أخطرُ قلمٍ بعد قلمِ بلفور، قلمُ ترامب متعددُ الاستخداماتِ، فتارةً يستخدمه للتوقيعِ على منحِ القدسِ عاصمةً للاحتلالِ، وتارةً لرفعِ الدعاوى عن المستوطنينَ وتبرئتهمِ من جرائمهم، وتارةً يستخدمه للتشبيهِ بينَ طاولةِ مكتبهِ من حيثِ المساحةِ، وقلمهِ في استقطابِ عاطفةِ العالمِ تجاهَ ما أسماهُ صغرَ مساحةِ الكيانِ، وتارةً يتهددُ ويتوعدُ الدولَ بوقفِ المساعداتِ والمنحِ الماليةِ، وفي كلِ ساعةٍ يخرجُ علينا بقرارٍ جديدٍ يزلزلُ الشرقَ والغرب، ويتوعدُ العالمَ بخططٍ جهنميةٍ لا حصرَ لها.
خطرُ ترامب على العالمِ في كافةِ النواحي الاقتصاديةِ والسياسيةِ والاجتماعيةِ والأمميةِ، وهو الخطرُ الأكبرُ الذي يتهددُ الكوكبَ، فهو جنونُ العابثِ الذي منذُ توليهِ الحكمَ لا يأبهُ بتصريحاتهِ، وخططهِ التي تستهدفُ النظامَ العالميَّ والدوليَّ، وعلى وجهِ الخصوصِ فإنَّ جملةً من تصريحاتهِ استهدفتْ فلسطينَ قضيةً وشعبًا خاصةً بعدَ لقائهِ مع نتنياهو، حيثُ أعلنَ جهارًا عن خططهِ المزعومةِ الراميةِ إلى تهجيرِ شعبِنا خارجَ أرضهِ ووطنهِ، والاستيلاءَ على قطاعِ غزةَ ليس لصالحِ الكيانِ فحسبُ بل لصالحِ أميركا أيضًا، وهذا شكلٌ من أشكالِ الهراء الذي يقومُ بطرحهِ عجوزُ البيتِ الأبيضِ الخرفِ، فقضيةُ شعبِنا لا تُشطبُ بجرةِ قلمٍ، مهما كان شأنُ صاحبِ القلمِ، ولأنَّ مصيرَ الشعوبِ تتحققُ على الأرضِ فلا هجرةً ممكنةً، ولا تهجيرًا لأيِّ مكانٍ في العالمِ، ومثلما سقطتْ مؤامراتٌ أكبرُ خلالَ السنوات الماضيةِ، فإنَّ هذهِ المؤامرةَ سوفَ تسقطُ لا محالةَ، وما هذه التهديدات الرعناء إلا شكلاً مارقًا فظًا، ونوايا خبيثة لن تتحقق.
إنَّ خطرَ عجوزِ البيتِ الأبيضِ على العالمِ بأسره، لا يقلُّ عن خطره على قضيةِ شعبِنا، فهو يتهددُ ويتوعدُ القارات، الجيرانَ والأصدقاءَ والأعداء على حدٍّ سواء، من منظورِ رجلِ الصفقاتِ الذي يتعاملُ مع الكونِ على أنه مجردُ صفقة.
تصريحاتُ ترامب تمثلُ مكافأةً كبرى لحكومةِ الاحتلالِ التي ارتكبتْ جرائمَ حربِ الإبادةِ الجماعيةِ في غزة، وبدلاً من تقديمِها للعدالةِ الدوليةِ ومحاسبتِها، يخرجُ عجوزُ البيتِ الأبيضِ ليكافئَ نتنياهو وحكومته، في مسعى التطهيرِ العرقيِّ وتهجيرِ الشعبِ الفلسطينيّ، وهذا هو ترامب القادم مرّةً أخرى، بسياسةٍ أكثر عنصريةٍ وانحيازٍ أعمى.
زيارةُ نتنياهو للبيت الأبيض حصدت جملةً من التصريحات، وحصلَ خلالها على الوعودِ لصالحِ الكيان، وكل ما قاله ترامب هو عبارةٌ عن موافقةٍ كاملةٍ لمشاريعِ اليمينِ العنصريِّ المتطرف، وقد تجاوزَ كلَّ الأعرافِ والقوانينِ الدوليةِ والأممية، وتجاوزَ حقَّ الشعبِ في تقريرِ مصيره، وهو يؤيدُ بذلك التطهيرَ العرقيَّ والإبادةَ الجماعيةَ، معتقدًا أن القضايا الكبرى يمكن أن تحلَّ بجرةِ قلمٍ، كقلمِ ترامب الذي يدفعُ العالمَ ليصبحَ غابةً من الوحوشِ، يأكلُ القويُّ الضعيفَ ويطرده من أرضه ويستولي عليها. فمن يأخذُ قلمَ ترامب من يده؟ قبل أن يزدادَ العالمُ خرابًا.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها