نظّم التفويض السياسي المركزي في لبنان وقيادة حركة "فتح" في بيروت ندوة قانونية وسياسية تحت عنوان" محكمة الجنايات الدولية" في قاعة الشهيد عرسان الهابط التابعة لنادي مجدو والجليل بمخيم برج البراجنة.

حاضر في الندوة أمين سر المكتب الحقوقي في بيروت الدكتور جهاد البرق، ويحمل دكتوراه في القانون الدولي، وذلك بحضور المفوّض السياسي العام لقوات الأمن الوطني في لبنان نزيه سلاّم، وأمين سر حركة "فتح" في بيروت سمير أبو عفش وأعضاء قيادة المنطقة، وممثلي فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، ومسؤولي قوات الأمن الوطني في بيروت ومخيمَي برج البراجنة وشاتيلا، والكادر التنظيمي والفتحاوي بكافة أُطره.

بدأ د.البرق محاضرته عن تاريخ إقامة العدالة الدولية التي تعود جذورها الى القرن العشرين وتحديداً الى الحرب العالمية الأولى، لافتًا إلى أن دورها آنذاك اقتصر على النظر في النزاعات الدولية التي تنشأ بين الدول دون ان تكون لها الولاية القضائية على الجرائم الدولية التي يرتكبها الأفراد كرؤساء الدول أو المسؤولين العسكريين.

وأضاف "لم يتسنَ للمجتمع الدولي إنشاء محكمة جنائية دولية دائمة الا عام 1998 رغم ما لقيه مقترح إنشاء المحكمة الجنائية الدولية من معارضة تزعمتها بالخصوص الولايات المتحدة الأمريكية، إلا انها أصبحت واقعًا قانونيًا معاشًا.

وقد حدّد النظام الأساسي الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية في المادة (5) بحيث يقتصر اختصاصها على أشد الجرائم خطورة موضع اهتمام المجتمع الدولي، وهي تباعاً: جريمة الإبادة الجماعية – الجرائم ضد الإنسانية – جرائم الحرب – جرائم العدوان. وهي الجرائم الأشد ارتباطًا بعملية حفظ السلم والأمن الدوليين.

إضافة لذلك فإن للمحكمة اختصاصًا زمانيًا، حيث ان اختصاص المحكمة الجنائية يتعلّق بالجرائم التي تُرتكب بعد نفاذ النظام الأساسي، واستناداً لنص هذه المادة لا تنطبق الأنظمة العقابية للمحكمة إلا على الجرائم التي ترتكب بعد دخول نظامها حيّز التنفيذ والتي تقضي بعدم تطبيق العقوبات الجنائية. هذا القرار اتُخذ لتشجيع الدول على الانضمام الى النظام الأساسي وعدم الخوف من العودة الى الماضي وإثارة البحث عن الجرائم التي كانت الدولة قد ارتكبتها"، وهنا أعطى البرق مثلاً على ذلك، الجرائم التي ارتكبتها اسرائيل العام 1948 حيث لا يمكن للمحكمة الجنائية اخذها بعين الاعتبار لأنها ارتُكِبت قبل النظام الأساسي للمحكمة الجنائية.

وعرض البرق لأبرز أجهزة المحكمة والصلاحيات الممنوحة فيها، ثم تحدث عن الإستراتيجية الفلسطينية التي تمخضت عن تقديم السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة رياض منصور، الى المنظمة الدولية رسالة طلب الانضمام الى المحكمة الجنائية الدولية، بحيث سيقوم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بدرس هذا الطلب على أن يُبلغ الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية به خلال مهلة 60 يوماً. وستنتهي هذه المهلة في الاول من نيسان القادم،  لافتًا إلى أن الانضمام للمحكمة يمكن أن يتيح للفلسطينيين ملاحقة مسؤولين اسرائيليين أمام  القضاء الدولي.

وفي ذات السياق قال البرق: "السلطة الفلسطينية سلّمت ممثل الأمم المتحدة صكوك المعاهدات التي وقّعها الرئيس محمود عباس، ثم باشرت السلطة بإعداد الدعوى القضائية التي ستقدمها للمحكمة في لاهاي، وتطالب بالتحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية منذ 13 حزيران 2014 فيما تلوح إسرائيل بفرض عقوبات انتقامية. تمثلت في خصم دفعات لتسديد ديون من تحويلات الضرائبي التي تتلقاها السلطة الفلسطينية بانتظام، وستضع حداً على ودائع البنوك الخاصة بالسلطة الوطنية الفلسطينية وذلك في اسرائيل".

وتحدث البرق عن احتفاظ الفلسطينيين بحق طلب التحقيق في جرائم ارتُكِبت في فلسطين منذ تأسيس المحكمة في 1 تموز 2002، وعن إجراءات العضوية وقانونيتها، وعن عدم قدرة امريكا واسرائيل على وقف هذا الإنضمام، مشيرًا إلى أن فلسطين ستصبح دولة كاملة العضوية في المحكمة الجنائية ونظام روما، وستصبح الدولة العضو رقم 123 في المحكمة الجنائية.

وختم البرق حديثه قائلاً: "على القيادة السياسية الفلسطينية الاستمرار في لجوئها للمحافل الدولية طبقاً للاستحقاق الذي حصدته دولياً في الجمعية العامة للأمم المتحدة والمتمثل في عضوية دولة مراقب في سنة 2012، وبالتالي من حقها الطلب للعالم الذي اعترف بها بأن يعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ووقف التهديدات الأمريكية والعقوبات الإسرائيلية الأُحادية الجانب ضد الشعب الفلسطيني بوصف عدم شرعيتها القانونية وبوصفها قرصنةً وسرقةً تأخذ طابعاً دولياً".