البنود المتفجرة على الأجندة الوطنية الفلسطينية كثيرة جدا ومعقدة جدا, وتحتاج بالإضافة إلى الإمكانات ولو بالحد الأدنى, إلى إرادة وطنية شجاعة, وتحتاج إلى أفق واسع.
وتبدو السلطة الوطنية الفلسطينية وكأنها تواجه حربا على عدة جبهات في آن واحد, من بين هذه الجبهات الساخنة ما هو من صنع أيدينا ولو ظاهريا وهو الانقسام الذي خطط له الإسرائيليون بذكاء وبراعة, ونفذوه في خريف 2005, وجعلونا نقع في حفرته حتى الآن, ونرسل من خلاله رسائل مشوهة عن أنفسنا !!! حيث هذا الانقسام يبدو كما لو أنه الثابت الوحيد في حياتنا, وليست الثوابت التي تتباهى بها الشعارات الزائفة.
ومن بين هذه البنود المتفجرة, بند الاستيطان المسعور الذي تواصله حكومة نتنياهو على يد مستوطنين عنصريين يمارسون سلوكا هو أقرب إلى سلوك الذئاب الجريحة المجنونة المهتاجة برائحة الدماء, بحيث يرتكب هؤلاء المستوطنون ضد شعبنا ما هو أبشع من كل الحديث الصهيوني عن المحرقة النازية.
وهناك بند التهديدات العلنية الوقحة غير المسبوقة في الأعراف الدولية التي يطلقها قادة الحكومة الإسرائيلية, وخاصة وزير خارجيتها أفيغدور ليبرمان ضد رئيسنا ورأس شرعيتنا الوطنية الأخ أبو مازن الذي تمكن بفضل مصداقيته واتزانه وثباته على الحق أن يحول ليبرمان وأمثاله إلى نماذج للتفاهة والسخرية.
وكل هذه الجبهات المفتوحة في آن واحد في الحرب ضدنا, هي مجادلة لتخويفنا وترويعنا وجعلنا نحجم عن المضي قدما في فعالياتنا السياسية, وخاصة الذهاب إلى الأمم المتحدة, لطلب عضوية لدولة فلسطين سواء عضوية غير كاملة من الجمعية العامة, أو طلب عضوية كاملة من مجلس الأمن !!! وهذا التوجه مدعوم بنشاط واسع النطاق يقوم به الأخ الرئيس أبو مازن مع قادة الدول على امتداد العالم, ويخشى متطرفو الائتلاف الحالي في إسرائيل أن ينتهي الأمر بنجاحنا, وحينئذ ستتغير كل قواعد اللعبة, ويعود الإسرائيليون إلى نقطة الصفر, بفقدان الشرعية لكل ما يقومون به.
والمفروض, أننا في مواجهة هذه الحرب المفتوحة بجبهاتها المتعددة, أن نكون أقدر على إدارة أمورنا, ويستهل مفردات حياتنا الوطنية, ولكننا وجدنا أنفسنا أمام جبهة مشتعلة جديدة, اسمها جبهة الغلاء والأسعار المتوحشة, التي تفتك بحياة العائلات الفقيرة والمتوسطة كبيرة العدد, التي تمثل غالبية الشعب الفلسطيني في الضفة, التي قال لي أصدقائي المتابعون والمتخصصون في الضفة أن الأسعار توشك أن تتحول إلى وحش خرافي يلتهم الحياة, عندما يكون لتر البنزين بثمانية شيقلات ونصف, أي أكثر من دولارين, وليكون كيلو الطماطم « البندورة» في الصيف بثمانية شيقلات, أي قرابة دولارين, ويجدون الأسعار لبعض السلع داخل إسرائيل هي أرخص من عندنا, وأن البدائل عن هذه السلع الإسرائيلية غير موجودة في أغلب الأحيان, وفي هذه الحالة من أولها إلى آخرها هي من صنع الاحتلال وقوانينه الجائرة, وإجراءاته المتعمدة, بحيث تصبح حياة مواطنينا مستحيلة, وخاصة العائلات المتوسطة والقليلة الدخل, والأسر كثيرة العدد إنها جبهة جديدة يفتحها الاحتلال ضدنا, لتضخيم الأعباء, وتصعيب حياة الناس, وتفجير المشاكل.
من هنا، أقول ان الحلول تحتاج إلى إرادة واتساع أفق, وان الإجراءات الاقتصادية والمالية الذي يتخذها رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض يجب أن تراعي البعد الاجتماعي, وخصوصيات الحالة التي يعيشها أهلنا في الضفة, الذي يعمل الاحتلال من خلال منهج يريد من ورائه تدمير قواعد اقتصادنا الوطني, وتجاهل البعد الاجتماعي, والفئات الأكثر احتياجا.
أعتقد أن هذا الموضوع, أي وحشية الأسعار, هو قضية رئيسية على أجندتنا الوطنية, يجب أن يهتم بها الجميع, وأن يتحمل مسؤوليتها الجميع, وأن توضع في أول سلم الأولويات, لان إسرائيل تريدنا أن نغرق في مشاكلنا اليومية, وأن نطحن تحت وطأة لقمة الخبز, وبالتالي تتراجع قضايانا المصيرية إلى الخلف, ويفقد الاهتمام, وهذا هو جوهر الحرب القائمة الآن بيننا وبين الاحتلال الإسرائيلي في جبهات متعددة تبدأ بالاستيطان الذي يوشك أن يلتهم القدس, وتنتهي بغلاء وارتفاع الأسعار الذي يوشك أن يلتهم تفاصيل الحياة.
نريد حلا,نريد حلا موضوعيا شجاعا, ولا نريد تكرار الوصفات القادمة إلينا من هنا وهناك.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها