صدمت وأنا اتابع على شاشة احدى الفضائيات الفلسطينية مشهدا مصورا يزعم انه صورة حية للشهيد الشلودي ويقول المعلقان هذه صورة اثبات بأن الشلودي يقوم بطعن الجندي الاسرائيلي، المشهد المصور المعروض على شاشة تلك الفضائية غير واضح، ولا يوجد فيه عملية طعن على الإطلاق، ولا يمكن اعتباره وسيلة اثبات لأي محكمة حتى لو كانت في قلب الادغال الموحشة في افريقيا، اما لماذا ادعت الفضائية التي تقول عن نفسها انها فضائية فلسطينية، فذلك سؤال يبقى دون جواب.

ولكن المشهد المصور على رداءته والتعليق الخبري حوله هو في خدمة الرواية الاسرائيلية، عن الأحداث، خاصة الأحداث التي انطلقت قبل سنة تقريبا تحت عنوان هبة الأقصى او انتفاضة الأقصى، وما زلت اطالب بأن يخضع الاعلام الفلسطيني للمساءلة الجدية عن هذه الاخبار الزائفة التي تنتج حولها ثقافة زائفة لا تلحق بنا سوى الضرر الكبير المتعمد.

واجمالا فإن خط الإعدامات الميدانية هو خط ثابت ومتصاعد في الآيديولوجية الصهيونية المستمد من الرؤية التوراتية التي تحرض دائما على قتل الآخر وإبادته، وان هذا الخط موجود منذ سفر الخروج الى القضاة الى سفر الملوك، والأسباب دائما تنسب الى أوامر الاهية! وظل هذا الخط متصاعدا الى مجزرة دير ياسين واخواتها في 1948 وفي مجزرة كفر قاسم عام 1956 وفي مذابح خان يونس خلال العدوان الثلاثي واحتلال قطاع غزة عام 1956، ومهاجمة اهداف مدنية على يد المجموعة 101 التي كان يقودها ضابط شاب هو شارون والذي اصبح وزيرا للجيش ثم رئيسا للوزراء بعد ذلك انتهت بموته النهائي.

الإعدامات الميدانية موجودة دائما وهي وسيلة اسرائيل للتخلص مما تريد التخلص منه حتى لو كانوا يهودا أو ليسوا على الخط الفكري والسياسي نفسه، والانفلات الإعلامي الذي نشهده في اوساطنا هذه الايام هو انفلات ضار جدا ولا يخدمنا في شيء، وهو احد وجوه الانقسام الأسود المستمر منذ عشر سنوات، كلاهما يصدر عنا صورة زائفة، ويقدم للعدو الرئيسي وهو الإحتلال خدمة مجانية ، واذا نجحنا في توجيه الرؤيا فانه يسهل علينا توحيد العمل في معركتنا المتواصلة.