كانت رِسالةً واضحةً وجليَّةً تلك التي أيقظت قلبي عبر قلبي، عندما كاد أن يتوقف قلبي، شعرتُ بأنّ قلبي توقف ولم أستطع الحراك، وتعرّقَ جسدي ثم خفق قلبي خفقاتٍ سريعةً، كان هذا خلال دقيقتين فقط. في تلك اللحظات لم أُفكِّرْ إلا بالقبر وبما بعد القبر، ومن الجميل جداً أن يكونَ الإنسانُ قرير العين مطمئن القلب في مثل هذه اللحظات، غير أنَّ القلب اختلس قليلاً من الخوف وربما كان ذلك طبيعياً إلى حدٍ ما وسرعان ما خاطبتُ نفسي، فقلت بلغتي العامية.

 وَلْ مالك يا أبو بلال خايف، عَـشِـنّـكْ شَعَرِت بالموت، وإذا كِـنَّـكْ هَـالْـقَـد خـايف من القبر لِـيـشْ ما جَهَّـزِتْ حالك الو . ومن ثُـمَّ بدأتُ أتذكرُ ذنوبي وكأنها اصطفت أمامي، يا لفداحة الموقف،حتى ما كنت تناسيته باتَ جليا وكأنه كتابي فُـتِـحَ لي.

وما أن عاد قلبي إلى حالته شبه الطبيعية حتى شعرتُ بأنني بحاجةٍ إلى النوم ، نمت قليلا ثم صحوتُ، لكن شعوري ما زال يرتعش في بعض أسئلة عميقة، ماذا أعددتَ لربك يا عبد الله، وهل أنت جاهز حقاً للسؤال، وهل أنت مستعد لتلك الحفرة الظلماء وماذا عساك فاعلٌ، هل اعتمدتَ على آمالك وأمنياتك بأن تكون من أصحاب القلوب السليمة، أم أنَّ ذلك القلب غَـرَّك؟

كثيرةٌ هي الأسئلة وما أشَـقَّى الأجوبة عليها ، حيث أنَّ الأجوبة تتطلب منا أن نخلع الدنيا عن أكتافنا، وندوس على شهواتنا، ونجرد قلوبنا إلا من محبة الله عز وجل والعمل الصالح، ومن ثم لا يبقى في قلوبنا غِـلٌّ للذين آمنوا، لا يكفي أن تذرف دمعة ثم لا يكون لك من العمل الصالح نصيب،

لا يكفي أن تذرف دمعة ثم تحمل بين طياتك حقداً أسوداً أو ضغينة، لا يكفي أن تذرف دمعة ثم لا تطرح عن قلبك هواه، أرجو منكِ يا نفسي أن تكوني قد فهمتِ الدرس والرسالة جيداً ثم تترجميها عملاً واقعاً ،ما أجملها تلك اللطمة، الهدية المباركة حين تكون تحذيراً مما هو عظيم كأهوال يوم القيامة، وكنومي في حفرة مظلمة لا أستطيع بها جلوسا، ثم ينهال التراب، ليبقى مصيري بما قدمتُ وحيدا.يا عيناي الجميلتان سوف لن ترحمك الديدان من قضمٍ ومن أكلٍ، يا أحشائي المنتفخة، لسوف تكونين في يوم ما طعاماً لغيرك فلا تكبري أكثر، يا قلبي المنتشي حقداً  رويدك ، رويدك .