نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية رجل مصفح بالآيديولوجية الصهيونية العنصرية المتشددة, والآيديولوجيا الصهيونية قائمة على الإنكار المطلق للحق الفلسطيني بصفتهم شعبا له الحق في دولته المستقلة, وأحداث المنطقة العربية على امتداد الأربع سنوات الأخيرة ما زالت مستمرة دون أفق واضح حتى الآن مع أن بعض النجاحات تحققت على صعيد التجربة التونسي والتجربة المصرية, لكن ما هو سلبي في التجارب الاخرى ما زال مستمرا وهكذا فان النظام الاقليمي العربي مستمر فعليا في حالة من الإرتباك والغياب, وهذا من شأنه إطلاق يد اسرائيل بشكل كبير لتدمير قضيتنا الوطنية, ولذلك فنحن الآن في ذروة الاشتباك مع اسرائيل وسياساتها العدوانية وهي سياسات تحاول بشكل خطير اسقاط حل الدولتين, وقد ثبت بالدليل القاطع ان المرجعية التي تحكم علاقاتنا مع إسرائيل وهي التفاوض تحت الرعاية الأميركية لم تعد مجدية على الإطلاق, ولهذا نحن نتوجه الى مرجعية اخرى, إلى مجلس الأمن والمجتمع الدولي والقانون الدولي, وهذا ما ترفضه إسرائيل بالمطلق, وهذا ما تناور بخصوصه الولايات المتحدة الأميركية, ولذلك فإن الوضع مرشح لحلقات جديدة وواسعة من الاشتباك الذي قد يتطور الى أقصى حالات العنف.
إسرائيل تلعب بأوراق حساسة جدا, خاصة في القدس والمسجد الأقصى وتحاول أن تؤجج حربا دينية, والدعوات التي اطلقها نتنياهو حول التهدئة في القدس تكبلها الأفعال على أرض الواقع, فقرارات الاستيطان مستمرة ومتصاعدة, والاستفزازات اليومية لا تتوقف, وليس من الممكن التعايش مع هذا الواقع فلسطينيا, فما هو العمل؟
لقد كان الذهاب الى المصالحة وتشكيل حكومة الوفاق الفلسطينية يشكل بوابة كبيرة لموقف فلسطيني موحد وقوى في ميدان المواجهة, من أجل البحث عن مرجعية جديدة غير ذلك التي اعتمدتها إسرائيل بعيدا عن المنظمات الدولية للشرعية, ولكن مع الأسف فإن المصالحة التي أعلن عن البدء في تنفيذها منذ الثالث والعشرين من نيسان الماضي وما نتج عنها من حكومة توافق, وآمال بالتصاعد إلى الأمام, ما تزال تراوح مكانها بسبب انكفاء حماس عن الشراكة الحقيقية, واستمرارها جزءا عضويا من مغامرات واخطاء وخطايا الإسلام السياسي, واعتبار قطاع غزة رهينة بلا مقابل, فحماس تقول بفمها نعم للوحدة والمصالحة ولكنها تقول لا في أرض الواقع, وهكذا فنحن اليوم على الصعيد الداخلي الفلسطيني في وضع ملتبس لا بد من الخروج منه, ولا بد من معايير جديدة وفرضيات جديدة, وعدم المبالغة في قبول التفاؤل المضخم, والحديث عن انجازات ونجاحات في موضوع المصالحة الفلسطينية, فكل ما يجري حتى الآن هو مجرد شكليات سطحية يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني غاليا بينما حماس تأخذ ولا تعطي, وإن استمرت على هذا النحو فسوف ترسم لقطاع غزة صورة مشوهة بأنه مجرد بؤرة إرهاب وهذا ظلم فادح, فإن قطاع غزة يتوق لأن يكون قلب الدولة الفلسطينية المستقلة, وان يلعب دوره الإيجابي وليس دور الدمار الذي يسببه الآخرون بتعمد ثم يتبرؤون منه بلا ثمن.
ونحن اذ نسعى إلى مرجعية جديدة على المستوى الدولي للوصول إلى هدفنا الفلسطيني وهو الاستقلال, فيجب أن نلجأ الى مرجعية جديدة في ادارة علاقاتنا الوطنية, وخاصة إدارة العلاقة مع حماس التي هي السبب في كل الويلات التي يعاني منها قطاع غزة على يد المشروع الإسرائيلي ! فقد ثبت ان المراوغات وتناقض الأقوال مع الأفعال الذي تمارسه حماس حتى الآن, لا يسبب سوى المزيد من الويلات والخسائر.