تحت شعار (العالم الإسلامي.. تحديات جديدة وفرص متنامية)، تنطلق أعمال القمة الإسلامية التي تستضيفها مصر بعد غد الاربعاء على مدى يومين.

وتكتسب القمة أهمية خاصة، كونها أول قمة إسلامية تعقد فى مصر منذ انطلاق منظمة المؤتمر الإسلامي خلال قمتها الأولى بالعاصمة المغربية الرباط في الثاني والعشرين من شهر سبتمبر عام 1969 على خلفية حريق المسجد الأقصى المبارك في الحادي والعشرين من أغسطس من نفس العام، حيث طرحت وقتها مبادىء الدفاع عن شرف وكرامة المسلمين المتمثلة فى القدس وقبة الصخرة، ولإيجاد قاسم مشترك بين جميع فئات المسلمين.
ومن المتوقع أن تشهد القمة الإسلامية مشاركة قرابة خمسين دولة من بين خمس وخمسين دولة وجهت لها الدعوات للمشاركة، فضلا عن مشاركة المنظمات الإقليمية والوكالات الدولية المتخصصة وشخصيات دولية رفيعة.
ويأتي ملف حماية مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك من عمليات التهويد، ودنس التطرف الإسرائيلي، فضلا عن عمليات الاستيطان المتزايدة خاصة في الفترة الأخيرة على رأس جدول أعمال القمة، وذلك بعد تحذير الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلي، مؤخرا من استمرار عمليات التهويد التى تقوم بها إسرائيل للمدن والمنشآت الفلسطينية، خاصة في مدينة القدس الشريف من تغيير لطابعها العربي الإسلامي.

ونبه أوغلي إلى خطورة الحفريات التي تقوم بها قوات الاحتلال في منطقة المسجد الأقصى المبارك، التي باتت تهدد بانهيار المسجد، فضلا عن مواصلة السلطات الإسرائيلية العمل على تهجير سكان مدينة القدس بذرائع سياسية وإدارية.

اعتبر الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أن مصر تتسلم دفة رئاسة القمة في ظروف تاريخية حساسة جدا، وفي مواجهة تحديات جسيمة في غمار المخاض المفصلي الذي يعيشه العالم الإسلامي، داعيا إلى استثمار الفرص المتاحة لاستعادة الأمة الإسلامية مكانتها بين دول العالم المتقدم، منبها في الوقت ذاته إلى ضرورة توافر الإرادة السياسية الصادقة، وتطبيق مبدأ التضامن الإسلامي في دلالاته وتجلياته الحقيقية.

كما تناقش القمة ملف حالات النزاع السياسي في العالم الإسلامي، ومكافحة ظاهرة ما تسمى  “الإسلامو فوبيا”، وازدراء الأديان، بالإضافة إلى الموضوعات المرتبطة بالوضع الإنساني في الدول الإسلامية، والتعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول الأعضاء، وتطورات الأزمة السورية، وأنشطة نشر قيم التسامح والوسطية، وسبل التواصل مع المجتمعات غير المسلمة، ووضع الجماعات والمجتمعات المسلمة في الدول غير الأعضاء.
ومن المتوقع أن تحسم قمة زعماء دول منظمة التعاون الاسلامي خلال اجتماعاتها موضوع الأمين العام الجديد للمنظمة، لكونها آخر قمة تعقد قبل نهاية ولاية البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلي الأمين العام الحالي، حيث تقدم ثلاثة مرشحين أفارقة لخلافته نظرا لأن الدور يحل على المجموعة الأفريقية لتولي منصب الأمين العام للمنظمة.
كما يتناول قادة الدول الإسلامية بالمناقشة عددا من القضايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتعلقة بالتنمية، وتعزيز جهود مكافحة الفقر، وتحسين الأوضاع المعيشية للمسلمين، ومناقشة التحديات التي تواجه الأمة بشكل عام، وسبل التعامل معها، وحماية مصالح دول المنظمة، وتحديد كيفية السير قدما لبلوغ هذه الأهداف، وفقا لآليات التعاون والتنسيق القائمة بين الدول الأعضاء.

يذكر أنه في عام 1954 تجددت دعوة إحياء فكرة الكيان الدولي الإسلامي أثناء اجتماع استضافته مكة المكرمة، حيث بحث فيه وضع ميثاق يشكل نواة هذا الكيان سمي فيما بعد “المؤتمر الإسلامي العام”.

وتم التوقيع على الميثاق المنشيء له فى شهر مارس عام 1956، إلا أن هذا الكيان الذي كان نشاطه مقصورا على النواحي الدينية والثقافية لم يكتب له الاستمرار بعد انسحاب دول إسلامية مؤثرة منه، وتحول بعد ذلك إلى مؤسسة إسلامية مصرية تحت مسمى “المجلس الأعلى للشئون الإسلامية”.

وعقب الجريمة النكراء التي أقدم عليها الاحتلال الإسرائيلي بحرق المسجد الأقصى المبارك في الحادي والعشرين من شهر أغسطس عام 1969، تمت الدعوة لعقد مؤتمر قمة إسلامي بالعاصمة المغربية الرباط في الثاني والعشرين من شهر سبتمبر من العام نفسه لمناقشة هذا الموضوع.

وكان مؤتمر القمة الإسلامي في الرباط البداية لانعقاد المؤتمرات الإسلامية بصفة مستديمة سواء على مستوى القمة، أو على مستوى وزراء الخارجية، وإقامة كيان إسلامى دولى دائم تكون له أمانة عامة دائمة، وذلك على حساب تيار آخر نادى آنذاك بأن تقتصر أعمال مؤتمر القمة على المهمة التى انعقد من أجلها، وهى مناقشة القضية الفلسطينية.

وتعد منظمة التعاون الإسلامي ثاني أكبر منظمة دولية على مستوى العالم بعد الأمم المتحدة، وتضم  سبعا وخمسين دولة بهدف دمج الجهود، والتكلم بصوت واحد لحماية وضمان تقدم مواطنيها وجميع مسلمي العالم البالغ عددهم قرابة مليار ونصف مليار نسمة.
ومنظمة التعاون الإسلامي تتمتع بالعضوية الدائمة في الأمم المتحدة، كما أن الدول الأعضاء فيها ذات غالبية مسلمة من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وغربها وآسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا وشبه القارة الهندية، باستثناء “جويانا وسورينام”.

وقد تم تغيير اسم المنظمة وشعارها في الثامن والعشرين من شهر يونيو عام 2011 لتصبح “منظمة التعاون الإسلامي”، بدلا من “المؤتمر الإسلامي”، ليعكس هذا التغيير تحولا نوعيا في أداء المنظمة ، وارتقاء كبيرا في فعاليتها كمنظومة دولية تعمل في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
وفي شهر مارس عام 1970 تبنى المؤتمر الإسلامي الأول لوزراء الخارجية في مدينة جدة إنشاء أمانة عامة للمنظمة كي يضمن الاتصال بين الدول الأعضاء وتنسيق العمل، وعين وقتها أمين عام واختيرت جدة مقرا مؤقتا للمنظمة بانتظار تحرير القدس، حيث سيكون المقر الدائم.

وقد عقد المؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية جلسته الثالثة، في شهر فبراير عام 1972، وتم وقتها تبنى دستور المنظمة، الذي يفترض به تقوية التضامن والتعاون بين الدول الإسلامية في الحقول الاجتماعية والعلمية والثقافية والاقتصادية والسياسية.

وعقدت المنظمة مؤتمر القمة الإسلامي الأول بالرباط في الثاني والعشرين من شهر سبتمبر عام 1969، والثاني في مدينة لاهور بباكستان في الثاني والعشرين من شهر فبراير عام 1974، والثالث فى مكة المكرمة والطائف في الخامس والعشرين من شهر يناير عام 1981، والرابع في السادس عشر من شهر يناير عام 1984 في مدينة الدار البيضاء بالمغرب، والخامس في السادس والعشرين من شهر يناير عام 1987 بالكويت، والسادس في التاسع من شهر ديسمبر عام 1991 فى داكار بالسنغال، والسابع في الثالث عشر من شهر ديسمبر عام 1994 بالدار البيضاء، والثامن في التاسع من شهر ديسمبر عام 1997 بطهران، والتاسع في الثاني عشر من شهر نوفمبر عام 2000 بالدوحة، والعاشر في السادس عشر من شهر أكتوبر عام 2003 بمدينة بوتراجايا بماليزيا، والحادي عشر في الثامن عشر من شهر مارس عام 2008 بالعاصمة السنغالية داكار.

وعقد المؤتمر الطارىء الأول في الثالث والعشرين من شهر مارس عام 1997 فى العاصمة الباكستانية إسلام آباد، والثاني في الخامس من شهر مارس عام 2003 بالدوحة، والثالث في السابع من شهر ديسمبر عام 2005 بمكة المكرمة، والمؤتمر الرابع في الرابع عشر من شهر أغسطس عام 2012 بمكة المكرمة.