عقدت جمعية فلسطينيات ندوة رمضانية بعنوان : "النموذج في ظل غياب النموذج" وذلك في فندق غراند بارك في رام الله، وبالتزامن مع ندوة في قطاع غزة شهدتا حضورا لافتاً من الفعاليات الشبابية وكتاب وصحافيين. وشهدت الندوة نقاشا حول مفهوم النموذج إن كان  شخصا أم تيارا أو فكرة، أو حتى سياقا تاريخيا بارزا، في ظل اضمحلال دور النموذج الفلسطيني الذي يحتذى به.

وما أثار النقاش بحسب مديرة جمعية فلسطينيات الإعلامية وفاء عبد الرحمن؛ طريقة تعاطي المجتمع الفلسطيني مع حالة محمد عساف – الفنان الفلسطيني الذي فاز بلقب أراب أيدل ، داعية للنقاش بجملة من التساؤلات إن كان النموذج هو السياسي القائد، أم الفنان المبدع، أم مجموع الأفكار المطروحة من قبل تيار، وما هو دور المجتمع في إبراز نماذج فلسطينية، وما هو دور المؤسسات في ذلك.

صناعة النجوم و البرامج المعولمة

يجيب الدكتور أباهر السقا رئيس دائرة علم الاجتماع  في جامعة بيرزيت بقوله: "من غير المفهوم أن ينشغل المجتمع الفلسطيني ببرامج صناعة النجوم، والبرامج المعولمة التي تهدف إلى الاستعراض والحديث ليس عن مشكلة في عساف نفسه، بل في توجهات المجتمع". وانتقد د. أباهر عمليات مؤسسة الظواهر التي  يمكن أن تكون نماذجاً في المجتمع الفلسطيني مثلما يحصل في المجتمعات العربية، في ظل تحرك إعداد قليلة تجاه فعاليات وطنية أكثر أهمية مثل مخطط برافر  في النقب.

وحول مجمل الموضوع اتجه د أباهر إلى الدعوة لهدم ما هو قائم وإعادة إنتاج المؤسسات، والخروج عن القوالب الثابتة في المجتمع الفلسطيني والتي يعتبرها عائقا أمام ظهور النماذج والمواهب، رافضا أن يكون النموذج معياريا لثقافة استهلاكية.

الشعراء والأدباء والفنانين هم نماذج حقيقية

من جانبه تحدث الصحافي صالح مشارقه والذي يعمل في جريدة الحياة الجديدة عن دور المثقف الفلسطيني، والخلفية التي جاء منها معظم البارزين في الثقافة الفلسطينية أمثال محمود درويش وطه محمد علي وغسان كنفاني، ومن وجهة نظره أن النموذج هو  فرد يمتلك القوة الدافعة الداخلية التي تجعله يتجه للمجتمع بإبداع يحرك الجمهور ويجعله متفاعلا معه. ويتابع أن النموذج ليس بالضرورة أن يكون الشهيد أو الأسير، بل هو إنسان عادي يخرج ما لديه للمجتمع، بطريقة لا استعراضية تحمل تقنيات إبداعية في مجاله.

صناعة النجوم و السياق التاريخي

وحول صناعة النموذج  تحدث الفنان الفلسطيني مصطفى أبو الهنود عن دور الإعلام والمؤسسات في صناعة  نماذج سياسية، وفنية، وأدباء وشعراء، وهو ما لا يتوفر في المجتمع الفلسطيني الذي يعاني من الشعور بالهزيمة، معتبرا أن الفن  هو شكل من أشكال الصناعة الحديثة. وانتقد  فكرة الفرد الإله التي جاءت منذ عهد الجاهلية بالبحث عن نموذج واحد ثابت، وصولا للمجتمع الفلسطيني الذي يرفض موت قيادات ماتت فعلا.

بدوره اتجه الأسير السابق والباحث يونس الرجوب إلى التأكيد على أهمية السياق التاريخي الذي ينتج النماذج، فهو اعتبر  غياب السياق التاريخي الداعم  لإبراز النماذج عاملا في اختفائها ومواجهة الشباب الفلسطيني للصعوبات في إظهار نماذجهم، والسياق التاريخي الذي تعيشه فلسطين في المرحلة الراهنة سياق ضعيف لا يخدم المواهب والإبداعات.