يرى مسؤولون إسرائيليون رفيعو المستوى انه في حال فشلت جهود الوساطة المصرية في التوصل الى اتفاق لوقف إطلاق النار طويل الامد بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة وفي مقدمتها حماس، فإن الدول العظمى ستسعى الى استصدار قرار لمجلس الامن الدولي من شأنه ان يضع حدا للأعمال العدائية حول قطاع غزة.

يشار الى ان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفض اثناء سير حملة "الجرف الصامد"، مقترحا تقدمت به الخارجية الإسرائيلية ومن مقترحا مماثلا تقدمت به وزيرة القضاء الإسرائيلية تسيبي ليفني يقضي بأن تبادر إسرائيل الى بلورة قرار لمجلس الامن الدولي يؤدي الى عزل حماس. اما الآن فإذا تم الدفع بقرار في أروقة مجلس الامن، فإن الدور الإسرائيلي للتأثير على صيغته سيكون محدودا.

غادر صباح اليوم الاحد الوفد الإسرائيلي متوجها نحو العاصمة المصرية، في محالة تبدو الأخيرة للتوصل الى اتفاق. ومن المتوقع ان تتواصل المحادثات غير المباشرة لغاية مساء الاثنين، عندما تنتهي التهدئة الحالية ومدتها خمسة أيام التي دخلت حيز التنفيذ منذ مساء الأربعاء. وكانت مصادر فلسطينية أعربت عن تحفظها من إمكانية ابرام اتفاق بين الجانبين خلال يومين من المحادثات، اليوم وغدا.

وفي ذات السياق، عقد المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر لشؤون الامن جلسة صبيحة الجمعة، استغرقت قرابة ساعتين بحث خلالها المجتمعون مضمون الورقة المصرية المقترحة للتوصل الى تسوية بشأن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية وفي مقدمتها حماس. وقال مسؤولون إسرائيليون ان احتمال التوصل الى اتفاق مع حماس ومع بقية الفصائل الفلسطينية في موعد أقصاه يوم الاثنين، ضئيل جدا. ويعود ذلك الى الفجوات الواسعة بين مواقف الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني حيال المقترحات المصرية كما يعود هذا الى الهوة العميقة بين مطالب حماس وما تقترحه مصر في عرضها. وقال مسؤول إسرائيلي رفيع ان إسرائيل لم تقدم ردها على المقترحات المصرية بعد، وأضاف "لا ننوي التنازل عن مصالحنا الأمنية. ولن يجب التروي حتى نهاية يوم الاثنين حتى نرى هل يمكن التوصل لاتفاق ام لا".

أما في حال تعذر التوصل لاتفاق في القاهرة، فإن إسرائيل تستعد لاتخاذ اجراء احادي الجانب تعلن من خلاله انتهاء حملة "الجرف الصامد" كما تعلن وقفا لاطلاق النار حسب مبدأ "الهدوء مقابل الهدوء". ويحظى هذا الاجراء بدعم الوزيرة تسيبي ليفني وكذلك وزير الاقتصاد نفتالي بينيت (حزب "البيت اليهودي"). وفي مثل هذه الحالة تسعى إسرائيل للحفاظ على حق التعامل مع لانفاق او ورشات تصنيع الصواريخ في قطاع غزة حتى تحول دون تعزيز قوة حماس وبقية الفصائل الفلسطينية.

ومع ذلك يرى المسؤولون الإسرائيليون انه في حال تعذر ابرام اتفاق مع الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتها حماس في القاهرة، فإن المجتمع الدولي سيمارس الضغط في اتجاه التوصل الى اتفاق آخر. ويضيف هؤلاء المسؤولون ان بريطانيا وفرنسا ودولا أخرى تستعد للدفع بقرار لمجلس الامن تضع حدا لإطلاق النار في قطاع غزة يشمل رفع الحصار وعودة السلطة الفلسطينية الى إدارة قطاع غزة مجددا ووضع جهاز رقابة دولي على المعابر الحدودية مع القطاع منعا لتوريد الأسلحة والعتاد للفصائل الفلسطينية في القطاع.

وعلى صعيد متصل، قرر وزراء خارجية الدول الثماني والعشرين الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خلال جلستهم من يوم الجمعة المنصرم، تبني مبادرة كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا للشروع في إعادة بناء ما تهدم في قطاع غزة مجددا وترميم كل ما تم تدميره من منشآت وبنى تحتية ووضع ترتيبات دولية تحول دون تسلح حماس من جديد تحت اشراف الأمم المتحدة.

يذكر ان الإدارة الامريكية حرصت لغاية الآن على الوقوف في وجه أي مساع تتعلق بالوضع في قطاع غزة تعرض على الأمم المتحدة بما في ذلك المقترح الأردني لوقف اطلاق النار في غزة الذي عرقلته واشنطن بعد ان كان يتضمن الدعوة الى إقامة لجنة تحقيق دولية بما جرى في غزة اثناء الحملة الإسرائيلية على القطاع، غير ان اوساطا إسرائيلية تعتقد ان الموقف الأمريكي سيتغير هذه المرة في حال فشل محادثات القاهرة، وان البيت الأبيض سيسعى هو الآخر الى بلورة قرار لوقف اطلاق النار يصدر عن مجلس الامن الدولي.