قال رئيس الوزراء رامي الحمد الله: "لقد بات العالم، بفضل تضحيات شهدائنا الأبرار وصمود أسرى الحرية، وإصرار شعبنا على التغيير وصنع الأمل، يقر بحقوقنا المشروعة، وبأحقيتنا في العيش بحرية وكرامة على أرض وطننا".

وتابع الحمد الله، خلال كلمته في الاحتفال المركزي بيوم الشهيد الفلسطيني الذي نظمه التجمع الوطني لأسر الشهداء، اليوم الاربعاء برام الله، "كما توالت اعترافات برلمانات وشعوب العالم بدولة فلسطين، وتمكنا من إيصال رسالة شعبنا إلى كل محفل ومنبر دولي، بضرورة الانتصار لعذاباته المستمرة منذ ثمانية وستين عاما، وإنهاء أطول احتلال عسكري عرفه التاريخ المعاصر، والتحرر من جدرانه واستيطانه وإرهاب مستوطنيه."

وأضاف "تحتشد المشاعر، وأنا أجتمع بينكم اليوم لنحيي معا فعاليات يوم الشهيد الفلسطيني، هذا اليوم الذي يرتبط بوجدان كل واحد منا، ويتحول كل عام، إلى مناسبة وطنية كبرى، نستذكر فيها شهداء فلسطين الذين عانقت أجسادهم أرض الوطن وامتزجت دماؤهم بثراها، وبات اسم كل واحد فيهم، يختزل تاريخ المقاومة والكفاح ضد القهر والظلم والطغيان، فصنعوا من قضية شعبنا، ملحمة وطنية وأسطورة تاريخية خالدة في النضال المستمر والعنيد من أجل الحرية والانعتاق والخلاص من الاحتلال الإسرائيلي."

وتابع رئيس الوزراء: "باسمي، ونيابة عن الرئيس محمود عباس، أحيي شهداء فلسطين، الأكرم منا جميعا، ونقف إجلالا وإكبارا عند تضحياتهم، فهم حماة الهوية والذاكرة، وحراس الأرض وصناع فجر الحرية والكرامة الإنسانية. لهم جميعا المجد والخلود، ولأمهاتهم وآبائهم وعائلاتهم الصبر والسلوان."

واستطرد الحمد الله: "في كل مرحلة نخطوها نحو الحرية والاستقلال وإقامة الدولة، وفي كل إنجاز يتحقق على الأرض، نستذكر شهدائنا الأبرار، وفي مقدمتهم الزعيم الخالد والقائد المؤسس ياسر عرفات، وشهداء الثورة الفلسطينية في الوطن وخارجه، وشهداء الحركة الأسيرة، وشهداء الأرقام والهبة الشعبية، الذين ما زال الاحتلال الإسرائيلي يحتجز جثامينهم ويمنع عائلاتهم حتى من تشييعهم ودفنهم وفق التقاليد الوطنية والشعائر الدينية."

واردف رئيس الوزراء: "نقف اليوم معا، أيها الأخوات والأخوة، تخليدا لمسيرة كل هؤلاء الشهداء، الذين سيظلوا المنارة التي تضيئ طريق الحرية والعودة، والبوصلة التي تقودنا دائما إلى درب العطاء والتفاني في خدمة وبناء الوطن. لقد تحققت الكثير من الإنجازات بفضل تضحياتهم جميعا، وباتت قضيتنا الوطنية العادلة ترتبط بين شعوب الأرض قاطبة، بقصة كفاح لا يستكين وبإرادة صلبة لا تيأس ولا تشيخ. فمنذ سنوات النكبة والتهجير، وإبان الثورة، وفي مسيرة المقاومة الشعبية السلمية، ارتقى الآلاف من الشهداء الذين ضحوا بحياتهم للتصدي للإحتلال الإسرائيلي ومخططاته الإستيطانية، ولاسترداد حقوقنا الوطنية، كما عرفها القانون الدولي وأقرتها الشرعية الدولية، وفي القلب منها، حق شعبنا في الحرية والعودة وتقرير المصير."

 وأوضح "الوفاء لتضحيات الآلاف من أبناء شعبنا الذين قدموا حياتهم من أجل فلسطين وحريتها، ولمعاناة الأسرى البواسل القابعين في سجون الاحتلال، يحتم علينا مراكمة العمل الوطني، على الصعيدين الرسمي والشعبي، لحشد المزيد من الرأي العام العالمي لضرورة محاسبة إسرائيل على جرائمها وإنتهاكاتها المستمرة، وإلزامها بلجم اعتداءات جيشها ومستوطنيها، ووقف سياسة العقوبات الجماعية التي تمارسها ضد شعبنا، بهدم البيوت والتي كان أخرها هدم 6 منشآت في تجمع ابو النوار في القدس الشرقية، ومصادرة الأراضي وسياسة التهجير والإبعاد خاصة التي تستهدف اهلنا في القدس، واحتجاز جثامين شهدائنا، والتوقف عن بث التحريض والحقد والكراهية."

وأضاف الحمد الله: "لا يمكن للعالم أن يغض الطرف عما يحدث اليوم في فلسطين من جرائم وإعتداءات وحشية، فتدخله الفاعل أصبح ضرورة قصوى لا للتعويض فقط عن صمته المطبق، بل لتمكين شعبنا أيضا من طي صفحة الموت والمعاناة، وإنتشال شبابه وأطفاله من اليأس والإحباط وإنعدام الأمل، ورفع الحصار الظالم المفروض على قطاع غزة."

وقال الحمد الله في ختام كلمته: "أشكر التجمع الوطني لأسر شهداء فلسطين على الجهود التي يبذلها لرعاية أسر وأبناء الشهداء ومتابعة قضاياهم واحتياجاتهم. وسنعمل، بالتعاون والشراكة الفاعلة مع التجمع الوطني ومع مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى، على المزيد من تمكينها وتفعيل أدوارها، لتحسين ظروف حياة عائلات الشهداء والجرحى، وتوفير الخدمات لهم في الوطن وخارجه، على قاعدة العدل والإنصاف ودون أي تمييز مهما كان."

وفي كلمته، قال الأمين العام للتجمع الوطني لأسر الشهداء والجرحى محمد صبيحات، إن التجمع أصدر تقريره السنوي للعام المنصرم الخاص بالشهداء، والذي بين أن عدد الشهداء الذين ارتقوا بلغ (179) شهيدا وشهيدة، حيث كثف الاحتلال عمليات القتل ضد شعبنا منذ الثالث من تشرين الأول المنصرم مع انطلاقة الهبة الجماهيرية.

وبين صبيحات، أن أعمار الشهداء الذين ارتقوا تراوحت ما بين 3 أشهر إلى 72 عاما، فيما تراوح عدد الرصاصات في جسد الشهداء ما بين رصاصة واحدة إلى 32 رصاصة، وكان معدل المسافة التي أطلقت منها النار اتجاه الشهداء مترين ونصف المتر تقريبا.

وقال إن الاحتلال يعمد إلى احتجاز جثامين الشهداء في سياسية تتنافى مع أبسط حقوق الإنسان، مؤكدا أن هناك 268 من جثامين الشهداء لا يزال الاحتلال يحتجزهم في مقابر الأرقام، منوها إلى ان كل هذه الجرائم لن تنال من عزيمة شعبنا.

وأضاف صبيحات، "رغم آلة البطش والإجرام الذي تمارسه قوات الاحتلال الاسرائيلي والمستوطنون، إلا أن شعبنا يصر على مواصلة دربه نحو الحرية والاستقلال، لينعم بحياة البشر كباقي شعوب المعمورة.

من جانبها، دعت رئيسة مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى انتصار الوزير، إلى ضرورة الإسراع في اعتماد شهداء العدوان الأخير على قطاع غزة، وتوفير الإمكانيات اللازمة لرعايتهم، خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها القطاع، وانغلاق الأفق السياسي واستمرار الانقسام الفلسطيني.

وأشارت إلى استمرار احتجاز جثامين الشهداء في مقابر الأرقام، واحتجاز عدد من جثامين شهداء الهبة الشعبية في الثلاجات، مطالبة المؤسسات الدولية بالضغط على الاحتلال، لإعادتهم لمواراتهم الثرى في وطنهم.

وقالت الوزير: "استطاعت مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى، منذ تأسيسها عام 1966، أن ترعى عائلات الآلاف من الشهداء والجرحى في الوطن والشتات، وما زالت تعمل على توفير الدعم اللازم لهم في مختلف جوانب الحياة بغض النظر عن انتمائهم السياسي والحزبي، فكلهم شهداء الوطن".

وجرى خلال الحفل عرض فيلم قصير يتحدث عن شهداء الهبة الشعبية، فيما ألقى الشاعر محمد عياد والشاعرة المقدسية رانية حاتم قصائد شعرية، فيما قدمت فرقة جامعة الاستقلال الفنية مجموعة من الأغاني الوطنية إلى جانب عرض للدبكة الشعبية.

كما جرى تكريم عائلات الشهداء وهي: دوابشة التي أحرقها المستوطنون في دوما جنوب مدينة نابلس، وعائلة الشهيد عبد القادر الحسيني من القدس، وعائلة الشهيد عز الدين القسام من جنين، وعائلة الشهيد عبد الرحيم الحج محمد من طولكرم، وعائلة الشهداء عطا الزير ومحمد جمجوم من الخليل، وعائلة الشهيد فؤاد حجازي من القدس، وعن شهداء الحركة الأسيرة جرى تكريم عائلة الأسير اسحق مراغة، بالإضافة على تكريم محافظ رام الله والبيرة ليلى غنام