قال رئيس الوزراء رامي الحمد الله: إن وثيقة (فلسطين 2025- 2050) في المخطط الوطني المكاني، ستكون مرجعا أساسيا للخطط التنموية، وإطارا شاملا للتدخلات الوطنية في قطاعات حيوية مختلفة على قاعدة التوازن البيئي والتنمية المستدامة، وهي تمثل أحد الأدوات الأساسية للتخطيط الوطني المكاني، وتعكس تجذر الإنسان الفلسطيني في أرضه، وحقه في العيش بحرية وكرامة عليها، وإدارة مواردها بفعالية وكفاءة، وبالاستناد إلى القوانين والمواثيق الدولية.'

 

جاء ذلك خلال كلمته في مؤتمر إطلاق الرؤية 'فلسطين 2025، فلسطين 2050'، اليوم الاثنين برام الله، بحضور وزير الحكم المحلي حسين الأعرج، ورئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في فلسطين روبرتو  فالنت، وعدد من الوزراء والشخصيات الرسمية والاعتبارية.

 

وأضاف رئيس الوزراء: 'نجتمع اليوم، لنطلق الرؤية التخطيطية للمخطط الوطني المكاني، التي هي نتاج عمل حثيث متواصل وطويل، حيث أوكلت مهام إعدادها للجنة وزارية تتألف من سبعة وزراء، تساندهم لجنة فنية وفريق يضم أعلى الخبرات والكفاءات الوطنية، لتكون، بوصلة العمل، والموجه العام لإدارة مؤسسات وموارد دولتنا، بل وإحدى ركائزها وأدوات تنميتها المستدامة. أحييكم جميعا، وأنقل لكم اعتزاز سيادة الرئيس محمود عباس، بكافة الجهود التي تضافرت لإعداد وإطلاق هذه الرؤية المستقبلية الواعدة والهادفة إلى تثبيت شعبنا في أرضه، وإعمال حقوقه المشروعة، وتمكينه من حماية وإدارة موارده بل وتطويرها أيضا.'

 

وتابع: 'يأتي إطلاق هذه الوثيقة، وفلسطين لا تزال ترزح تحت احتلال عسكري ظالم، يصادر أرضها ومواردها ومقدرات شعبها، ويحاصرها بالاستيطان والجدار ويقوض التنمية والبناء في 64% من مساحة الضفة الغربية هي المناطق المسماة (ج)، في وقت تمارس حكومته التحريض الممنهج ضد أبناء شعبنا، وتفرض عليهم مخططات التهجير القسري والاقتلاع، وتحول مدننا وقرانا وبلداتنا إلى معازل وكنتونات، وتطلق العنان لجيشها ومستوطنيها، ليرتكبوا أعمال القتل والتنكيل، ويستبيحوا مقدساتنا الإسلامية والمسيحية.'

 

واستطرد رئيس الوزراء: 'في وسط هذه المعاناة المتفاقمة، تزداد المسؤولية ويتضاعف حجم العمل، لتعزيز بقاء شعبنا وصموده في وطنه، ضمن أفضل ظروف حياتية ممكنة، وذلك لا يتأتى إلا من خلال تعظيم القدرات الذاتية، وضمان الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة وإدارتها بكفاءة، على نحو يضمن استدامتها وتطويرها. وما يتطلبه ذلك من تفعيل لأدوات التخطيط الاستراتيجي الفاعل لتكريس بنية حضرية مستدامة، ببنى تحتية أساسية فعالة، وتنمية اقتصادية متوازنة. ولهذا نعتمد على 'المخطط الوطني المكاني'، ليتصدى للتحديات القائمة، ويشكل إطارا وطنيا واسعا، يمثل الأهداف الوطنية، ويستند إلى حق شعبنا في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس، دولة كاملة السيادة على أرضها ومقدراتها ومواردها، وخالية من الجدار والاستيطان.'

 

وأوضح رئيس الوزراء: 'إن الرؤية التخطيطية التي نحتفل اليوم بإطلاقها، إنما تحدد المعالم الأساسية نحو المستقبل، وتوجه مسيرة البناء والتنمية التي نحن بصددها، وضمن سبعة قطاعات أساسية هي، الاقتصاد والخدمات والبنية التحتية والتنمية الحضرية والاجتماعية والموارد، هذا بالإضافة إلى الربط الإقليمي المستقبلي للدولة. وقد نمت هذه الوثيقة وتطورت بفضل تكامل الأدوار والعمل المشترك بين المؤسسات الحكومية والقطاعين الأهلي والخاص، والخبراء المحليين والأكاديميين، بل وحتى الطلبة من جامعاتنا الوطنية، الذين هم صناع الغد الذي نتشارك جميعنا مسؤولية التخطيط المدروس له.'

 

وفي نهاية كلمته قال الحمد الله: 'أتوجه بالشكر والتقدير للجنة الوزارية المشرفة على إعداد المخطط الوطني المكاني وللجانها المنبثقة عنها ولفريقها الفني الذي قاد هذا الإنجاز الوطني. كما وأشكر شركاءنا، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية على دعمهم المتواصل لهذا الإطار الحيوي، ونأمل في استمرار التعاون الوثيق معكم، ومع كافة الجهات والخبرات الشريكة، ليتم إنجاز المراحل اللاحقة من المخطط الوطني المكاني واستكماله وتنفيذه وتمكينه من تحقيق الأهداف المرجوة منه.'

 

بدوره، أكد وزير الحكم المحلي حسين الأعرج، أن قيام الحكومة بإسناد مهمة قيادة التخطيط الوطني المكاني للوزارة تكتسب أهمية استثنائية من خلال تقليص التعارضات في مهام المؤسسات العاملة في مجال التخطيط والتطوير، وتمنح الفرصة تكامل الدور المناط بالوزارة من تنظيم ليستند إلى تخطيط سليم.

 

وأضاف الأعرج أن إعداد المخطط الوطني المكاني جاء بالتنسيق والمشاركة الكاملة مع جميع الوزارات صاحبة الصلاحيات في إطار التخطيط الوطني وخصوصا ذات البعد المكاني، ولم تغفل إدارة المخطط القطاعات الأكاديمية والأهلية والخاصة في جميع مراحل إعداد هذا المخطط تحت شعار المستقبل لنا جميعا.

 

ودعا الأعرج بصفته رئيساً للجنة الوزارية لإعداد المخطط الوطني المكاني لتفعيل اللجنة الوزارية وعقد اجتماعها العاشر في القريب العاجل من أجل وضع الخطوط العريضة لاستكمال هذا المخطط ليكون أحد أهم أدواتنا في بناء دولتنا المستقلة وتجسيد دولة المؤسسات ضمن أسس علمية وبخبرات وطنية لطالما افتخرنا بها.

 

كما ودعا اللجان الفنية المشاركة في إعداد وإدارة المخطط الوطني المكاني إلى المثابرة في ترجمة الرؤية إلى مخططات مكانية في المجالات المختلفة التي شملتها من تنمية عمرانية واقتصادية واجتماعية وبنية تحتية وربط إقليمي وغيرها ضمن السيناريوهات المتوقعة والفرضيات الوطنية التي قام عليها المخطط.

 

وأشار الأعرج إلى قدرة الوزارة على نقل هذه التجربة من المستوى الوطني إلى المستوى الإقليمي، وقدرة الوزارة على المساهمة في تحديد ملامح النظم المحلية العالمية، كما وشكر الأعرج مجلس الوزراء الذي ساند إعداد هذا المخطط حتى وصوله لهذه المرحلة بالرغم من الصعاب الجمة، كما وشكر أعضاء اللجنة الوزارية وطواقم وزاراتهم على ما قدموه من مساهمات فنية، واللجنة الفنية المصغرة على الجهود الكبيرة التي بذلوها ضمن موارد مادية محدودة لانجاز هذا العمل الهام.

 

من جهته، أعرب السيد فالنت عن التزام برنامج الأمم المتحدة بتقديم كافة أشكال الدعم والمساعدة للحكومة الفلسطينية لانجاز المخطط الوطني المكاني واخراجه بالشكل الذي ينسجم مع خطط الحكومة.

 

وعبر فالنت عن اعتزاز برنامج الأمم المتحدة بالعمل مع الطواقم الفلسطينية التي أشرفت على اعداد المخطط الوطني المكاني ووثيقة الرؤية التي خرجت بها اللجنة، وأهمية هذه الرؤية في التي تسهم في تعزيز قدرة الفلسطينيين على التخطيط السليم.

وقد تم استعراض وثيقة المخطط وما تضمنته من مخرجات للقطاعات التي تستهدفها، وجرى نقاش بين المشاركين وإبداء الملاحظات حولها.

 

وقدم مدير المخطط الوطني المكاني أحمد صالح صدقة عرضاً مختصراً حول مراحل المخطط، موضحاً أهدافه الرئيسية، والفرضيات الأساسية التي بني عليها من قبل الحكومة، والتي تمثل القيم الوطنية العليا للشعب الفلسطيني وتستند إلى حقه المطلق بتقرير مصيره. واشتمل العرض على مراحل اعداد وثيقة الرؤية والقطاعات الأساسية التي اشتملت عليها وثيقة الرؤية من اقتصاد وخدمات وبنية تحتية وتنمية حضرية واجتماعية وموارد، بالإضافة إلى رسم سيناريوهات الربط الاقليمي المستقبلي للدولة الفلسطينية.

 

وأعرب صدقة عن شكره لجميع من شارك في إعداد هذه الوثيقة، وكذلك لبرنامج الامم المتحدة الانمائي (UNDP) وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (UNHABITAT) على دعمهم المتواصل للمخطط الوطني المكاني، علما ان المخطط الوطني المكاني تم اطلاقة بقرار من مجلس الوزراء لتشرف عليه لجنة وزارية من سبع وزراء تضم كل من: وزير الحكم المحلي، ووزير المالية والتخطيط، ووزير النقل والمواصلات، ووزير الأشغال العامة والإسكان، ووزير الزراعة، ووزير الاقتصاد الوطني، ووزير السياحة والأثار، ولجنة فنية تشمل إضافة إلى ممثلي الوزارات السبع، سلطة جودة البيئة وسلطة المياه وسلطة الأراضي وسلطة الطاقة.

 

وقال صدقة ان المخطط الوطني المكاني، بحسب ما ورد في قرار مجلس الوزراء، يهدف إلى وضع رؤية مستقبلية بعيدة المدى للتنمية الشاملة، وتوفير الاستغلال الأمثل للموارد والإمكانات المتاحة، والمحافظة على التوازن البيئي والتنمية المستدامة، ويغطي المخطط الكاني كافة القطاعات في المحافظات الشمالية والجنوبية وسبل الربط الاقليمي مع دول الجوار.

 

وجاء هذا المؤتمر تتويجا لجهود وعمل متواصل على مدى أكثر من عام شمل العديد من ورش العمل التي هدفت إلى تحديد التحديات المكانية في المجالات المختلفة،  انبثق عنها سلسلة من الدراسات استندت إلى التعامل مع أهم التحديات، تلا ذلك عقد مؤتمر 'فلسطين الرؤية: 2025،2050'، والذي تم بمشاركة واسعة شملت 85 خبيرا من مختلف المجالات، بالإضافة إلى مؤتمر مماثل خصص للشباب ضم نخبة من طلبة الجامعات بتخصصات توازي تخصصات الخبراء في المؤتمر الاول، من أجل الوقوف على أفكار واحتياجات الاجيال القادمة صاحبة المستقبل.