 8 أكتوبر 1996 وهي قصيرة للغاية : أنا عرب أبو عرب بحكي عربي مين عربي فيكم؟ وتم إرسالها لموقع ألماني اسمه فرانكو سيبر، رغم أنني أجزم أننا كتبنا بغرفة البال توك بلغة الإنترنت قبل هذا التاريخ بأربعة أشهر لكن هذا ما هو مسجل بتاريخ غرفة التواصل الاجتماعي.
كتب غرامسي: كل إنسان في النهاية، يمارس خارج مهنته فعالية ثقافية ما، فهو فيلسوف، فنان، صاحب رأي، إنه يشارك في تقديم تصوّر عن العالم، له سلوك أخلاقي واعٍ، إنه إذن يساهم في دعم تصوّر ما عن العالم أو تعديله، أي يساهم في ميلاد أنماط جديدة للتفكير. لقد تم تصنيف فلسطين بشعب الإنترنت بمنطقة البحر المتوسط وغرب آسيا قبل أن تتأسس شركة الاتصالات الفلسطينية بل أن الفلسطينيين كانوا بالمرتبة الثالثة آسيويا عام 1997 بعد الهند والفيلبين بكثافة استخدام الإنترنت للفرد. وأكثر من هذا اعتبرت مخيمات لبنان أكثر المناطق التي تتواصل مع دول الإتحاد الأوروبي عبر الإنترنت. وهي النقطة غير المفهومة في عام 1997 والسبب أن تصنيف إسرائيل يضع ضمن دول الإتحاد الأوروبي وشكّلت الاتصالات مع إسرائيل 54% من اتصالات مخيمات لبنان مع إسرائيل عام 1997، وبالتأكيد أن عام 1997 هو عام اللحمة بين الفلسطينيين في عكا وحيفا والناصرة والجليل والمثلث مع مخيمات لبنان، فهو عام تصوير القرى والمدن، وكذلك عام لم الشمل والصداقات الحميمية بين المخيم والوطن السليب. أما عام 1998 فهو عام العائدين وتوحيد فلسطين كاملة بعدما انضمت مخيمات الأردن والضفة الغربية وقطاع غزة والإمارات والسعودية وكندا إلى نفس الغرف القديمة مع استمرار تصدر ألمانيا ومخيمات لبنان كأكثر الأعضاء تواجداً بغرفة التواصل الاجتماعي.
كتب جاك ديريدا: الكتابة للجمهور هي عمل مؤسساتي فريد من نوعه، فهي لا تقدم جواباً مُبْدِئاً أو فكريا أو حرفياً أمام المؤسسات الأكاديمية البحثية ، لأنها تتبنى مفهوم الصراحة المطلقة. المفارقة: هذا الانعتاق يجعلها شبيهة بالفعل البدائي غير المشروط فهي لا تستند إلى قانون، ولا تتحمل مسؤولية ما تعرضه، هي طرفة حداثية بمفهوم المسؤولية، فهي مسؤولية زيادة عدد القراء والمتابعين بأي ثمن. ومن هنا يكون السؤال الأكثر أهمية ماذا كنّا نكتب وماذا نكتب الآن، وماذا سنكتب بالمستقبل؟ ولعلنا لا نملك الإمكانيات التي تؤهلنا لدراسة كل ما كتب، اخترنا عيِّنية، لها دلالة آخر شهر حزيران بأخباره المتسارعة: عملية طعن بالقدس، وأطفال يُمنعون من العلاج، بالمقابل قطة تحظى باهتمام مبالغ، ورقة حماس ودحلان ثم الأخ الرئيس أبو مازن في أسواق رام الله، العشرة الأواخر من رمضان والعيد، وغيرها الكثير من الأحداث الساخنة، فنحن لسنا قلب الحدث فحسب، بل أن أحداثنا تحظى بأهمية خاصة عند أنفسنا على الأقل، فأكثر ما لفت نظري بدراسة أن الفلسطينيين زاهدون بالحديث عن الأزمات العربية الداخلية، والقضايا الدولية، وجل اهتمامهم قضيتهم الوطنية ونضالهم ضد الاحتلال، وهم بامتياز شعب عاطفي يهتم بالعلاقات الاجتماعية أكثر من السياسية.
كتب عبد الحسين شعبان: يواجه مثقف اليوم ثلاث سلطات: السلطة الرسمية الحاكمة التي تحاول تدجينه بالإقناع أو بالاقتلاع. والسلطة التقليدية الثيوقراطية الدينية بما تحمله من جمود التطرف والتحريم والتجريم، أو فرض السلفية الفكرية الرافضة للحداثة والتجديد. والسلطة الثالثة هي قوة العادات والتقاليد وسكونية المجتمع للصوت الأعلى الذي يشكّل العقل السائد للمجتمع، فهو بقدر ما يحافظ على الموروث الاجتماعي يعيق تقدم المجتمع ويكبت حرياته. ومن هنا وجب علينا دراسة عناوين الموضوعات التي تمّ إضافتها في مجموعات حركة فتح ضمن العينية موضوع البحث ضمن الفترة الزمنية المذكورة أعلاه. وقد تم تفنيد الموضوعات ثم تبويبها لتسهل دراستها، دون أن يكون هذا التبويب جامدا بل أنه للغاية البحثية الصرفة، فمثلاً عندما يكون الحديث عن العلاقات الاجتماعية يتساوى الحزن مع الفرح، رغم أن دراسة مقياس السعادة تتطلب فصل تقديم واجب العزاء عن التهنئة بعيد الفطر، إلا أن العمومية بالموضوع أن كلا الأمرين يدخلان ضمن العلاقات الاجتماعية.
عنوان الأول كان الانقسام السياسي بما له وعليه من استياء شعبي لاستمراره غير المبرر مع وجود مجهود إعلامي كبير لتحميل جهات رافضة للمصالحة وقيامها بأعمال تزيد من الهوة السياسية في وضع عربي متأزم أصلا، وهذا ما جعل موضوع الانقسام السياسي يكون أكثر المواضيع التي يتم إضافتها على مجموعات حركة فتح بالفيس بوك بنسبة 16.3% وهذا له دلالات عميقة إن الانقسام السياسي يعتبر على سلم أولويات تفكير الإنسان الفلسطيني، إلا أن هذه النسبة تعكس حقيقة أن هناك مواضيع أخرى يتم طرحها، وهذا ينافي ما ينشره الإعلام العربي والغربي من أن الفلسطينيين لا يتحدثون عن مقاومة الاحتلال بقدر ما يتحدثون عن الانقسام السياسي، بل إن المراقبين السياسيين يرجحون وصول فلسطين لمرحلة الحرب الأهلية، وهذا لا يظهر أبدأ ضمن العيِّنة المدروسة، فلا يوجد دعوات للقتل أو فرض المصالحة بين جغرافيا الوطن بقوة السلاح، كما أن مواضيع مقاومة الاحتلال تشكل 13% من العيِّنة المدروسة، وهي لا تشمل موضوعات الأسرى التي تشكل 5.6% أوموضوعات الشهداء التي تشكل 6% أو موضوعات العملية السلمية التي لا تزيد عن 2.1% . وهنا يظهر حجم الخطأ الذي يتم تسويقه بحق اهتمامات الانسان الفلسطيني وبالتأكيد الفتحاوي ضمن العينية المدروسة. وقد كان يسيرا علينا أن نجعل التبويب مقتصراً على موضوعات الانقسام مقابل غيرها من الموضوعات، إلا أن الدراسة تسعى إلى أكثر من تكذيب ما يشاع أن فتح تهادن الاحتلال لتحارب حركة حماس، وبالتأكيد أن حركة حماس تقاوم إسرائيل أكثر من سعيها لاستلام السلطة بالضفة الغربية. كما أن الدراسة تبين أن المهتمين بشكل مستمر بموضوعات الانقسام لا تتجاوز 4% من مجمل المتابعين لمجموعة واحدة، أي أن المتابع للمجموعة يقرأ مواضيع أخرى ولا يوجد تفرغ تام لموضوع الانقسام، ومن ناحية ثانية معدل الإعجاب لموضوعات الانقسام سجل أعلى معدل 226.5 مقارنة بالموضوعات الأخرى، إلا أن هذا المعدل لا يعني أن هناك إضافات حققت إعجاباً تجاوز 2000 معجب خصوصاً بموضوعات العلاقات الاجتماعية. فدراسة المعدل الكيفي تعني تراكمية تكرار المواضيع ضمن تجريد عناوينها بينما يعتبر مقياس أعلى معدل إعجاب أكثر المؤشرات الإرشادية لتحسين أداء المجموعة. كما أن المعدل الكيفي يحدد قدرة المجموعة على التفاعل ضمن مواضيع محددة وهذا الهدف الأساسي لأي مجموعة للتواصل الاجتماعي، ومن هنا يكون المقياس الضابط لنجاح المجموعة.
أما سبب فصل موضوعات مقاومة الاحتلال عن باقي الموضوعات ذات الصلة فيأتي من باب التبويب الخاص وفصله عن العام، فلا يمكن اعتبار استشهاد شاب فلسطيني مثل إغلاق طريق بين منطقتين محتلتين، فالشهيد رغم أهمية خبره إلا أنه موضوع له خصوصية الحدث وتوليد ردات فعل، بينما مقاومة الاحتلال تعتبر الفعل الإيجابي الصادر بإرادة شعبية ضد انتهاكات الاحتلال. فالعمومية الثورية الإيجابية تستعر بالخصوصية التعسفية للاحتلال، لذا تكون جوهر المقاومة أنها إيجابية رافضة للاحتلال أكثر من أن تكون سلبية تنتظر العقاب من المحتل، وهذا التبويب بقدر ما يلغي الصفة اللا عنفية للمقاومة يجعلها تظهر جلية بأنها مقاومة شعبية سلمية دون جدال بأنها مثال واضح للمقاومة السلمية العنفية التي يتبناها الشعب الفلسطيني، فموضوع نبذ العنف مطلب صهيوني قديم يعود إلى زمن الانتداب البريطاني، فكل رفض لقرارات جيش الاحتلال يُسمى مقاومة عنفية، فالفكر الصهيوني يساوي بين إمرأة فلسطينية ترفض أن يهدم منزلها مع فدائي مسلح يقاتل جيش الاحتلال، فالكل سيان بانتهاجهم رفض الانصياع لقرارات جيش الاحتلال، إلا أن القيادة الفلسطينية ترفض وصف المقاومة السلمية بأنها عنيفة، بل أنها رفض لعنف القرارات الصادرة من جيش الاحتلال، إلا أن النظرة العلمية لمسألة العنف الثوري تصنف المقاومة الشعبية الفلسطينية على أنها مقاومة سلمية عنفية بامتياز وهي ليست تهمة بل هي أسلوب مثالي لمقاومة الاحتلال الاستيطاني، وبدونها تستعر كمية الأراضي المصادرة وتزيد العراقيل الاستفزازية من جيش الاحتلال فهو يسعى جاهدا لتفريغ الأرض من سكانها وإحلال مستوطنين صهاينة محلهم. وهذا الهاجس الساكن في الوجدان الفلسطيني يجعل موضوعات الشهداء تصل إلى نسبة 6% من معدل الإضافات وبمعدل كيفي يصل إلى 76.6 وهذا معدل عالٍ نسبيةً لموضوع متخصص مثل الشهداء، كما أن موضوعات الأسرى تصل إلى نسبة 5.6% وبمعدل كيفي يصل إلى 78.6 وهذا يعني أن هناك عنفاً كبيراً من جيش الاحتلال يجعل الموت اليومي في فلسطين حدثاً متكرراً، وأن الاعتقال السياسي أمر وارد لأي فلسطيني، هذه الطاقة السلبية التي يمارسها جيش الاحتلال لم تنتقص من كمية الطاقة الإيجابية عند الفلسطينيين، بل أن المقاومة الإيجابية تفوق الطاقة السلبية بأكثر من 3%، وهذا يدلل على أن ممارسات الاحتلال لم تهزم إرادة المقاومة الشعبية، بل أنها قادرة على الاستمرار رغم كل هذه الطاقة السلبية وهذا أكبر انتصار يمكن أن تحققه ثورة سلمية عنفية دون أن تصل لمرحلة الحرب الشعبية الشاملة، أو يتم تعريفه محلياً بالانتفاضة الشعبية.
كتب بازنغتون مور: هنالك حدود لما يمكن للجماعات الحاكمة والمحكومة أن تفعله، على أن ما يحدث بالفعل هو نوع من البحث المتواصل لمعرفة ما يمكن النجاة به بدون عقوبة، واكتشاف حدود الطاعة والعصيان. هل يمكن وصف الأخ الرئيس أبو مازن بأنه دكتاتور، أو حاكم مستبد يستخدم القوى الأمنية لفرض حكمه بالقوة على الشعب الفلسطيني؟ قد تكون الإجابة السهلة النفي المطلق فمعدل الشفافية السياسية في فلسطين تعد مرتفعة مقارنة بدول العالم الثالث، واستقلال الحكم القضائي صفة ملازمة للنضال الفلسطيني، ولكي ندرس مفهوم الدكتاتور لابد من معرفة الدائرة الموالية للدكتاتور وهي تشمل الطبقة المحظية وحزبه السياسي ثم الأجهزة الأمنية، وقد يكون من العدل أن نفرق بين الردح السياسي الذي يبيح السباب على الرئيس، وبين الباحث عن مساحة أوسع من الديموقراطية تسمح بوجود شراكة سياسية، بل أن هناك مجموعات تعتبر دكتاتورية الأخ الرئيس أبو مازن سبب استمرار الانقسام، وهنا يكون لزاما علينا دراسة موضوعات الرئاسة ضمن العينة الخاضعة للدراسة وهي وصلت إلى نسبة 6.2% بمعدل كيفي 204 أي أننا نتحدث عن متابعة لأخبار الرئيس التي تشكل 87.6% من مجمل موضوعات الرئاسة وهي 100% ظهرت بمواقع إعلامية عربية وأحياناً دولية. كما أن مسألة الرئيس الشهيد ياسر عرفات مازالت تشكل حالة نادرة بتاريخ الثورات حيث استمرت رغم كل التغيرات بالوجوه والسياسات، لذا فإن وصف الأخ الرئيس أبو مازن دكتاتورا لا يتناسب مع العينة المأخوذة من مجموعات تنظيمه السياسي، بل أن إنتفاء صفة الطبقة المحظية من دائرة المتابعة الحدثية بالعينة المدروسة يعزز فكرة ثورية حركة فتح، وينفي عنها صفة الحزب الحاكم، رغم وجود الكثير من الخطأ بفهم الحزب الحاكم المستبد على طريقة النظم الشيوعية الشمولية، وهذا الانتفاء له دلائل واضحة على تبادل الأدوار بين المؤسسات الثلاث، مكتب الرئاسة والسلطة الوطنية وحركة فتح مع إعطاء دور بسيط لمنظمة التحرير الفلسطينية في تعقيدات ديموقراطية تجعل من المستحيل تشكل نظام دكتاتوري في فلسطين. وإذا ما تم إضافة نقطة المال السياسي نرى أن 67% من الأموال المرسلة لفلسطين هي من نصيب المنظمات غير الحكومية، تكون مسألة شراء الذمم بالمال السياسي مسألة غير قابلة للدراسة، لإن ما يتحكم به الرئيس من مال لا يتجاوز 4% من الأموال المرسلة بطريقة علانية لفلسطين. وفي نقطة أصعب هي إتهام الأجهزة الأمنية بأنها تقمع الشعب الفلسطيني يتنافى مع إرتفاع نسبة الانتهاكات التي يقوم بها جيش الاحتلال من قتل يومي، واعتقال سياسي كما يحاول أن يشيع خصوم وأعداء السلطة الفلسطينية.
من جانب آخر جاءت نتائج الدراسة متوافقة مع مفهوم مواقع التواصل الاجتماعي لنوع الإضافة الأكثر رواجا، حيث احتل التعليق القصير المرتبة الأعلى بنسبة الإضافات وصلت إلى نسبة 38.3% من مجمل الإضافات،بمعدل إعجاب كيفي وصل إلى 189.6 والمقصود بالتعليق هو العبارات القصيرة التي تحمل فكرة واحدة، تلا ذلك التقرير الإخباري بنسبة 11,1% بمعدل إعجاب كيفي لم يتجاوز 15.7 مما يعني أن تعليقاً شخصياً يجد رواجا أعلى لمتابعي مجموعات الفيس بوك، أما السبب وراء ذلك فهو أن التقارير الإخبارية في المجموعات الفتحاوية لم تصل لمرحلة الخبر الحصري، أو أنها تنقل خبراً ميدانياً من شاهد عيان لا من متمرس محترف بالإعلام. كما أن الوسائط الإعلامية قليلة الاستخدام في التعبير عن الرأي ضمن العينة الدراسية حيث أن روابط الفيديو لم تتجاوز نسبتها 3.9% بمعدل إعجاب كيفي 79.3 وهو معدل جيد نوعا ما، إلا أن انخفاض النسبة بالمعدل العام تعني أن هناك ندرة بوجود فيديوهات قادرة على إيصال فكرة واضع الإضافة، أما الكاركاتير والصور فلم تصل نسبتهم من المعدل العام 1.4% بمعدل إعجاب كيفي 27,1 وهذا يضع علامة استفهام كبرى على نوعية الصور والكاريكاتيرات فهي لا تتناسب مع رغبات متابعي المجموعات. وبعكس المتوقع فإن المقال السياسي وصل إلى نسبة 23,6% من المعدل العام بمعدل إعجاب كيفي وصل إلى 127,1 وهذا معدل عالٍ يؤكد أن متابعي المجموعات لا يفكرون بالتحول إلى الانستغرام ووسائل الصورة والتعليق الخاطف، أي هناك تخلف كبير عن قاعدة جمهور التواصل الاجتماعي بالعالم الذي يتناقص بالفيس بوك بسبب طول الفقرات والمقالات. أما الأسباب وراء ذلك فإنها تتخطى ضعف الإعلام الفتحاوي في الانستغرام والتويتر، بل أن هناك توجهاً فلسطينياً شعبياً نحو تعزيز فكرة الفيس بوك كوسيلة لنقل الخبر والمعلومة، بل أن هناك مؤسسات إعلامية تتخذ من الفيس بوك قاعدة إنطلاق لباقي صفحات الإنترنت، كما أن هناك مؤسسات إعلامية من خارج الفيس بوك تستخدم الفيس بوك لتسويق مواقعها الإلكترونية.
بالتأكيد إن دراسة نوع الإضافة يعزز المفهوم السابق حيث أن مفهوم الانستغرام يتقدم على المفهوم التقليدي للفيس بوك، فقد تبين من العينة الدراسية أن الصورة والتعليق وصلا إلى 21.44 معدلاً كمياً بمعدل إعجاب كيفي وصل إلى 86.48 وهي نسبة جد عالية وتبين أن مستقبل الإعلام الفتحاوي يتجه نحو الانستغرام وينسحب تدريجيا من الفيس بوك. خصوصا إذا ما تمعّنا بقراءة التدرج التصاعدي لمعدل الإعجاب كلما قلّت عدد كلمات لكل إضافة، فعندما تكون الإضافة عبارة عن 400 كلمة وأكثر يكون المعدل الكمي 6,88 ومعدل الإعجاب الكيفي 119.5، وعندما ينخفض عدد كلمات لكل إضافة إلى 150 كلمة يصبح المعدل الكمي 4,13 ومعدل الإعجاب الكيفي 174,88، وعندما ينخفض عدد كلمات لكل إضافة إلى 100 كلمة يصبح المعدل الكمي 4,11 ومعدل الإعجاب الكيفي 275,22، كما أن إنخفاض عدد الكلمات لكل إضافة إلى أقل من 50 كلمة يجعل المعدل الكمي يصل إلى 9,5 ومعدل الإعجاب الكيفي إلى 185,26، وأكثر من هذا عندما ينخفض عدد الكلمات لكل إضافة إلى أقل من 15 كلمة فإن المعدل الكمي يكون 21,44 مع معدل الإعجاب الكيفي 356,77. هذه الإحصاءات تدلل على أن هناك تناسباً طردياً تصاعدياً بين قلة عدد الكلمات وإرتفاع معدل الإعجاب وهي مقاربة كثيرا للمعدل العالمي لمواقع التواصل الاجتماعي التي تخشى من اضمحلال التفاعلية بالفيس بوك وانتقال متابعيه إلى الانستغرام والتوتير.
أما بخصوص الجانب الآخر وهو جانب إعادة النشر عبر صفحات الفيس بوك فهي مقسمة إلى قسمين رئيسين الأول هو إعادة النشر من إحدى صفحات الفيس بوك إلى صفحة أخرى، وهذا الأسلوب له هدفان: الأول تسويقي ترويجي هدفه الأساسي الحصول على انتشار أوسع، خصوصا في المجموعات المغلقة على الأعضاء، فضمن العينة الدراسية هناك تسعة مواقع من أصل عشرة تسمح بإعادة النشر من صفحات الفيس بوك، وهي حصلت على معدل كمي 23,6 ومعدل إعجاب كيفي وصل إلى 127,1 وبذلك تكون من أهداف هذه المجموعات أن تكون عبارة عن بوابة تسويقية لصفحات أخرى بالفيس بوك. أما الجانب الآخر وهو إعادة نشر لوصلات خارجية من صفحات الإنترنت، والغريب أن معظم هذه الوصلات كانت من صفحات تابعة لحركة فتح أو مقربة منها، وهي بالعادة صفحات لا تحظى بمتابعة بشكل مباشر بل أنها بحاجة لتسويق حثي، أي أن التسويق يكون لمقال محدد أكثر ما يكون لتسويق كاتب بعينه أو حتى الترويج لمتابعة موقع إلالكتروني محدد. وهذا يدفعنا لدراسة أسماء، واضع الإضافة حيث أن المعدل العالمي يتحدث عن إدارة مشرفة عن كل مجموعة تتكون من خمسة أشخاص يقومون بوضع 50% من الإضافات، لكن هذا لم يتوافق مع العينة الدراسية، حيث إن اللجان المشرفة تكون بالغالب شخصاً أو شخصين، أو أنها مفتوحة لجميع الأعضاء، أو مغلقة بشكل لا يظهر عدد اللجنة المشرفة، أما نسبة وضع الإضافات لكل اسم من أسماء المشرفين فهي كلها أقل من 20%، مما يعني أن مجموعة الفيس بوك لا تحظى بتفرغ كامل، بل أن بعض الإعلاميين ينشرون مقالاتهم بأكثر من مجموعة، وأحياناً ينشرون مقالاتهم خارج الفيس بوك، مما يعني أن مجموعات الفيس بوك لم تكن الوسيلة الوحيدة للإعلامي، ولن يكون متفرغاً فقط لمجموعة واحدة بالفيس بوك. وهذا يجعلنا نقيِّم أن المهنية منخفضة بأغلب المجموعات لأنها لا تحوي حرفية مهنية تعمل على تعزيز قوة المجموعة وتمايزها عن المجموعات الأخرى، كما أن هناك ضعفاً عاماً بنسبة التعليقات على الموضوعات بشكل عام، فلا يوجد تعليقات وحوارات ونقاشات مما يدلل على ترابط متابعي المجموعة أقل من خفيف، وأحياناً كثيرة لا يتجمهر المتابعون حول إعلامي أو قيادي بعينه فالمعدل العام أقل من 0,03% من عدد أعضاء يشاركون بإضافات أو التعليق عليها، مما يعني أن المتابعين لا يتبنون توجهًا محددًا أو أن هناك برنامجاً مخصصاً لهم. بل أن غالبية فكرة التجمهر تطرح من باب المناطقية الإقليمية أكثر من كونه فرق عمل إعلامية متخصصة. فالتواصل بين كوادر الحركة في قطاع غزة ومخيمات لبنان والضفة الغربية وأوروبا ضعيف جداً، ويعتمد على إعلاميين غير متفرغين لمجموعات الفيس بوك.
عندما كتب كولن ولسون: ركّز على تعلم حيلة القفز فوق صهوة الجواد المسرع، وتذكر شيئاً واحداً: التشاؤم أثقل من الرصاص يحيط بالقدم. الهزيمة دائماً اختيار ذاتي. قصد تحديد المشكلة وقدرتنا على فهمها قبل أن نفكر بحلها، لا يوجد عاقل ممكن أن يصل إلى نتيجة أفضل من قراءتنا للعينة الدراسية بالحكم على مجموعاتنا بالفيس بوك، والتي أتفاعل معها بقدر المستطاع، إلا أن الوقفة الحقيقية تكون عند تحديد هدفنا من هذه المجموعات، لإنها إن كبر حجم متابعيها إلا أنهم متابعون صوريون جامدون لا يتفاعلون مع ما يطرح من إضافات، هناك طرق كثيرة ممكنة لتطوير هذه المجموعات، وأولها تحديد هدف تشكيلها وطرق تمويلها ثم محاسبة ضعفها الناتج عن ضعف مهنيتها فهي بلا خطة عمل ولا هدف محدد. بل أن دراسة إعادة النشر منها يجعلها لا تصنف بأنها مصدر أي خبر حصري، وهي أحادية اللغة لا تحاول كسب أنصار أجانب للشعب الفلسطيني، وهي ذاتية ضعيفة الاهتمام بالقضايا العربية والدولية مما يجعلها غير جاذبة للجمهور العربي الذي يبحث عن مجموعات شمولية تعتبر فلسطين إحدى القضايا العربية، ومن جانب مر جدا أن الحوار مفقود، وأن هناك لونًا واحدًا يطرح داخل هذه المجموعات مما يفقدها القدرة على صناعة مصفاة أفكار تؤسس إلى إنتاج أفكار ثورية جديدة تكون رافدًا للشؤون الفكرية للحركة، كما أن هناك إقصاء كاملاً لتبادلية المعلوماتية، فلا يوجد أي استفسار أو طلب معلومة تتخطى طلب توضيح بموضوعات العلاقات الاجتماعية وقضايا الحكم المحلي. رغم كل ما سبق نرى أن هذه الدراسة جاءت لتؤكد أن العمل التطوعي يتصاعد بشكل مكثف في جيل الشباب الذي يعمل بروح المبادرة المطلوب صقلها وتمرينها على تطوير نفسها بنفسها. كما أن هناك انفتاحًا كبيرًا بين الأسماء الإعلامية الكبيرة والمتطوعين يجعل الفسحة مفتوحة لتطوير ما هو موجود، كما أن الإعلام الفتحاوي مستعد لعصر الإنستغرام وأن الفترة التجريبية بمجموعات الفيس بوك تؤكد الجاهزية الفنية والروح الإبداعية عن مصممي الصور والتعليقات، بالمختصر المفيد وفقا للمعايير الدولية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها