شيع آلاف المواطنين في جنوب الضفة الغربية المحتلة جثمان الأسير عرفات جرادات الذي استشهد في سجن «مجدو» نتيجة التعذيب، بينما دعت اسرائيلن السلطة الوطنية الفلسطينية مجددا الى منع ما سمته «العنف»، في اشارة الى التظاهرات التي اندلعت في الاراضي الفلسطينية لليوم الثالث على التوالي والتي استخدمت قوات الاحتلال الرصاص الحي لتفريقها ما أدى الى وقوع اصابات أخطرها في بيت لحم حيث اصيب طفل في الثالثة عشرة من العمر برصاصة في رأسه.
وخلال تشييع الشهيد في بلدة سعير، حمل المشاركون الاعلام الفلسطينية واعلام حركة فتح والفصائل الفلسطينية الاخرى. وتعهد الجناح العسكري لحركة فتح في بيان بالرد على وفاة جرادات.
وقال البيان الذي وزعته كتائب شهداء الاقصى في قرية سعير قرب الخليل جنوب الضفة الغربية قبل الجنازة «هذه الجريمة البشعة لن تمر دون عقاب ونتوعد الاحتلال الصهيوني بالرد على هذه الجريمة».
وانتشر عدد من النشطاء الملثمين والمسلحين من الحركة على اسطح المنازل في البلدة.
ودعت اسرائيل امس، السلطة مرة اخرى الى التصرف «بمسؤولية» ومنع «العنف» في الضفة الغربية. وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو «اسرائيل تنتظر من السلطة الفلسطينية ان تتصرف بمسؤولية لمنع التحريض والعنف الذي لن يؤدي الا الى تفاقم الوضع».
واضاف «في نهاية المطاف فان محادثات السلام وليس العنف هي المطلوبة وقد حان الوقت لأن تقوم القيادة الفلسطينية بانهاء مقاطعتها لمحادثات السلام والعودة الى طاولة المفاوضات».
وقال بيان صادر عن مكتب نتنياهو بأنه قام امس باجراء «مشاورات حول الامن عقب الاحداث في يهودا والسامرة. كما والتقى نتنياهو بتوني بلير مبعوث الرباعية الدولية الخاص في الشرق الاوسط.
وقال بيان صادر عن مكتب وزير الجيش الاسرائيلي ايهود باراك ان باراك اجتمع مع رئيس الاركان الاسرائيلي الجنرال بيني غانتس ورئيس القيادة المركزية نيتسان ألون، ونائب القائد العام للشرطة نيتسيف يتسحاك ومفوض ادارة السجون اهرون فرانكو ومسؤولين رفيعي المستوى في اجهزة الاستخبارات «لتقييم ومناقشة الوضع في الضفة الغربية».
واضاف البيان ان الاجتماع ناقش «كافة السيناريوهات المحتملة وسبل التعامل معها في محاولة لتوفير وسائل التهدئة والتشديد على اهمية القضايا الامنية».
وأكدت متحدثة باسم الجيش الاسرائيلي وجود «تظاهرات متفرقة هنا وهناك» في الضفة الغربية، لكنها اشارت الى انها صغيرة الحجم وبأنه لم تقع اصابات، حسب زعمها.
ووقعت مواجهات امس في عدة مناطق بالضفة الغربية أصيب خلالها عشرات المواطنين بجروح متفاوتة بعد ان اطلق الجيش الاسرائيلي الرصاص الحي بينما اصيب مواطن بقنبلة غاز في وجهه أمام سجن عوفر العسكري.
وعبر وزير الأمن الداخلي في إسرائيل آفي ديختر عن قلقه امس من أن تؤدي زيادة في الاحتجاجات الفلسطينية العنيفة بالضفة الغربية المحتلة إلى اندلاع انتفاضة جديدة إذا أسفرت الاشتباكات عن سقوط قتلى.
وقال ديختر للاذاعة الإسرائيلية «وقعت الانتفاضتان السابقتان نتيجة لسقوط عدد كبير من القتلى (خلال احتجاجات).. يمثل سقوط قتلى وصفة مؤكدة تقريبا لتصعيد أعنف».
وقال محمود العالول عضو اللجنة المركزية لحركة فتح لرويترز «لا خيار أمامنا سوى الاستمرار في المقاومة الشعبية وتصعيدها لمواجهة سياسة الاحتلال سواء عبر جيشه أو مستوطنيه».
وقال ديختر إنه يجب على إسرائيل أن تتحسس خطاها عند التصدي لأي احتجاجات متهما الفلسطينيين بمحاولة الظهور في صورة الضحايا قبل زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما للمنطقة الشهر المقبل.
وقال ديختر «لا أعتقد أن السلطة الفلسطينية ستكسب من وراء انتفاضة مثلما لم تكسب أي شيء من الانتفاضتين الأولى والثانية. لكنني سأقول إنه وبعدما اتبعوا تفكيرا ضعيفا ومشوها عبر السنوات فإنهم لا يدركون دائما ما هي مصلحتهم».
وقال ياسر عبد ربه امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن تعامل إسرائيل مع مسألة السجناء وعنف المستوطنين المناهض للفلسطينيين هو «سبب التدهور».
وقال ديختر «إنهم (الفلسطينيون) يحاولون جرنا إلى وضع يسفر عن سقوط قتلى من الأطفال».
وتناولت الصحف الاسرائيلية امس خشية المسؤولين الاسرائيلين الامنيين والجيش من تصعيد الوضع الامني في الضفة على خلفية استشهاد جرادات، مشيرة الى حالة تأهب بين افراد الجيش وقوات الامن.
وتحدثت كل الصحف الاسرائيلية عن خوف من التصعيد وتفاقم الصراع الذي قد يؤدي الى دوامة عنف خطيرة.
وكتبت صحيفة «اسرائيل هيوم» القريبة من نتنياهو «ان السلطة الفلسطينية تصعد وتسخن الاجواء قبيل زيارة الرئيس الاميركي باراك اوباما في 20 آذار القادم للحصول على مكتسبات».
واعتبرت صحيفة «معاريف» ان الرئيس محمود عباس «ابو مازن يشجع الاضطرابات واعمال الشغب في يهودا والسامرة لتحويل قضية الاسرى الى قضية مركزية خلال زيارة الرئيس اوباما». واوضحت «ومع ذلك فان اي خيبة أمل من الزيارة من شأنها اشعال المنطقة».
ورأت صحيفة «يديعوت احرونوت» الاكثر انتشارا «ان التجربة علمتنا ان الانتفاضة لا تولد بقرار مسبق ولا ببرمجة من احد، هي تولد من الحياة، ومن الاجواء المحيطة، ونار صغيرة ممكن ان تشعل حريقا».
وشددت يديعوت احرونوت «اذا اندلعت انتفاضة ثالثة فان احدا لن يقول انه فوجئ، لان ما يجري في الضفة الغربية منذ عامين واكثر يعني ذلك»، مشيرة الى «ان المسؤولين من الطرفين يخدعون انفسهم ان ظنوا بانهم قادرون على السيطرة على قوة اللهب بصب الوقود بين فترة واخرى على النيران او صب الماء بحسب احتياجاتهم السياسية».
وقالت صحيفة هآرتس المستقلة «ان هناك خشية لدى اسرائيل ولدى السلطة الفلسطينية من ان يفقدا السيطرة على الوضع في الضفة الغربية».