خلافا لما كانت تخطط له دائرة الإدعاء العام الفدرالية الأميركية في قضيتها ضد الأسيرة الفلسطينية المحررة رسمية عوده فقد بدأت محاكمتها في الولايات المتحدة تأخذ طابع محاكمة الجرائم والتعذيب الذي مارسته وتمارسه سلطات الاحتلال  الإسرائيلي ضد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.

وكانت دائرة الإدعاء العام الفدرالية وجهت اتهامات لرسمية في تشرين الأول/ اوكتوبر الماضي بالتزوير عند تقدمها للحصول على الجنسية الأمريكية لإخفائها ضمن طلب الإقامة لدائرة الهجرة أنها قد أدينت في إسرائيل بتهمة مشاركتها بعملية عسكرية في القدس عام ١٩٦٩.

وعرضت على رسمية عقب ذلك صفقة رفضتها بإسقاط القضية ضدها مقابل تخليها عن جنسيتها الأميركية وإبعادها عن الأراضي الأميركية فيما نجحت الحملة التي شنتها لجنة الدفاع عن رسمية عقب ذلك بفرض اقالة القاضي الأول المكلف بمحاكمتها بعد اثبات أنه ناشط صهيوني تولى جمع تبرعات لصالح إسرائيل.

وخلال جلسة المحاكمة الأخيرة لرسمية خلال أيام عيد الأضحى طالب محامي رسميه،  مايكل دوتشة بإسقاط القضية ضد عودة كون المعلومات حول قضيتها جمعت خلال حملة شنتها وكالة المباحث الفدرالية ضد ٢٣ ناشطا أميركيا متضامنا مع فلسطين قبل ثلاثة أعوام.

ورفض القاضي غريشين دراين اسقاط الدعوى لكن محامي رسمية طالب بأن تشمل المحاكمة خبراء تعذيب بينهم خبيرة التعذيب وعلم النفس السريري، ماري فابري، من مركز كوفلر ذو الشهرة العالمية لمعاملة الناجين من التعذيب للإدلاء بشهادتها حول ما يسمى بحالة اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) التي عانت منها عودة عقب التعذيب الجسدي والجنسي على أيدي سلطات السجون الإسرائيلية والتي شملت عمليات تعذيب واغتصاب من قبل المحققين إاإسرائيليين.

ومن ضمن اعراض هذه الحالة النفسية أن المغتصبة أو المعذبة تمسح من ذاكرتها واقعة التعذيب والاعتداء الجنسي  وهذا ما دفعها لأن أجابت كما فعلت على طلب الهجرة. واعتبر دوتشة أن تعذيب الأسرى الفلسطينيين في سجون إسرائيل هو قلب الدفاع عن رسمية.

وحذر عضو هيئة الدفاع عن رسمية عودة الدكتور سنان شقديح من محاولة الإدعاء العام في قضية رسمية استهداف أعضاء هيئة الدفاع عبر توجيه اتهامات لهم بمحاولتهم التأثير على مجرى المحاكمة والمحلفين.

وقال شقديح إن المدعي العام عمد اليوم إلى مطالبة المحكمة بتحويلها لمحاكمة سرية متهما أعضاء هيئة الدفاع عن رسمية  ومنهم الناشط السياسي حاتم أبو دية بمحاولة التأثير على المحلفين عبر حشد المتظاهرين داخل القاعة وخارج أبواب المحكمة للمطالبة بإسقاط القضية.

واعتبر شقديح اتهامات الإدعاء العام للجنة الدفاع عن عودة بأنها مؤشر على ضعف قضية الإدعاء العام وفشله بعد أن نجحت الهيئة بتحقيق انتصار بالإطاحة بالقاضي الأول لعلاقاته وارتباطاته مع إسرائيل وأيضا بعد أن انقلب السحر على الساحر وبدأت المحاكمة تتحول لمحاكمة إسرائيل وتعذيبها للأسرى الفلسطينيين في سجونها ويبلغ عددهم الآن نحو ستة آلاف أسير وأسيرة وطفل.

وقال شقديح أن المخرج الوحيد أمام المدعي العام هو إسقاط القضية وسحب التهم ضد عودة تماما كما فعل عندما حاول محاكمة طالب سعودي بعثت معه والدته "طنجرة ضغط" وحاول الإدعاء العام اتهامه بالإرهاب.

من جانبه، رأى الناشط في قضايا الأسرى الفلسطينيين في الولايات المتحدة محمود جاسر في محاكمة رسمية فرصة لتسليط الضوء على واقع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، معبرا عن ارتياحه من تحولها الى محاكمة تسلط بقعة ضوء على ما يتعرض له الأسرى في سجون الاحتلال من تعذيب وتنكيل أدى لاستشهاد العشرات منهم.  

وقال محمد سنكري، عضو هيئة الدفاع عن رسمية  "الكثير من قادتنا، مثل  رسمية مستهدفون من قبل وزارة العدل لنشاطهم في دعم حرية فلسطين فيما يجب أن تكون هذه القضية لإتهام إسرائيل وسياساتها الوحشية".

وأضاف: سنستمر في الحشد والفعاليات والعمل على إسقاط التهم ضد رسمية.

ومن خلال متابعتها لمحاكمة رسمية عودة تفيد دائرة شؤون المغتربين في منظمة التحرير الفلسطينية أن  قضية رسمية بدأت تحظى بمتابعة واسعة من وسائل الأعلام فيما اخذت قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال والممارسات بحقهم تحظى باهتمام ملحوظ  في الولايات المتحدة بسبب القضية المرفوعة ضد رسمية والتي يقول شقديح أنها جزء من محاولة الادعاء العام استهداف الناشطين السياسيين المتضامنين مع فلسطين لكنها بدأت تأخذ منحنى لصالح قضية الكشف عن جرائم إسرائيل في السجون.