امنعوا وقوع نكبة جديدة في الأرض المقدسة، وادعموا إقامة دولة فلسطين الحرة المستقلة الآن، ولينتصر السلام قبل فوات الأوان"، بهذه العبارات اختتم الرئيس محمود عباس خطابه أمام الدورة الـ67 للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي استقبلته بتصفيق حار دام نحو دقيقة، وأعلن فيها بدء مشاورات كي تعتمد الجمعية العامة قرارا يعتبر فلسطين دولة غير عضو في الأمم المتحدة.

وقال الرئيس في كلمته: "من أجل تعزيز فرص السلام سنواصل مساعينا للحصول على عضوية كاملة لفلسطين في الأمم المتحدة، وللهدف نفسه فقد بدأنا مشاورات مكثفة مع مختلف المنظمات الإقليمية والدول الأعضاء كي تعتمد الجمعية العامة قرارا يعتبر دولة فلسطين دولة غير عضو في الأمم المتحدة خلال هذه الدورة".

ونبه الرئيس إلى أن مجمل السياسة الاسرائيلية تصب في المحصلة في اضعاف السلطة الوطنية وافشالها في القيام بمهامها ووظائفها وتنفيذ التزاماتها وهو ما يهدد بتقويض وجودها كله وبانهيارها، مؤكدا أنه لا توجد إلا قراءة واحدة لما تقوم به الحكومة الاسرائيلية من ممارسات على أرضنا ولما تقدمه لنا من مواقف حول مضمون اتفاق الوضع الدائم لإنهاء الصراع وتحقيق السلام، قراءة واحدة تقود إلى نتيجة واحدة هي أن الحكومة الاسرائيلية ترفض حل الدولتين.

وأشار الرئيس إلى أن الخطاب السياسي الاسرائيلي لا يتردد في إبراز المواقف العدوانية المتطرفة، ويقود في كثير من جوانبه وفي تطبيقاته العملية على الأرض إلى مهاوي الصراع الديني، وهو ما نرفضه بحزم انطلاقا من مبادئنا وقناعاتنا، ولإدراكنا لما يعنيه من إذكاء للنار في منطقة بالغة الحساسية ومليئة بنقاط التفجر الساخنة، ولما يقدمه من وقود للمتطرفين من مختلف الجهات خاصة أولئك الذين يحاولون استخدام الأديان السماوية السمحة كمبرر أيديولوجي لإرهابهم.

وشدد الرئيس على ان اسرائيل ترفض إنهاء الاحتلال، وترفض أن يحصل شعبنا على حريته واستقلاله، وترفض قيام دولة فلسطين، وتعد الشعب الفلسطيني بنكبة جديدة. وقال: "لن نسمح بوقوع نكبة جديدة". وأكد رفضه لمشروع الدولة ذات الحدود المؤقتة رفضا قاطعا من الألف إلى الياء لأنه لن يأتي بالسلام. وطالب الرئيس مجلس الأمن الدولي بسرعة إصدار قرار يتضمن ركائز وأسس حل الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي ليكون مرجعية ملزمة ومرشدا للجميع إذا أريد لرؤية حل الدولتين، فلسطين واسرائيل، أن تصمد، وللسلام أن يسود في أرض السلام.

ودعا الرئيس المجتمع الدولي إلى إلزام الحكومة الاسرائيلية باحترام اتفاقيات جنيف، والتحقيق في ظروف اعتقال الأسرى الذين نشدد على ضرورة الإفراج عنهم وهم جنود شعبهم في نضاله من أجل الحرية والاستقلال والسلام. وشدد الرئيس على أن مفاوضات بلا مرجعية واضحة تعني استنساخا للفشل وغطاء لتعزيز الاحتلال، وإجهازا على عملية سلام تحتضر، وكل من سينصحنا بالانتظار عليه أن يدرك أن الواقع الملتهب في بلادنا ومنطقتنا له توقيته الخاص ولا يحتمل مزيدا من التسويف والتأجيل، ولا موقعا متأخرا في جدول أعمال العالم. وأكد الرئيس انه رغم كل تعقيدات الواقع وإحباطاته نقول إنه ما زالت أمام العالم فرصة ربما ستكون الأخيرة وهي الأخيرة فعلا لإنقاذ حل الدولتين، ولإنقاذ السلام.

وغادر الرئيس نيويورك عائدا إلى أرض الوطن، بعد الخطاب. وقبيل مغادرته نيويورك، استقبل الرئيس أبناء الجالية الفلسطينية بالولايات المتحدة الأميركية، الذين أثنوا على خطابه وعلى الخطوات التي اتخذها من أجل نيل شعبنا حقوقه غير القابلة للتصرف.

وكان الرئيس عقد في وقت سابق أمس اجتماعا مغلقا مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون. وسبق الاجتماع المغلق، اجتماع موسع حضره عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، والناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، ومستشار الرئيس أكرم هنية، ورئيس المفوضية العامة لمنظمة التحرير في واشنطن السفير معن عريقات، تركز البحث فيه على تطورات القضية الفلسطينية، والأوضاع في منطقة الشرق الأوسط.

كما اجتمع الرئيس مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والرئيس التونسي محمد منصف المرزوقي كلا على حدة. وجرى خلال اللقاءين بحث العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها، وتطورات الأوضاع في المنطقة.

واستقبل الرئيس، رئيس وزراء كندا ستيفن هاربر والمبعوث الياباني للشرق الأوسط يوتاكا أيامورا كلا على حدة.