أحيت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ذكرى يوم النكبة بمهرجان سياسي وشعبي حاشد وذلك في ساحة الشهداء وسط مدينة صيدا.

وحضر المهرجان ممثّل حركة أمل عضو المكتب السياسي بسام كجك، والشيخ زيد ضاهر ممثّلاً حزب الله، ومحمد ضاهر ممثّلاً التنظيم الشعبي الناصري، والدكتور بسام حمود ممثلاً الجماعة الإسلامية، والشيخ عبد الله الترياقي عن قوات الفجر، ووفد من الحزب التقدمي الاشتراكي ضمَّ وكيل الداخلية أحمد ضافر، وممثّل مفوضية التعبئة والإعلام عدنان سليقا، وممثّل مفوضية التربية سمير محمود، ومدير فرع صيدا احمد الفليطي.

كما حضر عن الفصائل الفلسطينية أمين سر حركة "فتح" في صيدا العميد ماهر شبايطة، وأمين سر شعبة صيدا الحاج مصطفى اللحام، وعضو الجبهة الشعبية عبد الله الدنان، والحاج أبو يوسف الشواف ممثّلاً الجبهة العربية، وأبو جهاد حليحل عن جبهة النضال، وأبو احمد فضل عن حركة حماس، وشكيب العينا عن الجهاد الإسلامي. كما حضر الشيخ يوسف مسلماني ممثّلا الدكتور عبد الرحمن البزري، وممثّل اللجنة الشعبية في المخيم عبد مقدح، إضافة إلى ممثلين عن الروابط واللجان الشعبية، وحشد جماهيري كبير.

بدايةً كانت كلمة حركة "فتح" ألقاها العميد ماهر شبايطة، فعرض لرمزية ذكرى النكبة التي تمثّل ذكرى "اقتلاع شعبنا من فلسطين"، وأضاف "باعتبار أن النكبة ليست احتلالاً عادياً، انفجرت الثورة الفلسطينية المعاصرة، كانت خلية بقيادة الرئيس الشهيد ياسر عرفات ومعه اخوة أفنوا حياتهم لمسح أثار النكبة وعودة اللاجئين إلى ديارهم، وعملوا وانبتوا من شقاق الصخر حلمًا اسمه دولة فلسطين المستقلة، فتحوّل اللاجئون الى فدائيين يرتعب منهم العدو والصديق، وسالت الدماء الفلسطينية ليس حباً بالموت إنما طلباً للشهادة. فمجازر الحركة الصهيونية من دير ياسين وقبية وكفر قاسم وصبرا وشاتيلا كان الرد عليها في ميونخ وسافوي وفي الأرض المحتلة، وكان الشعار ولا زال، الموت للعدو أينما وجد. إنها الثورة حتى النصر، وهي العاصفة التي هدرت، وتهدر حتى تلغي نكبة شعب يحب الحياة" مشيرًا إلى أن الشعب الفلسطيني قدّم منذ النكبة وحتى الآن أكثر من نصف مليون شهيد.

وأردف شبايطة "حين اخترنا مبدأ السياسية تجني ما يزرعه العسكريون، كان سلام الشجعان وليس سلام التفريط بذرة تراب من القدس الشريف، ولذلك استشهد قائدنا ومعلمنا أبو عمار بعد أن قال جملته الشهيرة: ليس فينا وليس بيننا وليس منا من يفرط بذرة تراب من القدس. أيها الاخوة.. ستة وستون عاماً واسمنا لاجئون في المخيمات، ان كان في دول الطوق، حتى انه لا يوجد مكان في الكرة الأرضية إلا ووطئه الفلسطيني، والآن لا تغيب الشمس عن الشعب الفلسطيني ابدًا. وبانتظار سطوع شمس الحرية، تحوّل الشتات مع الوقت إلى إرادة بالعودة. وكما قال الرئيس محمود عباس لوزير الخارجية الأميركي جون كيري، "لقد آن لأطول احتلال في العالم أن ينتهي وآن لقادة "اسرائيل" أن يفهموا أنه لا وطن للفلسطينيين إلا فلسطين". وعليه لا بد ان نؤكد حقنا بالعودة وفقا لقرار الأمم المتحدة 194 القاضي بعودة اللاجئين الى ديارهم والتعويض عليهم. ولا بد ان نصر على ان وطننا هو فلسطين من بحره الى نهره، فمهما طال الزمان او قصر، العودة حق ولا بد من تنفيذها. فالأجيال تسلم الأجيال كما موج البحر لا ينتهي.

ونوّه شبايطة إلى أن المفاوضات ليست الوسيلة الوحيدة لتحرير الأرض، ولفت إلى أن المصالحة كانت خطوة على الطريق الصحيح، مشيرًا إلى أن المصالحة الوطنية تجري على قدم وساق لتنفيذ بنودها وإنتاج حكومة ومن ثم إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني، وأملاً أن تنعكس مفاعيلها ايجاباً على وضعنا في المخيمات".

وحول الأحداث الأمنية في المخيمات قال شبايطة: "نحن نشجب وندين ونأسف لهذا الدم الفلسطيني الذي يذهب هدرا في أزقة المخيمات. فجيل العودة لا يريد الاقتتال الداخلي وصراع الزواريب، يريد امنا وامانا وعلما وتنمية.. فبالله عليكم، هل تنفيذ مشاريع خارجية في مخيمنا من مشاريع الهجرة والعبث في امننا يفيد عودتنا الى ديارنا ام يزيدنا انقساماً وشرخاً وانحلالاً؟! ولماذا يموت أبناء المخيم بالرصاص والقهر والخوف؟! ومن هنا نحي كل من تظاهر سلمياً لرأب الصدع ووقف الاشتباكات الأخيرة"، ودعا لرص الصفوف وتجنيب المخيمات عن الصراعات الخارجية والتمسك بحقوقنا وأمننا عبر اللجنة الأمنية المشتركة، خاتمًا بتوجيه التحية لأرواح الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل تحرير فلسطين، وللأسرى الذين يخوضون حرب الأمعاء الخاوية في وجه السجان.

ثم ألقى سمير محمود كلمة الحزب التقدمي الاشتراكي، جاء فيها "فلسطين يا دم الأحرار لك كل الحب. فهل من عربي بريء من دمك؟ الذين منعوا الفلسطيني من عبور الحدود، الذين كدسوا اللاجئين في مخيمات تفتقر لأبسط مقومات الحياة والعيش، بنوا منظمات لأنظمتهم وليس لفلسطين. والذين منعوا عن الفلسطيني حقوقه المدنية أنهم يمتلكون جيوشًا عاطلة عن العمل إلا داخل الحدود. نعم نحن العرب كل العرب لسنا أبرياء من دم فلسطين، وهذا المواطن العربي المرمي بالظلام والفقر والجهل والذي يخرج اليوم باحثا عن هويته الحقيقية نقول له إن الهوية فلسطين والطريق اليها مشعل الحرية والديمقراطية. نقول له لن تكون عربيا ان لم تعرجّ بعروبتك ناحية القدس وغزه والخليل ولن تكون حرا والقدس تحت الاحتلال. أيها الرفاق إن حزبنا التقدمي الاشتراكي الذي انتخب مؤسسه ورئيسه وبالإجماع أمينًا عاما للجبهة العربية المشاركة في الثورة الفلسطينية، لا يمكن الا أن يكون نصيرا لفلسطين. ان حزبنا الذي حدد موقعه في الوسطية البناءة على مستوى الوطن لا يمكنه الا ان يكون منحازًا ومتطرفًا عندما يتعلّق الأمر بفلسطين، وبحق العودة، وبالحقوق المدنية، والحياة الكريمة بالمخيمات. لم نكن في لبنان نبحث عن الوطن الحر المستقل الا وكانت فلسطين في الذاكرة، وكان في البال القرار الوطني الفلسطيني المستقل، كما اللبناني. بهذا الاتحاد المعمد بالدم والألم كنا اقوياء. لهذا الاتحاد المعمد بالأمل سوف نبقى أوفياء".

تلا ذلك كلمة الجهاد الإسلامي ألقاها شكيب العينا فقال: "إن فلسطين تتعرض لأشرس حملة لشطبها من قاموس الشعوب الحية، لكننا نقول فلسطين ستبقى قبلة الصراع.  ما احوجنا الى مصالحة وطنية فلسطينية ترسي معركة الجهاد لأجل فلسطين. ان ما يجري في العالم العربي ما هو إلا حرب افتعلها الغرب والصهيونية لإلهاء العرب عن القضية الأساس، والرد يكون بالمزيد من التلاحم والنضال". وأكّد أن القوى الفلسطينية ستبقى خارج الاصطفاف الداخلي اللبناني، ودعا إلى تفعيل عمل القوى الأمنية داخل المخيمات، ودعم المبادرة التي أطلقتها الفصائل لتجنيب المخيمات أي توترات أمنية داخلية او مع محيطها .

أما كلمة الجبهة الديمقراطية، فألقاها عضو اللجنة المركزية ابراهيم النمر مستهلا كلمته بتوجيه التحية للأسرى والمعتقلين الإداريين، وللشعب الفلسطيني المتمسّك بأرضه رغم القهر والمجازر التي ترتكب بحقه. وأضاف "لقد شكلت هذه الأحداث مأساة حقيقية بحق هذا الشعب الجبار الذي سيستمر بالنضال في وجه قوى البطش الصهيوني، كما سيبقى يناضل من اجل الحقوق المدنية، وحق العودة".

وأكَّد النمر أن "الشعب الفلسطيني يتطلّع الى اسمى العلاقات الطيبة مع الدولة والشعب اللبناني"، ودعا لبذل الجهود لمعالجة ملف العلاقات المشتركة رزمة واحدة اجتماعية وامنية وسياسية. والذهاب الى اقرار حق العمل والتملك، مشدّدًا على أن الجبهة والشعب الفلسطيني هم خارج الاصطفاف اللبناني الداخلي والصراع الإقليمي في المنطقة.

كذلك دعا الحكومة اللبنانية إلى التراجع عن القرار المجحِف بحق النازحين الفلسطينيين من سوريا وإعفائهم من بدلات الإقامة ورفع الغبن والحرمان عنهم. وتوجه بالشكر الى كافة القوى والأحزاب السياسية اللبنانية والفلسطينية على المشاركة بإحياء ذكرى النكبة.