بيان صادر عن حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح/ مفوضية الإعلام والثقافة – اقليم لبنان
قامت قناة الجزيرة بشكل مفاجئ بنشر وثائق مفبركة تتعلّق باللقاءات التي كانت تتم حول طاولة المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، وقد أطلقت على هذه الوثائق صفة كشف الأسرار، ويأتي ذلك في محاولة مفضوحة من قناة الجزيرة لتشويه موقف القيادة الفلسطينية، ووضعها في موقع الإتهام.
لقد استخدمت الجزيرة أساليب مدانة ومرفوضة مهنياً وأخلاقياً لتحقيق غاياتها في إغراق الساحة الفلسطينية بإرباكات ومتاعب تزيد من التعقيدات الداخلية، والمخاطر القائمة بسبب غياب المصالحة من جهة، ومواصلة الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ مشاريعه التهويدية والاستيطانية من جهة ثانية، ويُهمنا في هذا الظرف الدقيق أن نوضِّح موقفنا كحركة فتح بكل مكوناتها وجماهيرها ونؤكد التالي:
أولاً: ليسَ جديداً بالنسبة لنا أن تتبنى قناة الجزيرة وجهة نظر معادية لسياسة "م.ت.ف"، ومنحازة لأي وجهة نظر تعادي المنظمة وقياداتها، وبعيداً عن الموضوعية، وعن مبادئ العمل الاعلامي والاخلاقية المعروفة.
ثانياً: لقد ردَّ الرئيس أبو مازن بشكل واضح على ما تم نشره والمتاجرة به بقوله : "لا أعلم من أين جاءت الجزيرة بأشياء سرية، ولا يوجد شيء مخفي على الأشقاء العرب، وعندما يحصل شيء نتصل بعدد من الدول، وبالسيد عمرو موسى ونطلعهم على ما يجري". وهذا الردُّ كافٍ لدحض كافة المزاعم التي يتم تسويقها من قبل قناة الجزيرة، فلا يوجد أسرار في هذا الموضوع، ولا توجد اتفاقات سرية، وما جرى من جلسات تفاوض لم تصل إلى اتفاق حتى الآن.
ثالثاً: من المعيب حقاً أن يتم الخلط بين الموقفين الفلسطيني والاسرائيلي من أجل تضليل المستمع العربي، والاعتماد على الخديعة والتزوير كوسيلة للتحريض، والتشويه، وزرع الفتنة في الصف الفلسطيني. فهناك موقف إسرائيلي، وبالمقابل هناك موقف فلسطيني واضح من مختلف القضايا النهائية، ولكن لا يجوز أن يتم تسويق الموقف الإسرائيلي على أنه موقف فلسطيني وفي ذلك قمة الخديعة والتزوير.
رابعاً: لقد جاء نشر هذه الوثائق المفبركة والبعيدة عن المصداقية في وقت تخوض فيه القيادة الفلسطينية معركة مَشرِّفة ضد الاستيطان والتهويد، وبعد أن اعتمد الرئيس أبو مازن تحديداً موقفاً واضحاً بعدم العودة إلى المفاوضات طالما لم تتوافر الأسس المطلوبة وهي وقف الاستيطان، ووجود مرجعية واضحة، وتحديد سقف زمني للمفاوضات، هذا الموقف المشرِّف أحرج الولايات المتحدة، كما أحرج الكيان الاسرائيلي، ووضعهما في خانة الاتهام، وتعطيل عملية السلام، وتحميلهما مسؤولية انسداد أفق المفاوضات، وللأسف جاء نشر هذه الوثائق المزوَّرة التي خضعت للتلاعب من أجل إنقاذ الموقف الاسرائيلي والأميركي، وإضعاف موقف القيادة الفلسطينية، وتقديم هذه الخدمة المجانية لأعداء الشعب الفلسطيني الذين يعملون ليل نهار لإرباك القيادة، واغراق الساحة الفلسطينية في صراعات جديدة.
خامساً: إنَّ نشر مثل هذه الوثائق المزوَّرة هي محاولة مكشوفة، ولن يكون لها التأثير المطلوب على الشارع الفلسطيني، لأنَّ شعبنا تعلَّم من تجارب الماضي، خاصة الفتنة التي أشعلتها قناة الجزيرة وحلفاؤها إثر إعلان تقرير غولدستن، وتخوين القيادة الفلسطينية، ومحاولة تشويه مواقف الرئيس أبو مازن، ثم إتضح الكذب والافتراء بعد ذلك. يكفي أن نؤكد بأن الرئيس أبو مازن يتميَّز بالمصداقية الكاملة، وقد أكد منذ انتخابه رئيساً للسلطة، ورئيساً لمنظمة التحرير، وقائداً عاماً لحركة فتح بأنَّ أي مشروع اتفاق يتم التوصل إليه مع الجانب الاسرائيلي سيتم عرضه للاستفتاء، وهذه ضمانة مستقبلية بأنَّ أي اتفاق لن يتم توقيعه إلاّ إذا كان يلبي طموحات الشعب الفلسطيني.
سادساً: إنّ القضية الأكثر إلحاحاً في هذه المرحلة هي إنجاز المصالحة الوطنية الفلسطينية، وتحقيق الوحدة الوطنية بين كافة الفصائل الفلسطينية، والتشجيع على الحوار الديموقراطي البنّاء بعيداً عن التجاذبات الخارجية. والمطلوب من الجميع تحصين الساحة الفلسطينية من الخلافات،والانقسامات، والمشاحنات، والفِتن حتى يكون بإمكان الكلِّ الفلسطيني أن يكون موحداً في مواجهة المخاطر التي باتت تهدد مقدساتنا، وشعبنا، ومستقبلنا.
نحن لن نستجدي قناة الجزيرة بأن توقف نشر مثل هذه الأوراق، وهي أوراق فتنة سياسية لا تخدم سوى الجانب الاسرائيلي، والخاسر في مثل هذه العملية هي قناة الجزيرة التي ستفقد ما تبقَّى من مصداقيتها بعد سلسلة مواقف عدائية سابقة لا تخدم الكفاح الوطني الفلسطيني، وانما تكرِّس الفتنة داخل الساحة الفلسطينية وفي أحلك الظروف.
إننا نؤكد وقوفنا ومعنا أبناء شعبنا الفلسطيني إلى جانب الرئيس أبو مازن خليفة الشهيد الرمز ياسر عرفات الذي يتعرض اليوم إلى ما تعرَّض له سابقاً الرمز أبو عمار، ونسجِّل اعتزازنا بالمواقف الجريئة ذات المصداقية في مختلف القضايا السياسية والوطنية، وندين ونستنكر كافة الحملات المشبوهة والتحريضية التي يتعرض لها من قِبَل جهات حاقدة لا تحبُّ الخير لنا ولشعبنا.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها