ترأس رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام، اليوم الخميس، اجتماع لجنة الحوار اللبناني– الفلسطيني بالقصر الحكومي في بيروت.
وقال الرئيس سلام أمام المشاركين، إن هذا اللقاء هو مدخل للحوار حول قضايا فلسطينية– لبنانية مشتركة.
وأضاف أنه على رغم المشكلات السياسية والأمنية التي تضغط على لبنان وعلى حكومته 'إلا أن الملف الفلسطيني يظل على جدول اهتمامات الحكومة، وحضور هذا الملف ليس طارئا أو مستجدا بل هو بمثابة خيار رسمي متواصل، وقد تم التعبير عنه من خلال إنشاء لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني بما يفتحه ذلك من آفاق لبناء علاقات ثقة بين الجانبين، وبما يقود في المحصلة إلى صياغة رؤية مشتركة تصب في مصلحة الشعبين الشقيقين اللذين يتقاسمان ظروف الحياة الصعبة'.
وتابع: 'وسط تعقيدات الأوضاع لا تبدو الطريق معبدة أمامنا، إذ تعترضنا الكثير من العقبات التي تعوق عملنا، وفي مقدمها ما تقوم به إسرائيل يوميا من اعتداءات وممارسات تكثف خلالها من حملات الاستيطان في الضفة الغربية عموما والقدس خصوصا. ويترافق ذلك مع تكرار هجمات المستوطنين اليومية على المسجد الأقصى والتي تتم برعاية رسمية وأمنية. وهي بذلك تفتح أبواب جحيم حرب دينية في المنطقة لا تبقي ولا تذر. كما أنها من خلال هذه الممارسات التي أذكر وسواها، تعلن عمليا سد باب المفاوضات السلمية مجددا على قيام حل الدولتين على أرض فلسطين التاريخية. انطلاقا من ذلك نثمن إيجابا المواقف الأخيرة التي أعلنتها الحكومات الصديقة في كل من السويد وبريطانيا وفرنسا من أجل الضغط على إسرائيل في سبيل الوصول إلى الحل السياسي والإنساني الذي يضمن محاصرة هذه البؤرة الملتهبة بالصراع منذ عقود بعيدة'.
وقال إن المخيمات 'تعاني من ضغوط حياتية قاسية وسط انسداد آفاق العمل، جراء البطالة المتصاعدة نتيجة كثافة عرض اليد العاملة السورية وحال الجمود والمأزق الاقتصادي. ويتضاعف خطر هذا الوضع متى علمنا أنه يشمل كل المخيمات التي استقبلت أعدادا إضافية من نازحي مخيمات سوريا، وإذا ما ربطناه بجملة التطورات التي تعيشها المنطقة عموما ولا سيما في سوريا والعراق، فإن العامل المعيشي قد يكون مدخلا إضافيا لاضطراب أمني ينعكس سلبا على مجمل الوضع اللبناني'.
وتابع: 'من هذه المنطلقات، نحن نعرف بدقة ظروف المنطقة، وكذلك ظروفنا الداخلية، وندرك مدى صعوبة تحقيق اختراقات كبرى في العديد من الموضوعات المتعلقة بالشأن الفلسطيني. لكن لجنة الحوار تعمل بدأب على تفكيك تلك الصعوبات، من خلال الدعوة إلى قيام حوار لبناني- لبناني يفتح الطريق لحوار لبناني- فلسطيني منتج وبناء. يأتي ذلك وسط الأزمات المندلعة وتداخلها وتعقد مستوياتها وصعوبة الوصول إلى حلول قريبة ولا سيما أن لبنان بات يتحمل عبئا إضافيا، وبما يفوق طاقته على الاحتمال من النازحين السوريين على أرضه. ومثل هذا الوضع بات ينعكس سلبا ليس على الفلسطينيين في مخيماتهم فحسب، بل على اللبنانيين في لقمة عيشهم أيضا'.
وطالب سلام بدعم ما تعتمده الحكومة اللبنانية من توجهات ومعالجات، مثنيا على دور لجنة الحوار التي تتولى التواصل مع كل الوزارات والإدارات اللبنانية المعنية في تحسين ظروف الشعب الفلسطيني ومعالجة مشكلاته الملحة، ويتم ذلك كله بالتعاون مع سفارة فلسطين في بيروت، ومع اللجان الشعبية على أرض الواقع في سائر المخيمات.
وأثنى على 'سرعة تجاوب المملكة العربية السعودية معنا في سداد المبلغ الذي التزمت به من أجل مخيم نهر البارد وقد سلمني أمس سفير المملكة المبلغ المتبقي، وهو 15 مليون دولار أميركي إيفاء بتعهداتهم، وهذا ما أتمنى أن تقوم به كل الدول على أفضل وجه'.
من جهته، تناول رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني حسن منيمنة في كلمته إشكاليتين يعانيهما الواقع الفلسطيني في لبنان، تتمثل أولاهما في المخاوف التي يعبر عنها اللاجئ الفلسطيني الذي يرى التصلب الإسرائيلي أمامه يوميا، ما يحول دون عودته إلى وطنه والخطر الذي يتهدده في مخيمه. أما الثانية فتتمثل في مخاوف المجتمع اللبناني من قضية التوطين.
وأكد عمل لجنة الحوار وسط هذا الوضع على ضرورة تحسين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين.
وأعلن منيمنة أنه عمل وفريق اللجنة على إعداد استراتيجية متوسطة المدى تمتد على خمس سنوات تنهض على التوازن بين الاحتياجات الضاغطة والملحة والتدرج في تحسين أوضاع المخيم وأهله، تقوم محاورها على إطلاق حوار سياسي لبناني –لبناني بين القوى والأحزاب السياسية البرلمانية، وبهدف الوصول إلى تقريب وجهات النظر بينها بشأن الملف الفلسطيني، وبما يسهل عملنا وعمل الحكومة، من خلال التوافق بين هذه الأحزاب بوصفها مكونات السلطة.
كما يقوم الحوار اللبناني– اللبناني على تفعيل آليات التنسيق مع الوزارات اللبنانية، ذلك لأن الملف الفلسطيني ما زال موزعا على العديد من الوزارات. ولذلك تنصب جهود اللجنة على متابعة الملفات والحالات بين هذه الوزارات توصلا إلى إحراز اختراقات محددة تنعكس إيجابا على اللاجئين الفلسطينيين وحياتهم اليومية، خصوصا في مجال بعض الحقوق.
وشدد منيمنة على أن الحوار بين الأطراف اللبنانية سيعمل على بناء وتطوير قدرات الإدارات العامة المسؤولة عن تسجيل اللاجئين الفلسطينيين في الوزارات، وذلك عبر مكننة وتحديث السجلات وصولا إلى استصدار بطاقات تعريف وجوازات سفر حديثة.
وطالب بتأسيس المرصد الوطني للشؤون الفلسطينية في لبنان، ومدخل ذلك هو إجراء مسح سكاني شامل يمثل مرجعية رسمية معلوماتية حول المخيمات ومشكلاتها المتداخلة.
وأكد منيمنة أن هذه المشاريع والخطط لا بد وأن تترافق مع تطوير عمل لجنة الحوار وتوسيع إطار مهامها وتحديث هيكليتها وصولا إلى تشكيل الهيئة العليا للشؤون الفلسطينية.
وتابع منيمنة: إضافة إلى ما سبق ستركز أولويات اللجنة على تدخلات محددة في مخيمين كنموذجين، وهما مخيم نهر البارد لجهة استكمال إعماره، وهو دوما في رأس الأولويات. أما بالنسبة لعين الحلوة والمناطق المحيطة به، فهناك الكثير من المخاطر التي تعلمونها، وسنعمل بالشراكة مع الأونروا على إعداد خطة متكاملة لتحسين أوضاعه وجواره على صعد الخدمات والبنية التحتية بالتعاون مع المجتمع المحلي.
ودعا منيمنة إلى اعتبار هذا اللقاء 'فاتحة نقاش'، معلنا 'الجهوزية الكاملة مع المجتمع الدولي، طالما أننا بتنا نملك تصورا واضحا للعلاقة بين اللاجئين الفلسطينيين والحكومة اللبنانية'.
وقد تعاقب على الكلام خلال الاجتماع كل من: ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ديريك بلامبلي والسفيرين الأميركي والسويسري ومديرا الأونروا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي واليونيسيف ومنظمة العمل الدولية وممثل سفارة فلسطين.
واجمع المتحدثون على أهمية كلمة الرئيس سلام والخطة الاستراتيجية التي أعلنها منيمنة وضرورة استمرار العلاقات بين الدول المانحة ولجنة الحوار اللبناني– الفلسطيني والحكومة اللبنانية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها