تنتظر غزة البدء الذي لا يتوقف للاعمار، ولم يبدأ هذا الاعمار حتى لاح التعثر وخطر مصير خطط اعمار ما دمرته الحروب السابقة التي لم تبدأ هي الاخرى بعد رغم مرور سنوات. فاغلاق نتنياهو للمعابر حتىإشعار اخر، اوقف دخول الشاحنات القليلة من الاسمنت المخصصة لترميم البيوت التي تضررت جزئيا.
ولم يتأخر صدور التصريحات التي تعترض على خطة روبرت سيري والمطالبة بتعديلها، لماذا تأخر هذا الاعتراض؟! لن يفسر لنا احد، وسيظل المواطنون خصوصا المدمرة بيوتهم في معاناتهم التي تتفاقم مع هطول الامطار الذي جاء مبكرا كريما هذه السنة. 
لا يخفف صدمتنا تصريحات يظن اصحابها انها كفيلة بإشاعة الاطمئنان في نفوس المنكوبين الذي يصدق كل منهم ما يراه ويلمسه، يصدق ويطمئن عندما ينتقل من ملجأه الى بيته الذي تشير الدلائل الى ان هذه البيوت المتضررة جزئيا لن تكون جاهزة هذا الشتاء, فكيف حال اصحاب البيوت المدمرة تدميرا شاملا؟
حتى بعض المأوى المؤقت مثل الكرفانات يسقط في امتحان الصلاحية منذ المنخفض الاول الذي كان خفيفا، وها هو المنخفض الثاني اغزر مطرا بانتظار المنخفض الثالث الذي تقول الارصاد الجوية انه شديد، شديد جدا، ولا يملك اي طرف قدرة على تقديم ما يطمئن اولئك المنكوبين.
وتظل غزة في انتظار اعمار لم يبدأ حتى اشعار آخر.
غزة على موعد مع القائد ياسر عرفات .. ابو عمار .. غزة تتأهب لإحياء ذكرى استشهاد «ابو عمار» العاشرة وقد اسعدنا خبر اتفاق داخلية غزة مع حركة فتح على كل تفاصيل المهرجان الذي سيقام على ارض الكتيبة، ولا نملك سوى التمني الصادق بتنفيذ دقيق صادق وجدي للاتفاق.
لم يكن ابو عمار قائدا تاريخيا لحركة فتح فقط، بل كان القائد التاريخي والأب لكل الفصائل الوطنية، بل لكل الشعب الفلسطيني، لم يكن على خلاف مع حركة الجهاد الاسلامي، ولم يكن معاديا لحركة حماس، يشهد على ذلك حرصه على ان يكون اول من زار الشهيد احمد ياسين في عمان، واصطحابه للشيخ الى غزة، وكما تشهد على ذلك اتصالاته مع قيادات عربية في جماعة الاخوان المسلمين منذ بدء الانتفاضة الاولى، ويشهد حرصه على دعوة الشيخ احمد ياسين لاجتماعات المجلس المركزي، وتشهد على ذلك وقائع كثيرة تعرفها حماس.
أوصل ابو عمار فلسطين الى كل الدنيا وظل على العهد حتى قضى شهيدا رغم كل المعارك والاجتياحات ومحاولات الاغتيال، رغم كل الضغوط، وما أثقلها، وما اكثر مصادرها العربية والاجنبية.
كثير هو الذي يستحق القول والتذكير في ذكرى ياسر عرفات، ولكننا هنا سنخصص القول لانتظار غزة لابي عمار، تنتظره غزة مع انه لم يفارقها، ولا غادر قلوب وعقول اهلها، بل وكل اهل فلسطين.
يستحق ابوعمار احتفالا وطنيا في الذكرى العاشرة لاستشهداه، وليس هذا انتقاصا من دور حركة فتح، بقدر ماهو اضافة لها، وفخر دائم لحركة فتح ان يكون مؤسسها وقائدها التاريخي هو القائد التاريخي لكل الشعب الفلسطيني في غزة والضفة والقدس ومناطق 1948 وفي كل المخيمات والشتات في الارض العربية وكل بلاد الدنيا.
نتمنى ان تكون لجنة احياء الذكرى لجنة وطنية يشارك فيها الجميع ولا تتخلف عنها حماس والجهاد، ونتمنى ان يكون العلم الفلسطيني هو الراية الاعلى فوق كل الرايات، وفوق كل الرؤوس، وان تكون الشعارات اعلى وأعمق من الهموم الراهنة المؤقتة التي تعطل انجاز الوحدة وانهاء الانقسام، هل كان الانقسام ليحدث لو كان ابو عمار؟! لا نظن.. بالتأكيد لم يكن ليحدث، فما أكثر ما واجهت الساحة الفلسطينية في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي ولم يحدث انقسام رغم شدة الخلاف .. رغم امتلاك كل الفصائل فيها للسلاح.
هل تكون المناسبة فرصة للمراجعة .. مراجعة الجميع ؟!
هل تكون المناسبة لوحدة داخلية صلبة لكل فصيل ؟!
ستكون حتما مناسبة وطنية، سيشارك الجميع .. ستتدفق امواج الشعب الى كل الشوارع، سيرتفع ابو عمار فوق كل الرايات .. فوق كل الخلافات الراهنة المؤقتة الزائلة حتما.
لن يصل الاعمار الى غزة.
وسيصل ابو عمار الى غزة التي لم يغادر شعبها.