القهوة في غزة ليست للشرب فقط، بل أصبحت للرسم أيضا، فتاة فلسطينية من غزة استطاعت أن تلفت الانظار اليها من خلال تجسيد قضايا معاصرة تهتم بالمرأة وقضية فلسطين وغزة والحرب والحصار والشهداء والأطفال وغيرها، وتلخيصها في لوحات تشكيلية رسمتها بـ "بقايا القهوة" فقط.

الفنانة التشكيلية سلوى السباخي ( 25 عاما ) من مدينة رفح جنوب قطاع غزة، "أول فنانة فلسطينية تستخدم القهوة في الرسم بديلا عن الألوان"، حيث ترسم ببقايا القهوة، ما يعطيها إحساسًا أنها بداخل اللوحة.

درست السباخي الفنون الجميلة في جامعة الأقصى، ولها نشاط حاضر في اللوحات والرسومات ذات الألوان الزيتية والمائية والطباشيرية والفن التجريدي والنحت واللوحات الجدارية، فضلًا عن المشاركة في معارض محلية، وكغيرها من أبناء وبنات قطاع غزة تواجه معيقات وتراودها أمنيات لتنمية وتطوير مهنتها.

وتقول الفنانة السباخي أن رحلتها بدأت في الرسم منذ صغرها، حيث كانت ترسم لوحات بسيطة بمساعدة شقيقتها الأكبر وبدعم من أهلها، وشاركت بمسابقات في صغرها وحصلت على مراكز أولى، لافتة إلى أنها وجدت نفسها في الفن فالتحقت بقسم الفنون بجامعة الأقصى بغزة.

  وأوضحت السباخي، أن فكرة بداية الرسم ببقايا القهوة جاءت من أنها تحتسي القهوة بشكل كبير، وفي إحدى الليالي الرمضانية قبل حوالي 5 سنوات وبينما هي منهمكة في رسم لوحة بألوان رسما اعتياديا، كان أمامها مزيد من فناجين القهوة المحتساة، فوقعت فجأة فرشاة الرسم في أحد الفناجين، "وبينما كانت تنظف الفرشاة على ورق الرسم تنبهت أنها ترسم بها، لتظهر رسومات معينة جميلة عن طريق الصدفة".

واضافت: " الرسم بالقهوة جاء من تلقاء نفسي ولا علاقة لدراستي التربية الفنية في أعمالي الفنية المشغولة بالقهوة، طورتها دون المشاركة في أي دورات بهذا الخصوص، وطورت نفسي وعلمت اين يقع الخطأ وأصبحت أرسم بالقهوة بسهولة أكثر من استخدام الألوان التقليدية بالرسم".

وتشير الى أنها بدأت في استخدام "القهوة" في رسم لوحاتها الفنية بحثا عن التميز والابداع، لتغيير صورة غزة في أذهان العالم وفي محاولة لتغيير صورة الحياة السلبية التي يحاول الاحتلال اظهارها عن الشعب الفلسطيني، مؤكدة أن للحياة وجوه أخرى، وليست كل حياتنا سوداء قاتمة.

100 لوحة فنية أنجزتها الفنانة التشكيلية سلوى السباخي بالرسم ببقايا القهوة، والتي كان آخرها لوحاتها في معرضها الفني الأول الذي أقامته في غزة قبل أيام، بعدما استخدمت القهوة السوداء في رسم لوحاتها، والتي جسدت من خلالها عدد من رموز القضية الفلسطينية، بينما كانت الرسالة الأساسية للمعرض هي "الوحدة الوطنية"، حيث أبهرت الفنانة كل من حضر المعرض بالوحاتها.

المعرض المميز للسباخي والذي دعمته مؤسسة "Christian Aid" البريطانية، جذب الكثير من الحضور، وكان من اللافت توافد مسؤولين بارزين من مختلف الفصائل الفلسطينية، لتتمكن عبر فنها من جمع شتات الفرقاء الفلسطينيين.

وعن الدعم المٌقدم للفنانين أمثالها، تشكو سلوى  من قلة الاهتمام بالفن والفنانين في قطاع غزة، من المستويات الرسمية والمؤسسات الأهلية على حد سواء، داعية وزارة الثقافة والجهات المختصة بغزة لدعم وتسهيل مشاركة الفنانين والموهوبين في الفعاليات والمعارض الفنية الخارجية لتمثيل فلسطين دوليا، وإظهار وجه حضاري للشعب الفلسطيني.

وقدمت الفنانة سلوى السباخي الشكر لكل من ساندها ودعمها ماديا ومعنويا في اظهار موهبتها المميزة وخاصة والديها وشقيقاتها، معربة عن امتنانها للمؤسسة البريطانية "Christian Aid" التي ساندتها في تنظيم أول معرض فني لأعمالها بالرسم بـ "بقايا القهوة".