دفنت إسرائيل يوم امس أربعة جنود قتلوا الأحد في هجوم بشاحنة في القدس المحتلة، في أحد أكثر الهجمات دموية منذ أشهر، ما عزز التوترات بين إسرائيل والفلسطينيين على الرغم من الهدوء النسبي في الأشهر الاخيرة.

وقام الشاب الفلسطيني فادي القنبر (28 عاما) الاحد بصدم جمع من الجنود كانوا يقومون برحلة مخصصة للعسكريين في القدس المحتلة، ما أدى إلى مقتل اربعة منهم. واستشهد القنبر برصاص قوات الاحتلال الاسرائيلية بعدما صدم الجنود في متنزه في حي ارمون هنتسيف الاستيطاني المطل على البلدة القديمة في القدس.

والجنود القتلى هم يائيل يكوتيل (20 عاما) وشير حجاج (22 عاما) وشيرا تزور (20 عاما) وايريز اورباخ (20 عاما). وجرح في الهجوم 17 جنديا، بينهم حالتان خطيرتان.

ودفن القتلى الاربعة في مناطق مختلفة، ودفن اورباخ في مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة بينما دفنت المجندات في حيفا والقدس وتل ابيب، بحسب وسائل الاعلام الاسرائيلية.

وهذه أول خسائر في صفوف الاسرائيليين في هجمات فلسطينية منذ 9 من تشرين الاول/ اكتوبر الماضي، بحسب قائمة رسمية اسرائيلية.

والقنبر من سكان حي جبل المكبر في القدس الشرقية المحتلة.

ووقع الهجوم في منطقة بين حي ارمون هنتسيف الاستيطاني وحي جبل المكبر الفلسطيني.

وعقب الهجوم، قالت الشرطة الاسرائيلية انها قامت باعتقال تسعة فلسطينيين، بينهم خمسة من افراد عائلة الشاب القنبر.

واقدمت قوات الأمن الاسرائيلية صباح الاثنين على هدم خيمة عزائه في حي جبل المكبر، بحسب مراسلة لفرانس برس.

وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قال الأحد بعد الهجوم إن الشاب من “انصار” تنظيم الدولة الاسلامية.

بينما نفى ابن عمه، محمد القنبر (43 عاما) ذلك. وقال لوكالة فرانس برس “فادي كان شخصا عاديا. كان متدينا وحياته طبيعية. لم يكن هناك اي شيء في حياته يدل على انه من داعش. لم يتواصل في حياته مع داعش ولم يعرف داعش”.

واضاف “فوجئنا بالتأكيد، لم نتوقع أن يقدم فادي على امر كهذا. ولكن الامر حدث. ولا نقول سوى حول ولا قوة الا بالله”.

- إجراءات عقابية

واعلنت السلطات الاسرائيلية عن سلسلة من الاجراءات العقابية ضد عائلة القنبر منها عدم اعادة جثمانه إلى عائلته لدفنه وهو إجراء عقابي تلجأ اليه اسرائيل ضد منفذي العمليات أو من يقتلون في مواجهات مع الجيش والشرطة، ورفض أي طلبات لم شمل قدمها أي من افراد عائلته لاقارب في الضفة الغربية أو قطاع غزة، بحسب ما أوردت وسائل الاعلام.

وبدأت العائلة التحضير لمغادرة منزلها قبل هدمه.

وانتشر فيديو للهجوم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر شاحنة تصدم مجموعة جنود يقفون بجانب حافلة.

ويحاول سائق الشاحنة الرجوع الى الخلف لتكرار دهس الجنود، الا ان جنودا يطلقون النار عليه فيقتلونه.

وتظهر سيارات اسعاف تصل إلى المكان، بينما ظهرت في الفيديو مجموعة جنود يحاولون الهرب.

ومن جانبه، أكد مسؤول إسرائيلي طلب عدم الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس أن إسرائيل قررت اعتقال أي شخص يعرب عن تعاطفه أو تأييده لتنظيم الدولة الاسلامية.

والاثنين، أكد نتنياهو الذي زار بعض الجنود الجرحى في مستشفى في القدس في تصريحات نشرها مكتبه، “أهم شيء يجب فهمه هو اننا نتعرض لنوع جديد من الهجمات يستوحي فيها فرد واحد (…) ويقرر على الفور القيام بشيء. وفي هذه الحالة، عملية صدم”.

واندلعت اعمال عنف في الاراضي الفلسطينية منذ الاول من تشرين الاول/ اكتوبر 2015 ما أدى إلى استشهاد 247 فلسطينيا في مواجهات بين فلسطينيين واسرائيليين واطلاق نار وعمليات طعن قتل فيها 40 اسرائيليا اضافة إلى أمريكيين اثنين وأردني واريتري وسوداني، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس.

وتقول الشرطة الاسرائيلية إن معظم الفلسطينيين قتلوا برصاص عناصرها أو الجيش خلال تنفيذهم أو محاولة تنفيذهم هجمات على اسرائيليين.

ويرى خبراء أن هذه الهجمات تأتي نتيجة شعور الشبان الفلسطينيين بالاحباط جراء زيادة صعوبات الحياة اليومية وانسداد الافق مع تعثر عملية السلام وممارسات الاحتلال الاسرائيلي.

بينما ترفض الحكومة الاسرائيلية هذه الادعاءات وتقول إن سبب الهجمات هو رفض الفلسطينيين الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود وثقافة “التحريض على الكراهية”.

وكتبت صحيفة معاريف الاسرائيلية ان استخدام شاحنة لتنفيذ هجوم قد يشير الى امكانية استلهام المهاجم افكار تنظيم “الدولة الاسلامية”. ولكن الصحيفة اشارت ان الفلسطينيين قاموا من قبل بشن هجمات صدم بالسيارة خلال الانتفاضة الاولى (1987-1993).

وبحسب الصحيفة، فان هجوم الاحد يشبه في جوانب كثيرة هجمات نفذت في الاشهر الاخيرة.

واضافت الصحيفة “الوضع هدأ في الاشهر الاخيرة، ولكن الهدوء كان مخادعا”، مؤكدة ان “موجة (العنف) يمكن ان تندلع مرة اخرى، بشكل اكبر من هذا، في أي لحظة”.