ما حدث في الدوحة عمليا لم يكن اتفاقا جديدا، بل هو جهد قطري اضافي لدفع عملية المصالحة بين حركتي فتح وحماس وعلى هامشه جرى تصالح بين التيارات الثلاثة المتنافسة داخل حركة حماس، حيث دعمت قطر خط خالد مشعل السياسي وتريد تكريسه رئيسا للمكتب السياسي للحركة لأنه ينتهج خطا سياسيا براغماتيا معتدلا يستطيع بواسطته مخاطبة العالم. فما حدث فعلا هو ان قطر عراب الربيع الشعبي العربي رعت ربيعا داخل حركة حماس ولكن في قمة الهرم القيادي لحماس وليس في قواعدها، اذ كانت هناك ثلاثة تيارات، الاول، يقوده محمود الزهار الذي يرى في نفسه الوريث الشرعي للزعيم المؤسس احمد ياسين ويراوده حلم تزعم الحركة، والثاني، تيار يقوده اسماعيل هنية الذي رأى في نفسه زعيما لحركة حماس بعد سنوات من ترؤسه لحكومتها. ولعل جولتيه الاخيرتين في الخارج، كانتا لترويج نفسه دوليا بعد ان ظل في عيون بعض رفاقه في غزة مجرد خطيب مسجد. والتيار الثالث، هو تيار خالد مشعل الأكثر احتكاكا بالعالم الخارجي والأكثر قدرة على قراءة التطورات السياسية.

ولعل قطر التي رعت حماس وانقلابها منذ البدء أكثر دراية بأن شعارات الزهار وهنية عن التمسك بالمقاومة مجرد كلام، لأنهم عمليا لم يقاوموا مثلهم مثل النظام الاسدي .. وبالتالي، فان معارضة مشعل تحت شعار التمسك بالمقاومة قد تنطلي على العامة والسذج لكنها لا تنطلي على قطر التي تعرف «الفرقان» وما حوله من تجارة السلاح والأنفاق والامتيازات وصراع الملايين بين أمراء الحرب. ولهذا استخدمت الترغيب والترهيب لاسكات الأصوات المعارضة للمصالحة ولخالد مشعل شخصيا .. وقبض من قبض .. وارادت من وجود الرئيس ابو مازن تأكيد جهودها في دفع المصالحة ولم يتضمن اعلان الدوحة جديدا باستثناء ان الرئيس ابو مازن سيتولى تشكيل حكومة المستقلين وهو أمر كان الرئيس يريد الابقاء عليه سرا كحل أخير في حالة عدم التوافق على تسمية رئيس وزراء.

عمليا، نجحت قطر في فرض تصالح داخل حماس برعاية «كافكو» وهي وقد تجشمت هذا العناء، لا بد لها من مراقبة التنفيذ على الأرض لأن مراكز القوى المتعددة التي نمت في بطن حماس ليست في وارد المصالحة او التنازل عن الامتيازات والانفاق والمكوس الطيار وآن الأوان لكي تلتفت قطر الى السلطة الفلسطينية ككل وتدعمها ماليا. وعلى أية حال، شكرا لقطر على تحركها هذا الذي يضمن لها اعادة مصداقيتها في الشارع الفلسطيني