تضامنًا مع الأسير يحيى سكاف وسائر الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي أقيم مهرجان في مركز معروف سعد الثقافي بدعوة من التنظيم الشعبي الناصري الجمعة 2014/4/4، تخلله كلمات من وحي المناسبة ولوحات غنائية قدمتها فرقة صوت العودة الفلسطينية عن الأرض والحرية والمعتقلين.

 وحضر اللقاء إلى جانب أمين عام التنظيم الشعبي الناصري الدكتور أسامة سعد، أمين سر فصائل "م.ت.ف" وحركة "فتح" في لبنان فتحي أبو العردات، وعائلة الأسير يحيى سكاف، وممثلو القوى والأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية، وممثلو الجمعيات الأهلية والنسائية والشبابية، إضافة إلى حشد من المواطنين.

وبدأ اللقاء التضامني بالنشيدَين الوطنيَين اللبناني والفلسطيني، تلته كلمة للإعلامية لينا مياسي تطرقت فيها إلى رمزية يوم الأرض الخالد في تاريخ الشعب الفلسطيني، وأشارت إلى أن "التضامن مع الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال، الذين يتعرضون لأبشع أنواع القمع والقهر والبطش، يأتي للتأكيد على أن خيار المقاومة الذي مضى فيه هؤلاء الأبطال هو الطريق الصحيح لاستعادة الأرض والحفاظ على الثوابت الوطنية والقومية. ونحن نشيد ببطولات وصلابة هؤلاء الذين كانوا جسراً للعبور إلى الحرية"، عارضةً للبطولات التي جسَّدها الأسرى يحيى سكاف وأحمد سعدات ومروان البرغوثي وغيرهم في سبيل العودة ورفع راية فلسطين.

وختمت مياسي كلمتها بالتأكيد على أن "ما أُخِذ بالقوة سيسترد بالقوة، وأن المقاومة الفلسطينية وجدت لتبقى، وستبقى وتنتصر".

ثمَّ كانت الكلمة لشقيق الأسير يحيى سكاف الحاج جمال سكاف، استهلَّها بتوجيه التحية لأبناء صيدا والجنوب الصامد ولآل سعد، مشيدًا بالبطولات والتضحيات التي قدَّمتها مدينة صيدا في سبيل القضية الفلسطينية والدفاع عن الشعب الفلسطيني، ومؤكّدًا أن فلسطين كانت وستبقى قضية العرب والمسلمين وأحرار العالم حتى تتحرر ويعود شعبها إليها.

وأضاف سكاف "نحن وإياكم نحيي ذكرى يوم الأرض اليوم الذي وقف فيه الشعب الفلسطيني يدافع عن أرضه بشموخ يتحدى آلة الحرب والعدوان الصهيونية والذي لا يزال يحتل فلسطين الحبيبة، ويغتصب مقدساتها، ويعتقل في سجونه الآلاف من أسرانا وفي مقدّمهم عميد الأسرى اللبنانيين والعرب الأسير يحيى سكاف المعتقل في السجون الإسرائيلية منذ الحادي عشر من آذار 1978 أثناء مشاركته في عملية الشهيد كمال عدوان داخل فلسطين المحتلة، التي أسسوا فيها أول جمهورية فلسطينية كبّدت العدو الصهيوني خسائر كبيرة من الجنود والمستوطنين الإسرائيليين"، عارضًا للمعاناة التي واجهها الأسير سكاف طيلة 36 عامًا بحكم تنقّله بين السجون المظلمة وحرمانه من حقوقه التي تكفلها وتقرها القوانين المتعلّقة بالأسرى.

وأكَّد سكاف أن تحرير شقيقه وكل أسير لا يزال في السجون الإسرائيلية وكامل فلسطين سيكون من خلال مقاومة العدو الذي يسعى لتفتيت الأمة، مشدِّدًا على أن الانتصار سيتحقّق بإذن الله وعزيمة المقاومين وصبرهم، وموجّهًا التحية والشكر للجيش اللبناني وشهدائه الأبطال وللتنظيم الشعبي الناصري ولأمينه العام الدكتور أسامة سعد.

بدوره ألقى أبو العردات كلمة أشاد من خلالها بتاريخ مدينة صيدا النضالي وتضحيات أبنائها، مستذكرًا عددًا من الشهداء الذين سطروا بنضالهم ومسيرتهم أروع البطولات في سبيل فلسطين كمعروف سعد، ومحمد زغيب، والقائد جمال عبد الناصر.

وتطرق أبو العردات إلى ذكرى يوم الأرض، فقال: "يوم الأرض هو يوم استشهد في هذه الانتفاضة المباركة العديد من أهلنا في أراضي الـ48 عندما ثاروا ضد ممارسات العدوان واغتصاب الأرض وتوسُّع الاستيطان في جنين والنقب. هذا التراكم النضالي منع الاحتلال من استكمال مشاريعه التوسعية في اغتصاب الأرض، كما حصل سابقاً من خلال مشروع برافر الذي كان يهدد أهلنا وشعبنا.. ونستذكر الشهداء والأسرى، والأسير يحيى سكاف ورفاقه. تلك العملية الجريئة التي جرت على أرضنا الفلسطينية والتي حققت أول دولة فلسطينية تقام على شاطئ حيفا بطول 80 كلم. هذه المجموعة التي تحركت بقيادة المناضلة الشهيدة دلال المغربي، والتي شارك فيها أخوة من لبنان، وفلسطين، واليمن، والمغرب العربي، وكانت وجهتهم دائماً فلسطين. فأين نحن اليوم في هذه الذكرى عندما نستحضر عظمة هؤلاء؟!".

وشدّد أبو العردات على وجوب عدم إضاعة البوصلة الموجّهة نحو فلسطين وضد الاحتلال، مؤكّدًا أن الموقف الفلسطيني الرسمي والشعبي ملتزم بالثوابت الوطنية والحقوق غير القابلة للتصرُّف وبرفض الاعتراف بيهودية الدولة، موضحًا أن ذلك كان ما قد أكَّده سيادة الرئيس أبو مازن في آخر موقف أعلنه.

وشدَّد أبو العردات على أن "الأسير يحيى سكاف هو ابن فلسطين ولبنان، وأن الوحدة الوطنية الفلسطينية هي ليست شعار نرفعه، بل أداة فعل وعمل"، ولفت إلى أن "المستفيد الوحيد من عدم إنجاز المصالحة بين الضفة وغزة هي إسرائيل"، ونوّه إلى أن اللجنة التنفيذية كانت قد أقرَّت قرارًا يقضي بتوجه وفد برئاسة عضو اللجنة المركزية عزام الأحمد إلى غزة من أجل البحث بآلية لتطبيق الاتفاق الذي أُقِر في القاهرة وملحقاته في الدوحة، مضيفًا "وذلك بعد قيامنا بجولة على السياسيين في لبنان لمناقشة أوضاع المخيمات، وتعزيز العلاقات اللبنانية الفلسطينية، على قاعدة ما لنا وما علينا. ونحن نأمل أن لا نُخيّب أمل شعبنا في إنجاز الوحدة في أقرب فرصة"، ولافتًا إلى أن تعزيز العلاقات الفلسطينية اللبنانية جاء للتأكيد على أن قضية الشعب الفلسطيني هي قضية الأمة، وأن الفلسطينيين سيكونون رأس حربة في مقاومة الاحتلال، وأن "ثورتنا الفلسطينية عربية القلب، إسلامية الوجه، عالمية الامتداد".

وأكَّد أبو العردات أن حقنا في المقاومة هو حق مشروع، وأردف "لقد توجّهنا إلى 15 منظمة دولية بعد توقيع الرئيس أبو مازن من أجل أن تتمثّل فلسطين. وهذا التحدي إنما يعبّر عن إرادة وطنية رافضة لكل الضغوط الإسرائيلية والأميركية. فعندما وقّع الرئيس أبو مازن على الذهاب لهذه المنظمات قالت مصادر إسرائيلية أن أبو مازن قد قلب الطاولة، ونحن نقول أننا سنقلب الطاولة فوق رؤوس الإسرائيليين المحتلين بنضال أسرانا، والأسرى المحررين الذين خرجوا من السجون".

وحول المبادرة الفلسطينية، قال أبو العردات:" لقد تشرفنا بزيارة الدكتور أسامة سعد في مقره في صيدا عندما أعلنا من عين الحلوة المبادرة، وقلنا أننا يجب أن نبدأ من صيدا لأن صيدا تحتضن الشعب الفلسطيني بكل كبرياء وعنفوان. ولأن قافلة الشهداء في عين الحلوة وصيدا هي واحدة ولا تتجزأ على كافة المستويات. لقد زرنا الفاعليات في لبنان من كل الأطياف كما زرنا الفعاليات في صيدا، ولمسنا منهم كل الدعم من أجل إنجاح المبادرة الفلسطينية. ونحن إذ نعتبر أن هذه المبادرة إنما هي مبادرة لبنانية فلسطينية مشتركة. ونحن نقول أن هذه المبادرة ستكون فاتحة أمن وأمان واستقرار دعماً للسلم الأهلي في هذا البلد الحبيب لبنان، وستوفّر الدماء التي تسقط في غير موقعها. ونحن نؤكد  أن أي تفجير داخل وخارج المخيم هو عملية مُدانة بكل الأشكال لأنها تروع المواطنين والأطفال وتهدد أمن الناس".

وبالنسبة لما يجري في سوريا، أمل أبو العردات أن تنهي الأحداث قريباً حتى تعود لسوريا وحدتها وموقعها، وتأخذ دورها مع الأشقاء العرب في دعم الشعب الفلسطيني، لافتًا فيما يتعلَّق بالنازحين إلى أن القيادة الفلسطينية تقوم بما يمليه عليها ضميرها وتتابع أوضاعهم مع الدول العربية بخصوص موضوع الكفالات وتأمين مقومات العيش الكريم، منوّهًا إلى أن المجتمع الدولي والأشقاء العرب والأونروا يتحملون المسؤولية تجاههم، وخاتمًا بتوجيه التحية لشهداء يوم الأرض وللأسير يحيى سكاف وعموم الأسرى ولشهداء المقاومة.

كذلك ألقى الدكتور أسامة سعد كلمة استهلَّها بتوجيه التحية إلى شهداء يوم الأرض والمقاومين والأسرى والمعتقلين الصامدين في زنازين العدو وبينهم البطل يحيى سكاف والقائد أحمد سعدات والقائد مروان البرغوثي، مؤكّدًا ضرورة توجيه البوصلة نحو فلسطين، وتوجيه البندقية نحو العدو الصهيوني.

 ودعا سعد لتوحيد الطاقات تحت راية المقاومة في مواجهة الخطر الصهيوني الذي يسعى لاستكمال تهويد فلسطين ويهدد لبنان في سيادته وأرضه وثرواته، و"المخطط الاستعماري الصهيوني العربي الرجعي الذي يمعن في إثارة الفوضى والفتن الطائفية والمذهبية، وتفجير النزاعات في البلدان العربية، بهدف تصفية القضية الفلسطينية وتوفير الأمن للكيان الصهيوني، ومواصلة نهب موارد البلدان الطبيعية، ولا سيما الموارد النفطية"، مشيرًا إلى أن "الجماعات الظلامية الإرهابية التي تتلطى وراء ستار الدين والمذهب إنما تخدم أهداف الحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي العربي"، ومضيفًا "الجميع يتساءل: لماذا توجِّه تلك الجماعات عملياتها الانتحارية وغير الانتحارية ضد المدنيين العزل، أو ضد حواجز الجيش اللبناني، ولا تنفذ أي عملية ضد جيش العدو الصهيوني؟ ولماذا تنفق الأنظمة العربية الرجعية الأموال الطائلة لتسعير نار الفتنة في سوريا، ومصر، وليبيا، وتونس، ولبنان وغيرها من البلدان، لكنها تبخل في تقديم أي شيء لمواجهة التهديدات الصهيونية، أو لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني في القدس والضفة وغزة أو في الشتات؟!".

ونوَّه سعد بالانتصارات التي حققتها المقاومة في لبنان وفلسطين، وبالانتفاضات الشعبية في عدد من الأقطار العربية، لافتًا إلى أنها تمثّل إنجازات كبيرة الأهمية لمصلحة الشعوب العربية وكفاحها المديد ضد الصهيونية والاستعمار وأنظمة التبعية والاستبداد، وتحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، لافتًا إلى الرد الصهيوني على هذه الانجازات من خلال إثارة الفتنة المذهبية ومحاولة حرف الانتفاضات الشعبية عن مسارها، داعيًا الحريصين على مصالح لبنان وشعبه وسلمه الأهلي، بذل كل ما في وسعهم لتجنيب الوطن مآسي الفتنة والفوضى الهدامة.

وطالب سعد الحكومة اللبنانية بتوفير الغطاء السياسي الكامل للقوى العسكرية التي تقوم بتنفيذ الخطة الأمنية في طرابلس والبقاع الشمالي،كما طالب بالتوقف عن توفير الرعاية للجماعات المسلحة، لافتًا إلى أن المشهد الذي حصل مؤخرًا حيثُ تبادل أهالي التبانة وجبل محسن عبارات الحب والتقدير والوفاء والوحدة والتماسك ورفض الفتنة إنما هو رسالة تؤكّد أن عوامل الوحدة بين أبناء الشعب الواحد أقوى من الفتنة.

وأعلن سعد عن تأييده لمطالب المياومين في مؤسسة الكهرباء وهيئة التنسيق النقابية وغيرها من المؤسسات، مطالبًا بتحقيق مطالب سائر الفئات الاجتماعية، ولا سيما "ذوي الدخل المحدود الذين يعانون أشد المعاناة نتيجة للازمة الاقتصادية والاجتماعية التي تتحمل السلطة المسؤولية عنها".

وختم سعد قائلاً: "نشدّد على الثقة بقدرة الشعب اللبناني وبقية الشعوب العربية على تحقيق الانتصار على التحديات الخطيرة التي تواجهها، سواء أكانت من الداخل أم من الخارج. كما نشدد على الإيمان بحتمية انتصار خيار المقاومة ضد العدوانية الصهيونية والاستعمارية، ولنا كل الثقة والأمل بالنصر الآتي ولو بعد حين.. فالغد المشرق هو ملك الشعوب المناضلة والمقاومة... أما الصهيونية العنصرية والرجعية الظلامية والهيمنة الاستعمارية فإلى الزوال".

واختتم اللقاء التضامني بباقة من الأغاني الوطنية قدّمتها فرقة صوت العودة بالتعاون مع فوج الإنقاذ الشعبي في مؤسسة الشهيد معروف سعد، والهلال الأخضر اللبناني.

كما قدّمت لجنة وعائلة الأسير يحيى سكاف صورة الأسير يحيى سكاف للدكتور أسامة سعد عربون وفاء وتقدير.