إعداد: المهندسة غادة ديبان الصباغ، أستاذة ومستشارة في جامعة حائل
تتهافت الدول والشركات على صناعة تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات وأدواتهما من حاسبات وهواتف محمولة وملحقاتها، وفي عصرنا هذا وبحسب تصنيف مجلة فوربس العالمية فإن المتربعين على عرش المراتب الأولى في الثروة عالمياً هم من صناع البرمجيات وتطبيقاتها وملحقاتها.
ومن الرائع أن المنطقة العربية أصبحت مليئة بشركات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، إدراكاً منها بحاجة المجتمع والأفراد للبرمجيات، والمواقع الإلكترونية، والتعليم الإلكتروني، والغرف الإفتراضية، ولخدمات التعليم الإلكتروني على الأجهزة اللوحية، وتقنيات الاجتماعات الفيديوية، وتقنية البث المباشر للقنوات التلفزيونية.
ولأن المرأة نصف المجتمع فمن المؤكد أن ترتاد وتتنافس وتتتقاسم هموم المجتمع، وتحمل على عاتقها أعباء تقدمه وتطوره، لتحقق نفسها وتثبت ذاتها، وتؤكد حقيقة وجودها، ولأنها تملك صبغة صناعة الأجيال، وتفجير طاقاتهم الكامنة، وبث روح الأمل والعمل فيهم. فمن المؤكد أنها قادرة أن تصنع مسيرتها، وتخطط لحياتها، وتشق طريقها، وليس دائماً الطريق سهلاً معبداً، تملؤه الخضرة والراحه، فغالباً ما تحفر الصخر لتنفذ ماتريد وماتطمح إليه وماتخطط له وماترسم.
ومن البديهيات أن نفرح لنجاحات المرأة العربية، نصفق لتخطيطها ونتابع قصص نجاحاتها وإبداعاتها وريادتها على الصعيد العربي والإقليمي والدولي.
وقد استوقفتنا قصة المهندسة السعودية مرام حسن الزبيدي والمقيمة في جدة بالمملكة العربية السعودية. وهي شابة طموحة تخرجت من جامعة الملك عبد العزيز بجدة – كلية الحاسبات وتقنية المعلومات – مسار الأنظمة الذكية، وكان مشروع تخرجها نظام بصمة يتعرف على الشخص من خلال طريقة كتابته على لوحة المفاتيح. وتسعى مرام إلى أعمال تستخدم فيها مهاراتها وقدراتها في مجال تكنولوجيا المعلومات لتصل إلى الإبداع والإختراع.
وقد شاركت بالعديد من المسابقات العربية والدولية منها مسابقة جامعة الشيخ زايد للتقنية بدبي ، ومسابقة Startup Weekend، وقد حصلت على براءة اختراع في المسابقة والفعالية العالمية Startup Weekend للتقنية في جدة عام 2013، كفكرة تطبيق للجوال يساعد في تحسن الرؤية للأشخاص ذوي النظر الضعيف، وذلك من خلال قياس طول وضعف النظر وتغير دقة الشاشة، حسب قياس النظر باستخدام IOS، ونحن نعلم أن الفعالية العالمية Statrup Weekend تضم رواد أعمال نشطين ومتمكنين يتعلمون أساسيات بدء المشاريع الناشئة، وإطلاق المشاريع الناجحة حيث عقدت أكثر من 400 فعالية في 100 دولة في جميع أنحاء العالم في عام 2011 .
وفي كل مكان تدخله مرام تترك أثراً وإبداعاً وأعمالاً مشرفة، حيث تدربت في مصلحة الزكاة والدخل لمدة شهرين، أنجزت فيها موقعاً لنسخه ذكيه وبرنامجاً يساعد على توزيع الأجهزة IP عند الإتصال بالإنترنت منعاً لبعض المشاكل أثناء الإتصال. وهي الآن مدربة حاسب وبرمجة معتمدة من التعليم الفني والتقني في السعودية، وتعمل في معهد الأندلس، وتدرس في إحدى المدارس العالمية بجدة، ومتعاونة مع شركة فوووف للتقنية المحدودة والتي لها عدة فروع داخل وخارج المملكة العربية السعودية، والتي لم تتجاوز على ولادتها عامين حتى أصبحت تحتل مركزاً متميزاً ومرموقاً في السوق السعودية.
وتقول مرام: “إن دخول الفتاة في هذا المجال يعتبر نادراً، خصوصاً أن أغلب الوظائف في السعودية الشاغرة سواءً في القطاعين الحكومي والخاص من برمجه ودعم فني يتم تحديد الجنس للذكور ولا تتاح للفتيات إلا بشكل قليل جداً، حتى فترة تواجدي في التدريب كنت الفتاة الوحيدة في القسم التقني”.
وتضيف: “نحن نحتاج إلى الثقة في إنجازاتنا وإلى تشجيعنا على العمل، وأرى أن التعاقد مع فتيات للعمل في منازلهم أفضل بكثير من التعامل مع أشخاص من خارج السعودية، فلدينا العقول المفكرة المنتجة والمتعلمة، والتي تعرف مايحتاجه العميل، وإن القليل من العائد المادي يكفي لأن نثبت أن مانقوم به مميز ويساعد على الإنتاج أكثر، خصوصاً أن هذا العمل ليس له تكلفة مسبقة سوى الجهد والتفكير بأسلوب يتناسب ويواكب التقنية الحالية”.
وتشير مرام إلى أهمية مواقع التواصل الاجتماعي في دعم عمل المرأة السعودية في مجال تقنية المعلومات والاتصالات، قائلةً: “إن مواقع التواصل الإجتماعي والإنترنت واليوتيوب ساهمت بشكل كبير في مساندتنا وسرعة انتشارنا، وسهلت لنا التواصل المحلي والعالمي، وزادت من خبراتنا من خلال التواصل والاطلاع على تجارب الآخرين”.
وجدان حسن الغامدي، خريجة نظم المعلومات بكلية الحاسبات وتقنية المعلومات بجامعة الملك عبد العزيز عن المعوقات التي تواجه الفتاة السعودية عند دخول عالم البرمجة والتطبيقات وريادة الأعمال بشكل عام، تقول: “أعتقد من المعوقات التي تواجهنا كسعوديات عدم وجود صنعة في بلدنا لعالم التطبيقات والبرمجة، وأيضاً عدم توفر معاهد متخصصة أو مراكز لتعليم البرمجة الإحترافية”.
وتضيف وجدان قائلةً: “ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي في دعم ريادة الأعمال من حيث سرعة تسويق فكرة العمل، ورؤية وانطباع الناس عنها، وأيضاَ سهولة التواصل مع المبرمجين للاستفادة من خبراتهم في التعلم والرد على الاستفسارات”.
وحول نموذجا من الأعمال التي قامت بها، تقول وجدان: “أنا حديثة التخرج وفكرة مشروع التخرج كانت تقوم على تصميم وتطوير قناة اتصال تفاعلية لمستخدمي الجمعية الخيرية وللمتطوعين من أفراد المجتمع بحيث يسهل التواصل معهم، ولهذا عملنا على إنشاء تطبيقات للهواتف التفاعلية أطلقنا عليه اسم OneHand ، والهدف من هذا المشروع سرعة التواصل مع الجمعية الخيرية، ومعرفة أخبارها من خلال ضغطة زر واحدة، وأضافت وجدان أنها قامت بتصميم فكرة مشروع إنشاء موقع الكتروني تجاري وهمي لشراء الكعك والكيك ويستطيع الزائر اختيار النكهة التي يحب من خلال الصور.
أما المهندسة خديجة باتل العنزي، والحاصلة على بكالوريس هندسة برمجيات، من كلية علوم وهندسة الحاسب الآلي من جامعة حائل، فتناولت الأعمال التي قامت: “لقد عملت على برمجة نظام الكتروني لتسجيل الطالبات في برنامج التدريب التعاوني بجامعة حائل، وأيضاً برمجة نظام الكتروني لدليل الموظفين في جامعة حائل، وأضافت أنها عضوة في قافلة شباب الغد “منتدى الغد” بانطلاقتها الثانية ممثلة كلية علوم وهندسة الحاسب الآلي بجامعة حائل، برئاسة سمو الأميرة نوف بنت فيصل بن تركي آل سعود.
وتستعرض خديجة الأماكن التي عملت بها قائلةً: “على سبيل المثال لا الحصر عملت كمدربة حاسب آلي في احدى القطاعات النسائية التابعة لشركة عبداللطيف جميل، ومتعاونة مع عدة شركات متخصصة في تصميم برامج الحاسوب والمواقع الإلكترونية، بالإضافة الى الاعمال التطوعية والأنشطة الاجتماعية”.
وعن المعوقات التي تواجه الفتاة السعودية عند دخول عالم البرمجة والتطبيقات وريادة الأعمال، تقول خديجة: “مما لاشك فيه أن الفتاه السعودية برزت وأثبتت قدرتها على العطاء في شتى المجالات، بل وأصبحت عنصر مهم وفعال لاسيما في مجال التقنية في الآونة الأخيرة، فاستطاعت كسر احتكار الرجل في مجال علوم وبرمجه وهندسة الحاسب الالي ,ولكن بهذا المجال بالتحديد مازلنا بحاجه إلى رفع كفاءة الكوادر النسائية بما يتناسب مع طبيعتها ووفقاً لضوابط المجتمع”.
وتضيف خديجة: “للأسف لابد من وجود معوقات تواجه أي مبرمج وذلك ليس حصرا فقط على الفتاه السعودية، ومن أهم تلك المعوقات هو وجود برامج متعددة في كافة المجالات على الشبكة العنكبوتية وتباع من قِبل شركات رائدة في مجال البرمجة بأسعار رمزيه وبعضها برامج مجانيه ايضا، مما يقلل رغبة المبرمج في التطوير والابداع ، والامر الآخر عدم قبول الفتاه السعودية في بعض الشركات لوجود البديل غير السعودي براتب ومزايا أقل مما ترضى به الفتاه السعودية. وأضف إلى ذلك انعدام ثقافة البرمجيات وانتشار ثقافة القرصنة وعدم حمايه حقوق الملكية واقعيا رغم وجود النصوص النظامية لذلك لعدم وجود السيطرة الإقليمية والمحلية”.
وتضيف خديجة قائلة: “إن مواقع التواصل الاجتماعي تتيح للإنتاج الفكري سرعة الوصول إلى الشريحة المستهدفة بيسر وسهوله تفوق سرعه وصولها من خلال الصحف الورقية والإلكترونية، ويقابل ذلك انتشار حجم المنافسة بشكل غير محدود مما يقلل فائدة الانتاج الشخصي بالقدر المخطط له”.
وعند سؤال خديجة لماذا اختارت هذه المهنة تجيب قائلة: “مهنة البرمجة تحتاج شخص حاضر الذهن وقادر على التعليم الذاتي، ولديه القدرة على التحليل والتنظيم، ومستعد للتحدي وتخطي العقبات التي تواجهه ليصل الى مايطمح اليه، فحب المهنة والشغف المتواصل للتعلم والتطوير والتميز هو مادفعني لاختيار هذا المهنة التي اصبحت مطلوبة ومهمه ولا غنى عنها في شتى المجالات وكافه التخصصات”.
هي المرأة دائماً نجمة مضيئة في أي عمل ترتاده، وأي مهنةٍ تحبها وتختارها، هي تعرف كيف ومتى تعطي، تعرف كيف تذلل الصعاب، وتتحدى الظروف لتخلق مناخاً ملائماً يرضي طموحاتها ويجسد إبداعاتها.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها