الحالة التي تعتبر من الحالات النادرة على مستوى العالم ، أن تخرج طفلة على قيد الحياة من رحم والدتها التي ماتت قبل دقائق من ولادتها .
المولودة شيماء الشيخ على التي ولدت بظروف خاصة لعلها ستبقى ذكرى من ذكريات الحرب الأليمة على قطاع غزة مدى الحياة ، وسيبقى الجرح البسيط تحت عينها علامة تحملها طوال حياتها ، بعدما أسرع الطبيب لنجدتها وإخراجها من رحم والدتها التي استشهدت ، فأصابها نتيجة السرعة بإصابة بسيطة في وجهها بعد ملاحظة تحرك الجنين في رحم الأم ، وكانت ضربة مشرط واحدة فتحت رحم الأم بعملية قيصرية كفيلة لنجدة الجنين وإخراجها إلى الحياة .
مشاهد جديدة ومجزرة ارتكبتها طائرات الاحتلال الاسرائيلى مع بزوغ فجر ليلة القدر ، حيث ألقت صاروخين من طائرات أف 16 على منزل المواطن إبراهيم الشيخ على الذي يقطنه برفقة أشقائه ، حيث تهدم المنزل كاملا بدون إطلاق صاروخ تحذيري على المتواجدين داخله .
استشهدت الأم شيماء قنن " 23 عاما " نتيجة قصف منزلها ، وأصيب زوجها إبراهيم الشيخ على بجراح طفيفة غادر على أثرها المستشفى إلى منزله ، وتتهم إسرائيل الزوج بانتمائه لحركة الجهاد الاسلامى ، مع العلم أن الزميل إبراهيم الشيخ على هو اعلامى ومحرر يعمل في إذاعة الأسرى بغزة .
قصة تحمل كل معاني الحرب على قطاع غزة وقتل الأبرياء والنساء والأطفال ، فكلما اقتربت الأم من لحظة الولادة وخاصة أنها كانت في الشهر التاسع ، كان قلبها يدق أملا في احتضان طفلها الأول التي حملته بعد زواج دام عام وشهرين تقريبا ، ولم تكن تعلم أنها ستولد طفلة رغم استشهادها ولن يتقابلا مع بعضهم البعض ، أو تقبل الأم طفلتها البكر قبل الوداع .
الدكتور فادى الخرطى " 40 عاما " اخصائى حضانة أطفال كان من بين ستة أطباء عملوا جاهدين على إنقاذ حياة الأم شيماء قنن ، فاكتشفوا أنها استشهدت قبل وصولها للمستشفى بعدة دقائق ، وحينما لاحظوا حركة النجدة من الجنين بالتنفس بعد انقطاع الهواء عنه نتيجة استشهاد الأم شيماء ، فتحرك الطاقم على نجدة المولودة شيماء أيضا بإخراجها من رحم أمها على قيد الحياة .
" معجزة " بقدر ما تحمله الكلمة من حروف ، كانت هذه ابرز الكلمات التي تحدث بها الدكتور الخرطى عن العملية التي أجريت للشهيدة ، وقال " وصلتنا الأم متوفاة نتيجة القصف وكانت فترة الوفاة تقترب من خمسة دقائق ، وإصابتها كانت شاملة نتيجة سقوط سقف المنزل الباطون عليها ، وكانت تعانى من نزيف داخلي "
وأضاف أجرينا عملية قيصرية لها على الفور بعد حركة الجنين الملحوظة رغم استشهادها ، فعملنا على الفور إسعاف أولى لها وخلال 30 ثانية قمنا بفتح البطن وأخرجنا الجنين من الرحم وتعاملنا معها بعملية إنعاش "
وأشار الخرطى أن الطفلة في حالة مستقرة حاليا ، رغم أنها تعانى من نقص في الاكجسين وهناك بداية أعراض أخرى ، متأملا أن لا يحصل مضاعفات لها .
بدوره قال الدكتور مفيد الشيخ على عم المصاب إبراهيم صاحب المنزل ، أن الاحتلال الاسرائيلى استهدف المنزل بدون صاروخ تحذيري وكان يهدف لقتل كل من هم داخل المنزل.
وقال تدمرت الأسرة والمنزل نتيجة قصف الاحتلال الاسرائيلى له ، وهذه تعتبر فاجعة للأسرة نظرا لأنهم متزوجين منذ عام تقريبا ، والزوجين من حملة الشهادات الجامعية ويحلمون بحياة أمنة في منزلهم برفقة طفلتهم المنتظرة "
وفى غرب دير البلح وسط المعسكر في المكان الأكثر ازدحاما في المنطقة يسكن إبراهيم بين أزقة الشوارع في منزله الذي استهدفته طائرات الاحتلال دون رحمة أو شفقة ، فمنزله انشطر نصفين بعد استهداف الطائرات للقسم الذي يتكون من غرف النوم داخل المنزل ، حيث اندثرت أحلام الأم باستقبال طفلتها البكر وسط حياة أمنة في غرفة تحمل الألعاب لابنتها وملابسها الجديدة .
وما زاد من معاناة الأسرة التي ذهبت لأخذ ابنتهم من ثلاجة الموتى في مستشفى الأقصى لتجد أن ابنتهم الأم شيماء قنن قد أخذتها أسرة ثانية بالخطأ من ثلاجة الموتى وتم تشييعها ودفنها ، وبعد محاولة الأهل استعادة جثمان الشهيدة لم يتمكنوا إكراما لها بعد دفنها عدم إخراجها .
وزادت مأساة الزوج وأهلها بعدم تمكنهم من تشييع ووداع ابنتهم الشهيدة ، وذلك بعدما قاموا بحفر قبر الشهيدة التابعة للعائلة الأخرى ليكتشفوا انها ابنتهم شيماء ، فقاموا بوداعها بنظرات سريعة داخل القبر ومن ثم إعادة دفنها ، لتحمل مولودتها بعد ذلك نفس اسم الام من بعدها والتى قد تثأر لوالدتها .
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها