قال الدكتور حنا عيسى، الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، "يستند مفهوم حقوق الإنسان على الإقرار لجميع أفراد الأسرة البشرية من قيمة وكرامة أصيلة فيهم، فهم يستحقون التمتع بحريات أساسية معينة، كما أن بإقرار هذه الحريات فإن المرء يستطيع أن يتمتع بالأمن والأمان، ويصبح قادراً على اتخاذ القرارات التي تنظم حياته".
وأضاف،"حقوق الإنسان هي الحقوق والحريات المستحقة لكل شخص لمجرد كونه إنسانا كما وليس لها تعريف محدد بل هناك العديد من التعاريف التي قد يختلف مفهومها من مجتمع إلى آخر أو من ثقافة إلى أخرى، لان مفهوم حقوق الإنسان أو نوع هذه الحقوق يرتبطان بالأساس بالتصور الذي نتصور به الإنسان، والأمم المتحدة عرفت حقوق الإنسان بأنها (ضمانات قانونية عالمية لحماية الأفراد والجماعات من اجراءات الحكومات التي تمس الحريات الأساسية والكرامة الإنسانية، ويلزم قانون حقوق الإنسان الحكومات ببعض الأشياء ويمنعها من القيام باشياء أخرى)".
ولفت أمين عام نصرة القدس والمقدسات، "رؤية المنظمة الدولية لحقوق الإنسان تقوم على أساس انها حقوق أصيلة في طبيعة الإنسان والتي بدونها لا يستطيع العيش كإنسان، وتكفل القوانين وتضمن الأنظمة التشريعية في معظم بلاد العالم صيانة حقوق الإنسان، وعلى الرغم من ذلك فإن هذه الأنظمة لا تكون دائماً فعالة وتعجز معظمها عن إقرار بعض حقوق الإنسان، إلا أن المعايير العالمية تضمن إقرار هذه الحقوق عندما تعجز الحكومات عن حمايتها".
وأشار، "إن حقوق الإنسان وذلك من خلال القيم الموجبة التي تشيعها بين المتعارفين عليها العاملين تعمل على نشر منافعها، وإن الإسهام الديني في تأسيس الحقوق الإنسانية وحمايتها من أي اعتداء هو من صميم المقاصد الشـرعية، والجهود البشرية والتشريعات السماوية يمكنها السير جنباً إلى جنب لتثبيت وحماية هذه الحقوق".
وبين عيسى، "مصدر حقوق الإنسان هو القيم الإنسانية التي اهتدى إليها الإنسان عن طريق العقل، والتمييز بين الخير والشر، والمنفعة والمضرة، والحسن والقبح... إلخ من جهة، فالثورة الفرنسية التي رفعت شعارات الحرية والأخوة والمساواة، سرعان ما دولت تلك الشعارات في صورة حقوق إنسانية عالمية".
وتابع الدكتور حنا، "من جهة اخرى أسهمت الشرائع الإلهية السماوية في تأسيس الحقوق الإنسانية وحمايتها من أي اعتداء، من صميم المقاصد الشـرعية، وما حلف الفضول الذي تأسس قبل الثورة الفرنسية بقرون، للدفاع عن الإنسان وحماية حقوقه ولو في وطن الغربةـ منا ببعيد".
ونوه، "عند الحديث عن العلاقة بين حقوق الإنسان وبين الدين يجب أن نتطرق إلى عدد من المسائل حول الدين، من ضمنها إن الأديان كافة ظهرت في مراحل تسمى بعصر ما قبل الحداثة أو العصر التقليدي، بينما يعتبر مفهوم حقوق الإنسان مفهوما حديثاً، وإن الأديان الرئيسية في العالم، وفي الوقت الذى تجمعها تعاليم ومفاهيم مشتركة ومتشابهة، لديها فروقات واختلافات، ويمكن التكهّن بأن نقاط تلك الفروقات والاختلافات من شأنها أن تؤثر في كيفية تقبلها لحقوق الإنسان".
وأوضح الدكتور حنا، وهو استاذ وخبير في القانون الدولي، "أتباع الدين الواحد ليس لديهم مفهوم موحّد عن دينهم، فهناك على الأقل ثلاثة مفاهيم في كل دين يمكن تصورها، وهي المفهوم الجوهري أو(الأصولي)، والمفهوم التقليدي والمفهوم الحداثي، كما وإن أتباع أي دين، بغض النظر عن مفهومهم عن دينهم، لا يستطيعون التخلى عن بعض تعاليمهم، لذلك فإن مرونتهم لا تتعدى حدوداً معينة، وإن كانت هذه الحدود مرهونة بمفهومهم عن الدين، أي مرهونة بما إذا كانوا ذي فكر جوهري أو تقليدي أو حداثي".
وأضاف، "إن الأديان، بالإضافة إلى الحقوق والواجبات التى وضعتها للإنسان، وضعت أيضا حقوقا ثابتة لله وللملأ الأعلى أو العالم المقدس أو الأمر المطلق... إلخ، وهذه الحقوق تحكم حقوق الانسان حتى لو وجد بعض التباين الكمي والكيفي بين هذه الأديان حول الحقوق الإلهية، والأديان كافة باختلاف درجاتها تؤكد كرامة الإنسان.
وقال القانوني حنا عيسى، "الأديان هي التي تنمي العديد من الأحاسيس والمشاعر المؤيدة لحقوق الإنسان والمعارضة لانتهاك تلك الحقوق، فالأديان والمذاهب، من خلال تأكيدها على العدالة والمحبة والرحمة، تولد في البشر أحاسيس ومشاعر قيمة تجاه أقرانهم بل وأيضاً تجاه الحيوانات والنباتات، لذلك من شأن الأديان والمذاهب أن تكون أفضل ضامن لاحترام حقوق الإنسان".
وأشار، "الأديان والمذاهب تقدم تفسيرات تبرر قبول حقوق الإنسان، ففي الفكر العلماني، وفيما يتعلق بعلم حياة الإنسان، فإن كل فرد يستحق أن يحظى بحقوقه كإنسان، ولكن فى الوقت نفسه يمكن للأديان والمذاهب أن تفسر حقوق الإنسان ذاتها على أسس أخرى من منطلق أنهم خلقوا من قبل خالق واحد وبأنهم سواسية عند الله، لذلك فإنهم يتمتعون بحقوق مشتركة ومتماثلة".
واستطرد أمين عام الهيئة، حنا عيسى، "من الأسباب التي تدعو الحكومات الدينية التي تنتهك حقوق الإنسان إلى التطرق دائما لمبادئ حقوق الإنسان غير الدينية، بل والمناهضة للدين أيضاً، هي أنهم يسعون إلى تشكيك المؤمنين تجاه حقوق الإنسان والمدافعين عنها، وبذلك يحاولون ان يخففوا من حدة المعارضة التي يواجهونها حيال انتهاكاتهم لتلك الحقوق، لذلك يجب على المدافعين عن حقوق الإنسان ألاّ يسمحوا بأن يفسر الدفاع عن هذه الحقوق بأنه دفاع عن ظاهرة غير دينية أو منافية للدين، وهذا الأمر سيؤدي إلى إطلاق يد الأفراد والمنظمات التي تقدم على انتهاك حقوق الإنسان باسم الدين".