قررت الإدارة الأميركية إرسال موفديها للمنطقة لمتابعة البحث عن مخارج للإستعصاء، والسعي لإيجاد مخارج تسهم في تجسير الهوة بين الفريقين الفلسطيني والإسرائيلي. وسيضم الوفد كوشنر، وغرينبلات بالإضافية لدينا باول، نائبة رئيس مجلس الأمن القومي، وهي مصرية الأصل. وسيجول الوفد الأميركي على عدد من الدول العربية: مصر والسعودية والإمارات وقطر بالإضافة لفلسطين وإسرائيل.
لكن مشكلة الأحصنة الأميركية القادمة، انها عرجاء، لإنها لا تملك حتى الآن رؤية واضحة ومحددة للتسوية السياسية، فهي لم تتبنَ اي صيغة للتسوية، لا صيغة الدولتين ولا صيغة الدولة الواحدة، أضف إلى انها منحازة للرؤية الإسرائيلية، حتى رؤى الإدارات الأميركية السابقة المتعلقة بالسلام لم تتبناها، بغض النظر عن عدم العمل على تفعيلها، وتطبيقها على الأرض بحكم مركبات صناعة القرار الأميركي. كما لم تلتزم بالقوانين والقرارات الدولية ومرجعيات السلام ذات الصلة. وتطالب تلك الأحصنة المتهالكة من القيادة الفلسطينية الإذعان لإملاءاتها وإملاءات دولة الإستعمار الإسرائيلية!؟
لذا من الصعب التفاؤل بإمكانية تحقيق الوفد الأميركي أي إختراق منطقي، لاسيما وأن إسرائيل بقيادة نتنياهو، الآيل للسقوط ليست معنية بإحداث أي تقدم في العملية السياسية مهما كان صغيرا. وكل همها الإستيطان الإستعماري على حساب عملية السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وتصفية ركائز التسوية السياسية.
إن كانت الولايات المتحدة جادة ومعنية بإحداث إختراق حقيقي على المسار الفلسطيني الإسرائيلي، عليها ان تتبنى الموقف التالي:
اولاً: الطلب من حكومة الإئتلاف الإسرائيلي الحاكم التوقف فورا، ودون قيد او شرط عن الإستيطان الإستعماري. لإنه لا يمكن الحديث عن التسوية ما لم تتوقف حكومة الإحتلال عن خيار الإستيطان. أما القول بأن الإستيطان لا يؤثر، فهذا كلام هراء وفاقد الأهلية السياسية.
ثانياً: إعتماد خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 67.
ثالثاً: وضع سقف زمني لإنسحاب إسرائيل من اراضي دولة فلسطين المحتلة عام 67.
رابعاً: التمهيد لذلك بتوسيع صلاحيات السلطة الوطنية على المناطق المصنفة سي، ووقف إنتهاكاتها في القدس الشرقية، العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، وإعادة الأمور لما كانت عليه قبل سبتمبر/ ايلول 2000.
خامساً: الدعم لرفع مكانة فلسطين في الدورة القادمة للامم المتحدة لدولة كامل العضوية دون تردد او وضع العراقيل.
سادساً: إلغاء كل القرارات، التي إتخذها أعضاء المجلسين الكونغرس والشيوخ. والكف عن التلويح بفرض عقوبات من اي شاكلة على منظمة التحرير والسلطة الوطنية.
سابعاً: ضبط إيقاع ممثليها لعملية السلام وسفيرها المستوطن، وكبح نزعاتهم المنحازة لإسرائيل، وإعلان حياديتهم بشكل واضح لصالح السلام والتعايش بين شعوب المنطقة. وهذه ليست شروطاً فلسطينية، إنما هي مرتكزات اساسية لبناء ركائز تسوية سياسية ممكنة وقابلة للحياة.
دون إقدام الإدارة الأميركية على الخطوات المذكورة آنفا، سيكون مجيئ وفدها، كما عدمه. بتعبير آخر، مجيئه للمنطقة سيكون مضيعة للوقت، وشكل من اشكال التسويف والمماطلة، والتغطية على إنتهاكات إسرائيل، الخارجة على القانون الدولي، ومحاولة للإلتفاف على القيادة الفلسطينية ومنجزات هبة القدس الأخيرة، ومناورة جديدة لترتيبات الحل الإقليمي المشبوه، الذي يستهدف المصالح والأهداف الفلسطينية، والتسوية السياسية الواقعية، والمصالح الحيوية الأميركية.
من المؤكد ستلتقي القيادة الفلسطينية الوفد الأميركي، وستسمع له، وستسمعه موقفها مجددا. ولكنها لا تأمل منه الكثير، إلآ إذا غير من قواعد ومساقات العمل الأميركي القائمة حاليا. فهل تستطيع الأحصنة الأميركية القادمة القدوم للمنطقة بقوائم صحيحة ومعتدلة دون تشوهات وعرج؟ الجواب عند سيد البيت الأبيض وأركان إدارته.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها