بقلم وائل قباني، نائب الرئيس – الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق المتوسط، بي تي
يتطور الابتكار التكنولوجي اليوم بوتيرة أسرع من أي وقت مضى. فقبل بضع سنوات فقط، رُفضت تقنيات السحابة باعتبارها بدعة، أما اليوم فقد تطورت إلى منصة جديدة. وفي الوقت الذي تصبح فيه المدن أكثر ذكاء بفعل إنترنت الأشياء تنتقل البيانات بسرعة الضوء، مما يفسح المجال أمام تقنيات أخرى للبروز كتقنيات الواقع الافتراضي التي تتفاعل مع المستهلكين من خلال مواءمة التجارب الفيزيائية والافتراضية والرقمية عبر جميع المنصات. ولا يمكن أن ننكر أن عام 2016 قد شهد تغيرات كبيرة في مواقف المؤسسات تجاه هذه التقنيات المتقدمة والناشئة، ومما لا شك فيه أن تأثير هذا التغيير سيستمر لعام 2017 وما بعده.
ومن الأدوار الرئيسية المنوطة بالشركات الرائدة في الأسواق وضع تصورات لتوجهات التكنولوجيا القوية التي تستعد لقيادة التحولات الكبيرة في كافة المجالات الصناعية. والسبب الرئيسي لمحاولة استشراف التقنيات ليس سعياً منا لنكون على حق، ولكن لنكون جاهزين.
وهنا محاولة لتكهن التقنيات التي ستباع في متاجر منطقة الشرق الأوسط في عام 2017 والسنوات التي تليها؟
ومن التكهنات التي يمكن أن نعلنها بثقة أن العديد من التوجهات الأساسية في المنطقة ستستمر في التطور على المدى الطويل، حيث ستصبح تقنيات مثل الرقمنة، والأمن، وتقنيات السحابة والبيانات الضخمة أكثر نضجاً وتغير بشكل واضح الطريقة التي نعمل بها.
الخدمات السحابية – الوضع الطبيعي الجديد
لقد بدأت المزيد من المؤسسات في تبني خدمات السحابة، بعد ملاحظة الخفض في التكاليف وفوائد خفة الحركة التي تقدمها تلك التقنيات. ونتوقع أن نرى زيادة في الإقبال على هذه الخدمات في العام القادم، بعد أن أصبحت تقنيات السحابة أمراً اعتياديا وواقعا عالميا جديدا. ووفقا لمؤسسة جارتنر، فمن المتوقع أن تصل قيمة “خدمات مجموعة الأعمال المرتبطة بالسحب” (BPaaS)، والتي تعد أكبر شريحة خدمات في سوق الخدمات السحابية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى 340.2 مليون دولار في عام 20201. ومن أهم التوجهات في عالم تقنيات السحابة يكمن في ظهور النظم الإيكولوجية. وفي محاولة للتمييز، فقد لاحظ مقدمو خدمات السحابة ضرورة اتخاذهم لشركاء مناسبين كجزء لا يتجزأ من خدمات السحابة التي يقدمونها. وتماشيا مع هذه الخطوة، سنشهد المزيد من مزودي الخدمات المعتمدة على السحابة يتخذون خطوات أخرى لجذب شركاء جدد إلى مجتمعاتهم.
ظهور الشبكات الذكية
ستشكل الشبكات الذكية توجهاً رئيسيا في عام 2017. حيث ستسمح عملية تحول وظائف الشبكات إلى افتراضية لمدراء تقنية المعلومات بربط المزيد من أجهزة الاستشعار، والوصول إلى المزيد من البيانات وإجراء تحليلات أفضل. وستكون الشبكة الذكية أكثر يقظة من الناحية الأمنية، حيث ستتمكن من الكشف عن تعرضها لأي هجوم، كما ستكون قادرة على التعرف على التهديدات وتنبيه الشبكات الأخرى. كما سنشهد تضخماً في الطلب على الشبكات الديناميكية التي توفر استجابة أكثر مرونة للأحداث الأمنية الكبيرة، خصوصا مع تصعيد المخاوف الأمنية المحيطة بالمدن الذكية – والتي تشكل الرؤية الوطنية للعديد من البلدان في الشرق الأوسط.
عصر التقنية الغامرة
وفقا لمؤسسة آي دي سي، يتوقع بأن تصل قيمة سوق تقنيات الواقع المعزز والافتراضي في الشرق الأوسط وأفريقيا إلى 6 مليار دولار بحلول عام 2020. وتمكنت الشركات2 في منطقة الشرق الأوسط من الاستفادة بسرعة من هذه التكنولوجيا الغامرة لتحويل تفاعلات المستهلكين لديها. وبما أن الخط الفاصل بين الواقع المادي والافتراضي آخذ في التلاشي فقد نرى تطبيقات هذه التقنيات في الفضاء التعاوني، لتحل محل خدمات الرسائل، وغرف الدردشة، وأكثر من ذلك. وعلاوة على ذلك، ستمكن الحقيقة المدمجة المؤسسات الطبية في جميع أنحاء المنطقة من إجراء العمليات الجراحية عن بعد. وقد يزيد ذلك من أهمية الجهود التي وضعتها دبي، والتي تتخذ خطوات عملاقة في أن تصبح مركزا للسياحة الطبية، حيث تسعى إلى استهداف 500 ألف سائح بهدف العلاج بحلول عام 2020.
الشبكات المجهزة أمنياً
لا يزال الأمن يشكل تهديدا نظاميا، ولكن التحدي الأمني كبير جداً. وقد شهد عام 2016 بالفعل سلسلة من عمليات التسلل البارزة في الشبكات – والتي يعد أقواها الاختراق الأمني الذي حصل ضد بنك قطر الوطني، أكبر مقرض في الخليج. وتجد قطاعات الخدمات المصرفية والمالية والطاقة أنفسها في مرمى الهجمات الإلكترونية المتقدمة بشكل متزايد. ويعد استمرار التركيز من قبل التهديدات الأمنية على النظم الحيوية ذات الصلة مثل نظام السويفت، تذكيرٌ دائم على إرادة وإصرار وقدرة وصول مجرمي الإنترنت. ووفقا لفروست وسوليفان، يتوقع أن يصل الإنفاق على أمن الشبكات في دول مجلس التعاون الخليجي إلى مليار دولار بحلول عام 2018. وتعكس هذه الإحصائية الطلب على المستوى التالي من تقنيات التعلم الآلي، ووظائف المحاكاة الافتراضية للشبكات في عام 2017 للمساعدة في إنشاء شبكات “مجهزة أمنياً”.
إنترنت الأشياء في القطاع المصرفي
وفقا لشركة آي دي سي، فمن المتوقع أن يصل الإنفاق على تقنيات إنترنت الأشياء في الشرق الأوسط إلى 3.2 مليار دولار بحلول عام 20193. ومع وجود عدد متزايد من أجهزة استشعار البيانات، وتقبل العملاء على نحو متزايد لمفهوم إنترنت الأشياء، تجد البنوك نفسها الآن في وضع يمكنها من إنشاء أنظمة متطورة للغاية لم يسبق لها مثيل. على سبيل المثال، سيمكن استخدام تقنيات إنترنت الأشياء البنوك من تبسيط طلبات الرهن العقاري من خلال توظيف البيانات ذات الصلة إلى عقار معين. فباستخدام تقنيات إنترنت الأشياء، ستكون البنوك قادرة على تطوير تحليل في الوقت الحقيقي للمخاطر في منطقة معينة، مما يجعل عملية تحديد المخاطر أسرع وأكثر شخصية.
تحسين البيانات الضخمة
تكمن القيمة الحقيقية للأعمال في البيانات الخاصة بها. ونحن نمضي قدما، ستستمر الشركات في الاستثمار في التقنيات لتطوير القدرات الجديدة اللازمة لتحسين البيانات الضخمة الخاصة بها. حيث يعد استخراج القيمة من بيانات المستخدم تحديا رئيسيا أمام الشركات اليوم. وبالتالي، تميل الشركات نحو توسيع مشاريع البيانات الضخمة الخاصة بها من أجل التقاط التصورات في الوقت الحقيقي، وتلبية توقعات العملاء بكفاءة واستيعاب نمو الأعمال التجارية في المستقبل. وسيعمل ذلك أيضا بمثابة قوة دفع لقيادة الشركات لاعتماد تقنيات السحابة العامة كمنصات لتخزين البيانات، التي تتزايد بشكل مطرد.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها