بقلم : فراس حج محمد

لا تعدّوا الوردْ

فما زالتِ الطريقُ طويلةً

لا نحن تعبنا

ولا هم يسأمون...

ثمّةَ أُناسٌ طيّبونَ ههنا

يغرّدونَ بما أوتوا من الوحيِ، السذاجةِ، الحبِّ الجميلْ

ويندمجون في المشهدْ

ويقاومون...

ويعترفون: الليلُ أجملُ ما فيه أنّ الجوّ باردْ

مع التغريدِ في صباحٍ أو مساءْ

عصرنة النداءْ

يقولُ الحرفُ أشياءً

ويُخفي

وتُخْتَصَرُ الحكايةُ كالهواءْ

يظلّ الملعبُ الكرويُّ

مدّاً

تُدَحْرِجُهُ الغِوايَةُ في العراءْ...

مهاجرٌ؛ لاجئٌ من هناك

التقيته صدفة هنا

مررتُ به عابراً في موقعٍ للصورْ

أيّها الأصدقاءُ

أخيراً وجدته ملقىً حيث لا أحدٌ يمرّ عليهِ

لا تعليقَ، أو إعجابْ

سمعته يهذي فقط...

كلّما ماتَ شاعرٌ تذكّرتُ أنّني ما زلتُ حيّاً

وأنّ دوري قريبٌ قريبْ

ربّما لم يُتَحْ للأصدقاءِ قراءةُ قصائدهم في رثائي المفاجئ

موت أبي في "عُقْدَةِ السبعينْ"

هدّ فيّ ركنَ الحياة الثابتةْ

ورحيل أختي الكبيرةِ في خمسينيّتها القصيرة

أوردني على مِنَصّة عزرائيل

واقفٌ الآن على أبوابهِ لأشرب كأس موتي الأخير

وستون ألفَ شهيدٍ على شاطئ البحر

جعل الحياة مجرّد صدفة كاحتمال دَعْسِ نملةٍ في الطريقْ

مَنْ ذا الذي سيضمن لي إذاً أنّي سأرثي الأصدقاءَ

أمجّدُ الشعراءَ

أو حتّى أفاخرَ الأعداءَ على هوامش النصّ الصغير

بينما كنتُ بعيداً مثلَ موجٍ ضائعٍ

كنتُ أبحثُ عن رمالي

كنتُ أسرحُ في شتاتي

كنتُ أستعوي الليالي

كنتُ أستبقي خيالي

عندما هزّ الرحيل ضفاف قبركِ في ارتحالي

كنتُ أختبرُ احتمالي

لا تقتليني مرتينْ

ليموتَ فيّ هذا الحدسْ

يكفي أنّني سأموت دون الماءْ

فترفقي بعمري الهشّْ

فهواجسي وحش تجرّع من دمائي

أنداحُ في الأفكار صلبَ البأسْ

أجيبيني على مَهَلٍ...

فهل ما زلتِ مثلَ الأمسْ؟

آذار هذا، هو أنت:

تخدعُ، تكذبُ، تضحكُ

تسرق منّا بعضنا وتزهرُ نوّار لوزْ

وتقولُ: إن الوردَ هذا الدمْ