يترقب العالم بشكل عام وفلسطين واسرائيل بوجه خاص ما ستصل له المفاوضات غير المباشرة حول المطالب الفلسطينية من أجل التوصل الى وقف اطلاق النار، ويزداد الضغط مع اقتراب تهدئة الـ72 ساعة من نهايتها، وقد أعلنت اسرائيل امس، استعدادها لتمديد التهدئة 72 ساعة اخرى أو الى زمن غير محدود في حين هددت حركتا حماس والجهاد باستئناف اطلاق الصواريخ والهجمات اذا انتهت التهدئة دون احراز تقدم في مفاوضات القاهرة. وقد وصل المبعوث الأميركي فرانك لونستين الى القاهرة مساء امس لمحاولة المساعدة في المحادثات التي تتوسط فيها مصر. ودعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الى انهاء معاناة سكان غزة، معلنا ان المنظمة مستعدة لاعادة بناء القطاع ولكن للمرة الاخيرة. فيما قال مصدر دبلوماسي ألماني إن المانيا وفرنسا وبريطانيا تقترح اعادة تنشيط بعثة من الاتحاد الاوروبي على حدود مصر وغزة للمساعدة في استقرار الأوضاع في القطاع، الذي واصل في اليوم الثاني لملمة جراحه وواصلت الطواقم الطبية البحث عن جثامين شهداء في المناطق الحدودية تحت ركام المنازل، فقد انتشلت 10 جثامين من مناطق مختلفة في قطاع غزة. في غضون ذلك، قالت مصادر إسرائيلية ان الجيش الإسرائيلي سرح 30 ألف جندي احتياط من ضمن من تم استدعاؤهم لشن العدوان على غزة، بينما توعد رئيس الأركان الإسرائيلي بني غانتس باغتيال قادة حماس في كل فرصة تتاح لاسرائيل .
وفي اطار المعركة السياسية الدائرة في العاصمة المصرية، ذكرت وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية الرسمية أن رئيس المخابرات المصرية اجتمع امس الأول مع الوفد الفلسطيني بعد يوم من تحدثه الى مبعوثين اسرائيليين. وقال مسؤول مصري إن المحادثات غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين تمضي قدما موضحا أن الجانبين لا يجتمعان وجها لوجه. وأضاف أن الوقت ما زال مبكرا للحديث عن نتائج إلا أن هناك تفاؤلا.
وذكرت مصادر في مطار القاهرة أن الوفد الاسرائيلي وصل القاهرة امس. وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري للصحفيين إن بلاده تعمل بجد للتوصل لاتفاق وتبحث عن "حلول لحماية الشعب الفلسطيني ومصالحه".
لكن مسؤولا كبيرا في الجناح العسكري لحماس قال ان الحركة قد تنسحب من محادثات القاهرة اذا لم يتحقق تقدم تجاه تحقيق مطالبها الرئيسية برفع الحصار عن غزة والافراج عن الأسرى.
وقال القائد الكبير للجناح العسكري للحركة متحدثا لرويترز بشرط عدم نشر اسمه "ما لم تلب شروط المقاومة فسينسحب الفريق التفاوضي من القاهرة وسيرجع الأمر حينئذ للمقاومة في الميدان".
وقال رئيس اركان الجيش الاسرائيلي في تصريحات عبر التلفزيون انه اذا عكرت حماس الهدوء "فلن نتردد في مواصلة استخدام قوتنا حيثما يلزم وبأي قوة لازمة لضمان الأمن لمواطني اسرائيل الى أبعد مدى".
وقالت مصادر مصرية وفلسطينية إنهم يتوقعون ردا أوليا من إسرائيل على المطالب الفلسطينية في وقت لاحق. ولم تبد اسرائيل حتى الآن أي إشارات على قبول المطالب. وقال مسؤول اسرائيلي طالبا عدم نشر اسمه ان اسرائيل قبلت مد الهدنة بشروطها الحالية.
وقال مفاوضون فلسطينيون لوكالة فرانس برس طالبين عدم كشف هوياتهم ان "الوفد الاسرائيلي حضر امس (الاول) الى القاهرة والتقى المسؤولين المصريين (...) وعاد الى تل ابيب للاجتماع مع الحكومة الاسرائيلية ونقل ما دار في الاجتماع المصري الاسرائيلي".
وعاد الوفد الاسرائيلي الى القاهرة امس، لمواصلة التفاوض غير المباشر مع الوفد الفلسطيني برعاية واشراف مصري.
وتابعوا "سنلتقي اليوم (الاربعاء) مع وفد من القيادة المصرية للاستماع الى الموقف الاسرائيلي من المطالب الفلسطينية للهدنة والتهدئة".
ووصل امس الى القاهرة توني بلير ممثل اللجنة الرباعية (الامم المتحدة والولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي) يرافقه منسق الامم المتحدة لعملية السلام في الشرق الاوسط روبرت سيري. وسيجريان محادثات مع الوسطاء المصريين، كما قالت القاهرة.
من جانبه، دعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الى انهاء معاناة سكان غزة، معلنا ان المنظمة مستعدة لاعادة بناء القطاع ولكن للمرة الاخيرة. واستهل بان كي مون الاجتماع الخاص للجمعية العامة للامم المتحدة بالدعوة الى اقرار سلام دائم في غزة في اليوم الثاني من تهدئة لثلاثة أيام بعد حرب استمرت 28 يوما وخلفت دمارا هائلا والاف الشهداء والجرحى في القطاع.
وقال كي مون أمام الجمعية التي تضم 193 عضوا "ان دوامة المعاناة التي لا طائل لها في غزة والضفة الغربية وفي اسرائيل يجب ان تتوقف". وبعد ثلاث حروب في غزة في ست سنوات، حذر بان كي مون من ان صبر العالم ازاء اسرائيل والفلسطينيين يكاد ينفد. وقال "هل علينا ان نستمر على هذا المنوال - نبني ونهدم ثم نبني ومن ثم نهدم؟ يجب ان يتوقف هذا الآن".
وقال مبعوث الامم المتحدة الى الشرق الاوسط روبرت سيري ان حصيلة الدمار والقتل الاخيرة تتجاوز الحصيلة المدمرة لحرب 2008-2009.
وطلبت مجموعة الدول العربية عقد الجمعية العامة للام المتحدة بعد انتقادها مجلس الامن الدولي الذي فشل في اصدار قرار شديد اللهجة للضغط على اسرائيل وحركة حماس لوقف المعارك.
ووزع الاردن مشروع بيان في مجلس الامن يدعو الى وقف اطلاق النار ورفع الحصار عن قطاع غزة الفقير واجراء تحقيق في قصف مدارس وكالة تشغيل وغوث اللاجئين الفلسطينيين (الانروا) في غزة والتي لجأ اليها النازحون. ولم يطرح المشروع على التصويت.
وقال بان كي مون ان التهدئة التي اقرت لثلاثة ايام في غزة ابتداء من الثلاثاء يجب ان تفضي "الى وقف دائم لاطلاق النار" والى مفاوضات بهدف "تسوية الاسباب الكامنة" للنزاع. وقال ان الامر يتعلق خصوصا "برفع الحصار ووضع غزة تحت حكومة فلسطينية موحدة تنفذ التزامات منظمة التحرير الفلسطينية".
وذكر بـ"الكارثة الانسانية" التي تعيشها غزة الآن ودعا الدول الاعضاء الى ان يتحركوا "بسرعة وبسخاء لتلبية الاحتياجات العاجلة" للسكان. وقال انه ينبغي اعادة الاعمار وهي "مهمة ضخمة بين انقاض غزة حيث دمرت او تضررت منازل ومدارس ومستشفيات". وأدان بشكل خاص استهداف مدارس الامم المتحدة التي أوى اليها اللاجئون ووصف ذلك بانه "مشين وغير مقبول وغير مبرر".
وقال "ان كابوس الاسابيع الأربعة الماضية يذكر بان الحل السياسي وحده يمكن ان يحمل السلام والامن للاسرائيليين والفلسطينيين (...) وادعو الطرفين الى الاصغاء لنداء المجتمع الدولي واستئناف المفاوضات لوضع حد نهائي للنزاع ومن اجل حل قابل للحياة على اساس الدولتين".
وتحدث عدد كبير من المسؤولين أمام الجمعية العامة من خلال مؤتمر الفيديو ومن بينهم المفوضة العليا لحقوق الانسان نافي بيلاي، ورئيس وكالة الاونروا بيار كرينبول ومنسق الامم المتحدة للسلام في الشرق الاوسط روبرت سيري. ولا يتوقع صدور قرار او التصويت على نص خلال الاجتماع.
ودعا ممثل فلسطين رياض منصور خلال الاجتماع مجددا مجلس الامن الى تبني مشروع قرار اردني يدعو الى فك الحصار عن غزة. وذكر بطلب الرئيس محمود عباس من الامم المتحدة وضع الفلسطينيين تحت الوصاية الدولية من دون توضيح ما يعنيه بذلك تحديدا.
واتهم سفير اسرائيل رون بروسور بدوره الامم المتحدة معتبرا انها تظلم اسرائيل "الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط"، كما قال. واضاف "هذه الجمعية العامة لا تتحرك الا عندما تتخذ اسرائيل تدابير لحماية مواطنيها. اسرائيل هي خط الدفاع الاول في الحرب ضد التطرف الراديكالي"، مشبها حماس بتنظيم "الدولة الاسلامية" والقاعدة.
واضاف بروسور ان الطريقة الوحيدة لاحلال السلام في اسرائيل وغزة هي في "نزع سلاح حماس ونزع سلاح غزة".
وسحبت إسرائيل قواتها البرية من غزة صباح الثلاثاء. وأظهرت اشارات على انها تتوقع استمرار الهدنة برفع قيود الطوارئ الرسمية على المدنيين الذين يعيشون في جنوب اسرائيل وسمحت بمزيد من الانشطة العامة وحثت الجميع على استئناف حياتهم العادية.
وقالت مصادر إسرائيلية ان الجيش سرح 30 ألف جندي احتياط من ضمن من تم استدعاؤهم لشن العدوان على غزة. من ناحيته توعد رئيس الأركان الإسرائيلي خلال إيجاز صحفي قدمه امس للمراسلين والصحفيين في مقر قيادة فرقة "غزة " التي زارها وتفقد جنودها من سمتهم بقادة المنظمات " الإرهابية " في غزة وتحديدا قادة حماس بأن إسرائيل ستضربهم في كل فرصة تتاح لها.
وقال بني غانتس "ان الجيش الإسرائيلي باق هنا ولن يذهب إلى أي مكان وهو منتشر ومستعد لكل الاحتمالات وسنغتال قادة حماس في كل فرصة تتاح لنا ". من ناحيته حاول ما يسمى قائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي سامي ترجمان إقناع سكان المنطقة الجنوبية "غلاف غزة " بالعودة الى منازلهم وان المنطقة باتت آمنة. وقال "اعتقد بان المنطقة أمنة ويمكن للسكان إن يعودوا إليها وان يعملوا مجددا في حقولهم ويعيشوا حياتهم الطبيعية كما كانوا قبل الحرب .
وأضاف في باب إقناع هؤلاء بالعودة وتخفيف حالة الرعب التي سببتها الانفاق "سنبقي قوات عسكرية في المنطقة ونتعهد بأن نهدم وندمر كل نفق تصلنا معلومات عن مكانه ولن نتردد في ذلك".