نعم إن فلسطين تعج بالشرفاء، الذين قاتلوا، وانتفضوا، وتظاهروا، وتهجروا، وافترشوا الأرض والتحفوا السماء. فلسطين كانت وما زالت أرض المحبة والسلام. لكن قدرها مع غزاة أم يتركوها بسلام ومنذ فجر التاريخ، حتى عودة عيسى عليه السلام من السماء، حيث يعم الأمن والسلام والحرية والرخاء. وثانيهما تلك الفئة الضالة التي لم تتوقف أبدًا عن التنقل في اصطبلات العواصم، وموائد التآمر وتضع العصي في الدواليب لتعرقل مسيرة التحرر والنضال، وتبقى حلقة من حلقات التآمر على مسيرة شعبنا الفلسطيني، ويعلو نباحها مع كل إنجاز. لا يمكن أن تجني من الشوك العنب، بل هو المستحيل، بمعنى أنه لا يمكن إصلاح الفئات الضالة والهدامة في مجتمعنا الفلسطيني.
بكل بساطة لا نريد أن نتحدث عن جمهورية أفلاطون المثالية في العلاقات الداخلية، كل المجتمعات تدب فيها اختلاف الآراء، مع اختلاف الألوان والمشارب، والتوجهات، وهذا مصدر صحي لنمو وتطور المجتمع، في الخلاف يبرز دائمًا الأفضل. فيقال أن رأسين أفضل من رأس واحدة، بمعنى أن يلتقي إثنان على موقف أفضل من واحد، وهي الشورى والتشاور. قال الله تعالى: "وأمرهم شورى بينهم". لماذا لأن الجمع هو الأحق وهو الصواب، وهكذا تبنى الدول والشعوب وتتطور. كل ذلك في إطار المجتمع، وليس من الخارج، ومن خلال دعم الدول والإطارات التي تعزز من الفرقة أصلاً، وتطعن خناجرها في خاصرة الوطن. الرأي هنا، والاختلاف هنا، وبغض النظر من هي تلك الدول التي تستضيف التجمعات، وتبنى فيها الجمعيات، والأطر السياسية وغيرها، والإقامة على موائدها وتمويل وجودها في خارج دولة فلسطين.
أبدًا لم تتوقف المكائد، ولم تتوقف المؤمرات، ولكن المسير قائم، والانجاز ما كتب الله لنا أن ننجز، ولكننا نحاول ونبني على هذه الأرض. لماذا لأنه الوطن، ولأن الوطن يستحق. لن أتحدث عن تاريخ الثورة الفلسطينية وقيادتها العتيدة وماذا قدمت من أجل فلسطين؟ يكفي أن نقول أن هذه القيادة انكفأت في وجودها على أرض فلسطين، وفي الثغور، ودفعت أرواحها ثمنًا لاستقلال القرار الفلسطيني. وتوارث هذا الكنز العظيم قادتها، واستشهد من أجل ذلك بأيدي الأعداء والمتآمرين والمتساوقين مع أعداء الأمة والشعب، كل القادة عبر تاريخها المجيد.
إسألوا التاريخ من يذكر من القادة الفلسطينيين العظام، لقد شمخت أسماء في التاريخ من أمثال كمال عدوان، أبو يوسف النجار، ياسر عرفات، أبو إياد ، أبو جهاد، الرنتيسي، الشيخ أحمد ياسين، وكل القادة العظام لا ننكرهم وسنبقى نذكرهم وكتبوا أسماؤهم بأحرف من نور كان همهم فلسطين، ارتعدت منهم كل المرتجفة والمتآمرة على القضية، اليوم من يريد أن يساهم في بناء الدولة فليأتي إلى أرض فلسطين، هنا الصراع، هنا نعيش، وهنا نموت.
أبواب العواصم وفنادقها مفتوحة كلها لإقامة المؤتمرات والمؤامرات، كل الأسماء والعناوين لامعة وجذابة تحت شعار فلسطين ولكنها عندما تكون بعيدة عن الشرعية فهي فخ، وكلمة حق يراد بها باطل. هي فاشلة كما هم فاشلون وعلى صخرة الصمود والتصدي تتحطم كل تلك المؤامرات، وترتد إلى نحورهم بعون الله.
نحن نحب أن يشارك الناس والفعاليات المؤسسية والعلمية والثقافية في مؤتمرات وحلقات علمية في كل مكان وفي أي زمان من أجل النهوض والاستنهاض، لكن المؤتمرات وتحت مسميات جذابة من أجل الشعب الفلسطيني من خلف القيادة الفلسطينية، بتمويل دولي أيًّا كان، هو برنامج ذو أهداف خارجة عن المنظومة الوطنية، وتدخل سافر في الشأن الفلسطيني. ومن يرغب في دعم الجهود الوطنية، فأرض الوطن قائمة وهي الأحن وحضنها الأدفى، رغم برودة الطقس، وقلة الموارد. على هذه الأرض ما يستحق الحياة. كانت تسمى فلسطين صارت تسمى فلسطين.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها