اعلان حكومة التوافق الوطني تاريخا لاجراء الانتخابات البلدية والمجالس المحلية في إكتوبر القادم، خطوة مهمة لتكريس وتعميق الخيار الديمقراطي في مسيرة المجتمع والنظام السياسي الفلسطيني. وحتى لا تكتمل الفرحة الوطنية أبت حركة الانقلاب الحمساوية إلآ ان تعكرها برفضها السماح للمجالس المحلية في محافظات الجنوب باجراء الانتخابات، متذرعة بذرائع واهية لا تمت لمصالح الشعب بصلة، وتعكس الرؤية الانفصالية الانقلابية لتأبيد الامارة في قطاع غزة، مع ان كل القوى السياسية الفلسطينية، بما في ذلك المتناغمة معها بهذا القدر او ذاك، أبدت ارتياحها وترحيبها باجراء الانتخابات، إلآ انها رفضت افساح المجال لاجراء الانتخابات البلدية والمحلية في القطاع.
مع ذلك الحكومة مصممة على اجراء الانتخابات البلدية والقروية. ووفق قاعدة التمثيل النسبي الكامل. رغم تحفظ بعض القوى والاتجاهات العائلية والعشائرية، التي تميل لخيار القوائم. ومع الاحترام لوجهة نظر تلك القوى الاجتماعية، إلآ ان مصلحة المجتمع الفلسطيني تكمن في إعتماد خيار التمثيل النسبي. لان لهذا الخيار قيمة واهمية اكبر بالنسبة للتمثيل المناسب للشعب وقواه السياسية او غيرها ممن ترغب بالمشاركة. وحيث يفترض ان يتخطى المجتمع الفلسطيني المعايير العائلية والعشائرية، التي اضرت بتطوره على هذا الصعيد.
ورغم تعثر القوى السياسية حتى الان في بلورة إئتلافات وطنيبة جامعة، وغياب الرؤية البرنامجية لدى الغالبية منها، وحصر العملية الانتخابية بفوز هذا العضو او تلك القائمة دون التدقيق في برنامجها وخطة عملها، وكأنها عملية تشريف لا مهمات عمل اجتماعية ووطنية حيوية تمس مصالح المدن والبلدات والقرى ومن ثم المجتمع ككل. لا سيما وان تلك المجالس تشكل النواة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للكل الوطني. من هنا تحتاج الضرورة لتسليط الضوء على ابرز برامج عمل المجالس، ومنها:
اولا تعزيز روح الشراكة الوطنية بين ابناء هذا المجلس البلدي او المحلي في النهوض بواقعه السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وخلق روح المنافسة والتكامل بين مختلف مكونات المدينة او البلدة او القرية المتمثل بالمجلس؛ ثانيا التخطيط العلمي استنادا للانظمة والاسس المعمول بها في وزارة الحكم المحلي للطرق وللابنية وللمنافع العامة والخاصة وللاراضي الزراعية او الصناعية، وإيجاد حالة من التوازن المسؤول بين الاراضي المخصصة للبناء والاراضي الزراعية والصناعية؛ ثالثا فتح الافق امام إقامة المشاريع التطويرية المختلفة وخاصة في المناطق المعرضة للتهويد والمصادرة، ولكن دون الوقوع في براثن السياسات العفوية والارتجالية في هذا الشأن؛ رابعا خلق وتكريس سياسة التعاون بين المجالس المحلية والبلدية المجاورة لبعضها البعض، والعمل على توزيع العمل إن كان في مجال الزراعة او الصناعة او غيرها من المجالات، وخلق عملية تكامل دقيقة ووفق طبيعة الارض ووفرة المياة من عدمه بالعلاقة مع الكثافة السكانية؛ خامسا في عملية التخطيط العمراني والديمغرافي، على المجالس المحلية تجاوز عمليات الابتزاز من قبل ابناء بعض العائلات او رجال الدين، الذين يسعوا لبناء المساجد كيفما كان، وتحت سيف الترهيب الديني ودون النظر لكثافة السكان وحاجة البلدة او القرية، وتحت عنوان الاستخدام الشخصي لارضه، يقوم البعض ببناء اكثر من مسجد في منطقة فيها زيادة بعدد المساجد عن حاجة السكان، وفي الوقت نفسه اهمال بناء المراكز الثقافية والنوادي والحدائق والمدارس ورياض الاطفال والملاعب الرياضية. الامر الذي يفرض على المجالس المختلفة التدخل المباشر في عملية التنظيم والتوزيع الامثل  لحاجات السكان؛ سادسا الاستثمار الامثل للمياة في حدود المجالس والتعاون بينها لحماية الثروة المائية وفق المعايير العلمية والوطنية؛ سابعا تعزيز دور المرأة في المجالس المختلفة ... إلخ من المعايير الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية والتربوية والرياضية.
وفي السياق على وزارة الحكم المحلي الابتعاد عن سياسة التدخل غير المناسب في الدمج بين المجالس القروية والبلدية. والاخذ بعين الاعتبار القراءة العلمية الصائبة والابتعاد عن الاسقاطات السلبية، والتشاور مع المجالس المحلية والبلدية فيما يخصها بما يؤمن شراكتها في هذا القرار او ذاك.
وهناك الكثير مما يمكن ان يقال في هذا الشأن للنهوض بالمجالس ودورها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي وبالتالي الوطني. المهم ان تنهض القوى السياسية بدورها، وتحاول إقناع ابناء العائلات بالانخراط في المجالس من مواقعهم الوطنية، رغم أية ملاحظات لها على اداء الفصائل. بهدف تغليب المصالح العليا للمواطنين والمجتمع ككل.