أفضْ حبر نايكَ على حنجرتي ...
وارفع الدمعة ... حتى سدرةِ الغضب .
ماتَ النحلُ هناك ...
والملكةُ علتْ ... حتى أقاصي الوغى ...
لكنَّ عسلَ غزة مسموم ...
وعرسانُ القفير العربي ...
بلا أجنحة .
أفضْ حبرَ النقمة على جَلَدي ...
علَّ غيبوبتي تصهُلُ يقظة
فامتطي قوسَ عبوري
كالسهم الفتي ...
أعبر ...
حتى كبدِ الملحمة .
أفضْ بأسَ خوفهم على دهشتي ..
وأيقظْ خمرَ الحماقة بي ...
فقد أرهقني الحكماء ...
أذلَّتني تغاريدُ حشمتِهم ...
ما أجملَ نوم الخائفين ...
ما أقسى ... سبات الأولياء ...
أفضْ دمَك الزهريّ في جداول صرخاتي
وامتشقني ... علماً قانياً
قبل مشيبِ الشظايا في جسدِ البستان .
مَنْ يحرُسُ الظلَّ من سعالِ النميمة ؟
تلك سُمرتي أُريقُها على سطوحِ الحارات
كي تشربَني الأزقَّةُ ...
فالجدرانُ ممسوسةٌ بجلودِ الخائبين
بصورِ المقصّرينَ في منتصفِ البلاء .
ذوِّبيني ...
في ممرّاتِ الحواكيرِ الموحلة
وفي الأمكنةِ الباردة من سفوحِ التلال .
اشتهي يا سيِّدة الظلِّ العتيق
أن اصيرَ تراباً مخمليّاً
حصى بركانيّاً ... وبقايا رماد .
أشتهي يا سِّيدةَ الحزن
أن أحرقَ قميصي الأخضر ... وجواربي
وأن أؤجِّلَ عمراً آخر ... بل أكثر
فصلاةُ الإستسقاءِ ... مكيدةٌ مسندة.
وحيث لا مطر
من أين يشربُ النهر ؟
كأننا يا سيِّدةَ الحزن ...
من بلادِ الأنهرِ المؤجَّلة .
مَنْ يرعى الخوفَ بشهوةِ الحتوفِ ... سوانا ... ؟
نراوغُ النار الكفيفة بزنانير الخفاء
في ظهر تابوتِ السماء تركتُ للعتمةِ ثقباً جاهليّاً
كي تنزَّ المزاميرُ دخاناً ساديّاً ... ووجعاً لاهوتيَّ الأمعاء.
أقلعتْ عن المطرِ السماء
فالأرضُ تمطر الآن ... سواداً شهوانيّاً وأشلاء
وتمطرُ نزَقاً من بغيٍ ودعاء ...
لكم في ذاكرة الحِقبِ يمامٌ
وأكفٌّ لها نكهةُ الزيتِ .
يا أيُّها المنسيّون في قيعان جراحكم :
لا تخافوا بلدوزرَ العابرين ...
فالزيتون لا يعطي سرَّه إلاّ للتراب
والخصوبةُ لا تنطقُ زوراً
حيث الظِلالُ لا تشي للحطابين عن أسرارِ الجذور .
أقلعتْ عن المطر السماء ...
منذُ افترس الجرادُ حدائقَ الغيم
وجفَّتْ عروق التوّاقين للرحمة .
مَنْ يهُزُّ السماء من خاصرتِها ؟
فيدلقُ الجرَّة عن كتفِ الساقية ...
مَنْ يشدُّ بكلتي يديهِ على عنقِ النار ؟
كالوشمِ المؤبَّدِ أنتَ بي ...
أيُّها الخوفُ المتسرِّبُ كالشهقةِ المجنونة
أراكَ مكيدتي الثانية ...
أنعشني بتعويذةٍ أيها الناي ...
فأنا غجريُّ الرحلة الدائمة
أطاردُ ظليَ الخائف ...
ما أجملَ خوفه ...
فهو الحاملُ رقصتهُ دائماً ... وهو يركض .
لم تخفْ من الموت ...
منتصبَ القامة أبداً ..
فاطبقْ جفنيكَ على سلامِنا المُدمّى
وحبِّنا ... ووردِنا المُدمّى .
سميح القاسم ...
لم تغلقْ نافذة الشجن
ولا سمّاقة الشعر استراحتْ .
فلسطين قامتُك ...
فاكتبنا بحبر غيابك
أبهى المراثي .
سميح القاسم :
لن نقولَ وداعاً
بل ... إلى لقاء .
محمد سرور
لن نقولَ وداعاً ...
03-09-2014
مشاهدة: 4531
محمد سرور
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها